تفجيرات سيناء من وراءها وصاحب المصلحة فيها؟

وقعت ليلة 7 ـ 8 تشرين الأول الجاري ثلاثة تفجيرات في سيناء المصرية كان أكبرها التفجير الذي استهدف فندق «هليتون طابا» المصري الذي يؤمه عدد كبير من الإسرائيليين ومن الأجانب، وقد أجملت وزارة الداخلية المصرية في بيانها أن ضحايا الحادث بلغوا 34 قتيلاً و 105 مصابين إضافة إلى عشرين من المفقودين.

من هم وراء التفجير؟

لقد تباينت الآراء والاجتهادات حول من وراء هذه التفجيرات ومن صاحب المصلحة فيها؟

فالحكومة الإسرائيلية سارعت إلى اتهام «تنظيم القاعدة» كما أنها سحبت من التداول، كما تفعل عادة، اتهامها للمنظمات الفلسطينية، وفي الوقت ذاته كالت المديح لمصر، بدلاً من اتهامها بأنها وراء الحادث، ودعا شارون الرئيس المصري حسني مبارك إلى التعاون في مكافحة الإرهاب، ورأى المراسل السياسي للقناة التلفزيونية الثانية الإسرائيلية أن شارون يرمي إلى تحقيق غرضين:

أحدهما يتمثل في مراعاة مصر لتسهيل عمليات الإنقاذ والتحقيقات التي قد تستغرق وقتاً طويلاً للإحاطة بكل جوانب العمليات في سيناء وثانيهما إشراك مصر في مساعي «محاربة الإرهاب الدولي» في سيناء من خلال محاربة التهريب والبنية التحتية التي سهلت تنفيذ هذه العمليات، وأن هذه المشاركة ستقود إلى تحقيق غرض إسرائيل «في سد قناة تمويل العمليات في فلسطين وقناة دعم الانتفاضة بالسلاح».

أما القاهرة فقد أبدت تحفظات على محاولات إسرائيلية لاستباق نتائج التحقيقات في الحادث، والتسرع بتوجيه الاتهام إلى «تنظيم القاعدة» وترجح المعلومات التي توفرت لدى أجهزة التحقيق المصرية ضلوع طرف أجنبي، لم يشر إليه من قريب أو بعيد، في التخطيط والتنفيذ، وربما بمساعدة عناصر مصرية، وقال ناطق مصري بأن التعاون بين مصر وإسرائيل بشأن الحادث يقوم على الجانب الإنساني، وتسهيل مغادرة السياح الإسرائيليين الراغبين في العودة إلى بلدهم وتسليم جثث الضحايا والتعرف عليها، أما التعاون في المجالات الأخرى فيقتصر على إحكام السيطرة على الحدود بين الجانبين.

وأما جماعة الإخوان المسلمين بمصر فكان لها رأي آخر، إذ اتهمت جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» بتدبير عمليات التفجير واعتبرت شارون المستفيد الأول منها، وأن أحد أسباب التفجير هدفت إلى صرف الأنظار عن المجازر البشعة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة و التي راح ضحيتها أكثر من 400 فلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ، وكذلك الأمر «الربط بين المقاومة الوطنية المشروعة للاحتلال وبين شبح الإرهاب المنتشر في العالم، بفعل السياسات العدوانية التي تمارسها الإدارة الأمريكية»، وقد اعتبر كثير من الخبراء أن العدوان على العراق لم يقض على الإرهاب بل زاده استفحالاً، ولذلك فإن من يصفون الإدارة الأمريكية بأنها رأس الإرهاب ومشجعه في العالم هم على حق.

وثمة سبب أخر يوجه الاتهام نحو الموساد الإسرائيلي هو محاولة إسرائيل ضرب السياحة المصرية وتجييرها لصالح السياحة الإسرائيلية، وخاصة الموجة السياحية الإسرائيلية التي تتدفق على سيناء منذ اندلاع انتفاضة الأقصى والتي تقدر بمليون إسرائيلي عام 2004 الأمر الذي أثر سلباً على السياحة داخل إسرائيل وأدى إلى شكاوى عديدة من قبل شركات السياحة، وبعد هذه الضربة ستصبح هذه الشركات ومعها الاقتصاد الإسرائيلي المستفيد الأول من هروب هؤلاء السياح من مصر، ومن هنا ندرك ماوراء تحذيرات الخارجية الإسرائيلية والأجهزة الأمنية للإسرائيليين في عدم الذهاب إلى سيناء خوفاً من اضطرابات أمنية، ولكن صحيفة «هاأرتس» نقلت عن السياح الإسرائيليين العابرين إلى طابا قولهم: إن الأوضاع في إسرائيل تهدد أمنهم بدرجة أكبر، وكان حادث طابا مفاجئاً لهم، وهذا ماهدفت إليه الحكومة الإسرائيلية وهو تخويف الإسرائيليين من تمضية عطلاتهم في سيناء المصرية ودفعهم إلى اللجوء للمنتجعات الإسرائيلية.

وهكذا يتبين أن توجيه أصابع الاتهام إلى الموساد الإسرائيلي ليس بعيداً عن الواقع، وأنها بهذا العمل الإجرامي قد ضربت عدة عصافير بحجر واحد وأهمها توجيه ضربة للسياحة المصرية لصالح السياحة الإسرائيلية وشركاتها التي تعمل في هذا الميدان، وبهذا الشكل فإن إسرائيل لاتعرف إلا مصالحها وهي على استعداد لضرب مصالح الآخرين بعرض الحائط بدون أن يرف لها أي جفن.

الصلح مع الحكام لا مع الشعب

 

ولذلك ليس مستغرباً أن اتفاقية كمب ديفيد التي وقعها السادات وكان أول ضحاياها كانت بين الحكام فقط لابين الشعب المصري والإسرائيليين، فقد ظل الشعب المصري على عداء تام لهم، ورفض أي تعاون معهم، وقد قال علاء فتحي أحد عمال الدفاع المدني نعمل معهم جنباً إلى جنب، لكنني أتخذ حذري منهم، ومستعد لقتلهم إذا لزم الأمر، وقال رمزي فالح: قلوب الإسرائيليين مليئة بالكراهية ضدنا، انظر مايفعلونه بالفلسطينيين، وأضاف يحيى أحمد أحد المسعفين: إنه كان يتعين علينا ألا نسمح لهم بالوجود هنا، حتى ولو كان هؤلاء قتلاهم، وتساءل: هل كانوا سيفعلون الشيء نفسه معنا؟ هذا محال، هذه إهانة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232