التشدد مع «الأشقاء» والتفريط مع الغاصبين

تأخذ الضغوط على سورية أشكالاً مختلفة بدءاً من الولايات المتحدة ومروراً بتهديدات إسرائيل بضرب سورية من الداخل وانتهاء بالضغوط التي يمارسها الأشقاء العرب، وخصوصاً المملكة الأردنية الهاشمية.

حيث يثير هذا الشقيق الجنوبي في هذه الظروف الحرجة مطالب تتعلق بوقف ماتدعيه عمليات تسلل مسلحين عبر الحدود واستعادة 125 كيلو متراً مربعاً تقول عمان إن الجانب السوري استولى عليها نتيجة إزاحة خط الحدود باتجاه الجنوب.

وقد استضافت دمشق وفداً أردنياً وعقدت اجتماعات شارك فيها موظفون من وزارتي الداخلية وكبار ضباط الجيش والأمن العام من كلا البلدين، ويرغب الأردن في الارتكاز إلى اتفاقية سايكس بيكو البريطانية الفرنسية التي تقاسمتا فيها البلدان العربية تحت اسم الانتداب.

وقد جاء هذا التطور بعد شهرين من الزيارة التي قام بها فيصل الفايز رئيس الوزراء الأردني إلى دمشق، وطالب فيها بحل أزمة الحدود العالقة منذ سنوات، ويجادل الأردن بأن سورية تداخلت صوب أراضيه بمساحة 125 كم قرب قرية بليدة من أعمال درعا.

إن إثارة هذه المسائل، في هذا الوقت بالذات حيث تتعرض سورية لضغوطات وتهديدات أمريكية جدية تأتي إثارة الطلبات الأردنية لتصب في هذا الاتجاه، في الوقت الذي تتهاون مع العدو الصهيوني الغاصب، بالاستناد إلى الاتفاقيات الاستعمارية التي مزقت بلاد الشام وحولتها إلى مناطق نفوذ باسم الانتداب للمستعمرين الإنكليز والفرنسيين، ومن الجدير بالذكر أن الإنكليز هم الذين خلقوا هذه الإمارة وأخرجوها إلى حيز الوجود، بعد الثورة العربية التي قادها الشريف حسين بالتعاون مع الإنكليز لطرد العثمانيين من البلاد العربية، وعينوا الأمير عبدالله، أحد أبنائه أميراً على هذه البقعة التي عرفت باسم شرقي الأردن ثم حولها الإنكليز إلى المملكة الأردنية الهاشمية. بعد أن رفعّوا الأمير عبدالله إلى ملك، وكان هذا الملك، وجد الملك حسين والد عبدالله الثاني قد أمر بسحب الجيش الأردني عام 1948 من مدينتي اللدوالرملة وسلمهما للإسرائيليين، وقد نال جزاءه على يد أحد الشبان الفلسطينيين.

 

ولذلك ليس مستغرباً ولامستهجناً أن يطل حكام الأردن برؤوسهم ليشاركوا في التآمر على سورية الأبية تحت حجج واهية ومفضوحة، وكما يقال: فوراء الأكمة ماوراءها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232