تصبحون على وطن... عالوحدة ونص!!..

ثلاجات الموتى تكتظ بالشهداء.. وشارون يعطي ضوءاً أخضر إضافياً لتوسيع العدوان.. وحصيلة (أيام الندم) الشارونية كانت في اليوم الخامس 74 شهيداً.. هذا في فلسطين.. مع استمرار مسلسل القتل العراقي بعد أن بدأ (بعاصفة الصحراء).. ليتبعها (ثعلبها).. وصولاً إلى (قانون تحرير العراق). 

في السابع عشر من كانون الثاني 1991 بدأت عملية (عاصفة الصحراء)، عندما شنت طائرات أمريكية وبريطانية وأخرى حليفة حملة مكثفة من القصف الجوي والضربات الصاروخية.. وأعلن الرئيس جورج بوش الأب حينها «إننا لن نفشل»!.. أما الرئيس العراقي صدام حسين فقال: «إن أم المعارك تجري الآن»!. 

استخدمت في تلك الحرب صواريخ (كروز) لأول مرة حيث كانت تطلق من سفن حربية أمريكية في منطقة الخليج (تعبيراً عن التضامن العربي)!!... انطلقت الطائرات المقاتلة والقاذفة والمروحيات الأمريكية والبريطانية والسعودية لتدمر مئات الأهداف... ونفذت طائرات التحالف أكثر من 116ألف غارة وألقت ما وزنه 85 ألف طن من القنابل. وكانت نسبة 10% من هذه القنابل مما يعرف بالقنابل الذكية التي تُطلق نحو أهدافها عن طريق أشعة ليزر موجهة من طائرة ثانية.. وأثبتت تلك القنابل أنها ذكية جداً في قراءة المستقبل... فكانت تحصد المئات من الأطفال والنساء وهي في طريقها «لهدفها العسكري».. للإجهاز على فعل المقاومة قبل ولادته... 

كانت الصور التي يلتقطها البنتاجون للصواريخ المنطلقة وهي تتجه نحو أهدافها، تبث مباشرة عبر الفضائيات في جميع أنحاء العالم بوكالة حصرية لشبكة CNN... وحققت للمشاهدين العرب عرضاً مثيراً لم يشاهدوه في أي من دور السينما أو ألعاب الأتاري...

 ■ ولم تمر تلك التجربة دون فائدة.. فانطلقت عشرات المحطات الفضائية العربية لتبث أغانيها الساخنة تحريكاً لدماء ملايين العرب. .. ولم تكتف بالصوت والصورة، فأضافت شريطاً من الرسائل بين الأشقاء العرب ليتبادلوا من خلاله مشاعرهم القومية:

ـ مزيون البحرين: أبغي عراقية..

ـ سلطان: نكمل بالليل، الحين يطلع..

ـ حابب أتعرف على بدوية دلوعة..

ـ ليش ماجاكي نوم يادبيبتي؟!..

ـ بليز كونترول ياطير..

ـ مطلوب عروسة.. الطول سمسم.. الوزن كلي.. العيون غزاله.. الخشم سيف الوجه... ماس الرموش ذباحة...

ـ للمطلقة: وصلك الرقم ولا لأ؟!.. بوسة وخليني نام...

■ وتتالى الأشرطة الإخبارية في أسفل الشاشات الفضائية:

ـ شارون: إسرائيل لن تجري أي تسوية على حساب أمن مواطنيها..

ـ أنان: يطالب الفلسطينيين بوضع حد لإطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية...

ـ اسرائيل تعتقل 13 موظفاً من موظفي الأمم المتحدة في غزة بتهمة الإرهاب.

ـ الشعلان (وزير دفاع حكومة العلاوي): حققنا نصراً في السامراء والمناطق العراقية في القضاء على متمردين من جماعة أبو مصعب الزرقاوي (وأطباء المشافي العراقية يتحدثون عن مقتل أعداد كبيرة من الأطفال والنساء والشيوخ)!!..

ـ الشعلان (نفس المذكور أعلاه): تم إلقاء القبض على 42 أجنبياً في العراق منهم 18 مصرياً و18 سودانياً وسوريين... و... 

ـ العرب يستجيرون بمجلس الأمن لإنقاذ غزة...

■ وبعد الاستجارة بمجلس الأمن المشهود له بنزاهته وعدالته لجانب الشعوب المقهورة.. نقرأ في عناوين صحفنا:

ـ واشنطن استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار المجموعة العربية في مجلس الأمن الذي يدعو اسرائيل لوقف اجتياحها لقطاع غزة. (وهو الفيتو الأمريكي رقم 29 بشأن الأراضي الفلسطينية).

ـ 8 شهداء في غزة.. وموفاز يقر بالعجز عن إيقاف «القسام».. (وفي عنوان لصحيفة تتبع لنفس المصدر يصبح الرقم «11 شهيداً.. والمجازر تطول الأطفال».. وفي صحيفة عربية شقيقة: «12 شهيداً»)!!.. (شهداء بالجملة.. مو مشكلة إذا كان الفرق 3 ـ 4 شهداء.. حط بالخرج)!!.. 

ـ بوش وكيري متفقان على أولوية وقف الانتشار النووي..

وأغرب العناوين ماجاء على صدر إحدى صحفنا المحلية: «أين العرب مما يجري؟»!!.. (ونسأل أصحاب العنوان: هل أنتم أجانب؟).. 

ثلاجات الموتى تكتظ بالشهداء. . يزداد الدم النازف. . تزداد المرارة. . شارون بإصرار: (إسرائيل لن تجري أي تسوية على حساب أمن مواطنيها). . ونحن نستجير من الرمضاء بالنار. . ليعلو صوت الطبول. . وتهتز الخصور. . 

■ كمال مراد

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
231