أطنان من مهازل الإمبريالية.. الصاروخ «كلينتون هيلفاير» تصب الزيت على نار الصومال

يظهر بأنه ليس هناك طريق ملتهب أشعله بوش دون أن يتبعه اوباما وبشغف: زيادة القوات ورقعة الحملات العسكرية، اغتيالات، اعتقالات إلى أجل غير مسمّى، الدفاع عن التعذيب، حروب لا معنى لها، وتصاعد تفشي النزعة العسكرية في بحر شهور قليلة فقط، شاهدنا كل ذلك..

ويمكننا أن نضيف إلى هذا السجل المستمر من ارتكاب الجرائم، تزايد التورط المرعب في الصومال، إذ وقعت الجولة الأخيرة من الجحيم الناري بغزو اثيوبيا للصومال أواخر العام 2006 وبدعم سافر من القوات الأمريكية في ظل إدارة بوش، وتدخلها المباشر في العملية الإجرامية بإلقاء القنابل على اللاجئين الفارين، واختطاف واعتقال وتسليم لاجئين آخرين وحشرهم في سجون اثيوبيا سيئة السمعة، بل وحتى إرسال فرق الموت بعد القصف بالقنابل والصواريخ..
ونتيجة لذلك التدخل- الحملة الأمريكية الأثيوبية لـ«تغيير النظام وتدمير الدولة الصومالية الوليدة» فقد سقط آلاف الضحايا من الناس الأبرياء، وتم تمزيق ظروف حياة مئات آلاف أخرى، وخلق ما يدعوه الخبراء أسوأ أزمة إنسانية في عالم اليوم. وقد أدّى ذلك أيضاً إلى تمكين المجموعات الطائفية وعصابات الجريمة، ممن تقدموا لسد فراغ غياب الدولة، إلى زيادة ممارسة العنف.
ولكن ماذا نرى من إدارة «الأمل والتغيير..؟» نحن نرى.. انتظر رجاء.. تصاعد جديد للتورط الأمريكي في الحرب من خلال صقور اوباما.. بالعلاقة مع رأس دبلوماسيته- هيلاري كلينتون- وهي تقود المهمّة.. وكما هو وارد في تقارير Jason Ditz at Antiwar.com، تعهدت كلينتون مؤخراً بمضاعفة الأسلحة الأمريكية إلى «الحكومة الانتقالية» الصومالية.. حزمة ضعيفة من القصب مربوطة مع بعض في سياق المصالح الغربية متجسدة في مختلف أمراء الحرب وفصائل أخرى وفق عطايا المخابرات الأمريكية CIA، وعلى رأسهم حالياً- ويا للسخرية- الزعيم السابق للدولة الناشئة بعد أن أطاحت به واشنطن وبالدولة التي ترأسها!..(يصعب تحريك اللاعبين قبل تزويدهم ببطاقة عدد النقاط).
كلينتون «النشطة» أكثر من أي وقت مضى، رافقت شحنة تشمل ثمانين طناً من معدات الموت المتطورة، مع جرعة ثقيلة من النبرة المتوحشة التي صرنا نعرفها في هذا القرن الأمريكي الجديد. وحسب تقرير الاسوشيتد بريس، أعلنت بأن الشباب الراديكالي يقودون حالياً «التمرد» ضد الحكومة الانتقالية، وفي ذهنهم شيء واحد فقط: إحضار القاعدة وزعزعة استقرار العالم بأسره!
نعم أعزائي أصحاب القلوب الدافئة، مرّة أخرى فالحياة على كوكب الأرض، دون الحاجة إلى ذكر طريقة الحياة الأمريكية «المقدسة»، تتعرض لتهديد وشيك خطير من عصابة مجنونة.. تهديد يتطلب بشكل ملح الإسراع في تشغيل مكنة صناعة الأسلحة وتخصيب اليورانيوم الأمريكية.. آسف ، أقصد التدخل السريع للولايات المتحدة بقدراتها التقنية، لأنه- كما هو معتاد في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية- لم يحصل أي صراع في أي بلد في العالم، إلا ونشر تهديده العميق تجاه الأطفال الرضع الأمريكيين المحبوبين القابعين في مهادهم!
الرئيس الصومالي المؤقت الشيخ شريف الشيخ أحمد- الإسلامي قبل بضع سنوات فقط، حيث اُعتبر من واشنطن شيطاناً مسعوراً متحالفاً مع القاعدة- اتفق مع كلينتون بقوله: إن الشباب يهدفون إلى «جعل الصومال أرضية لزعزعة الاستقرار في العالم»، وهؤلاء هم الشباب أنفسهم من الذين انفق أحمد معهم معظم رئاسته محاولاً التفاوض والاتفاق معهم على تقاسم السلطة.. (بطاقة عدد النقاط مرة أخرى!)
وكالعادة فإن قصة الاسوشيتد بريس تخفي بعض أكثر جوانبها أهمية من الوقائع البارزة بطريقة عادية دون تمحيص الخطاب الرسمي. لكنها تؤكد أينما كان ضرورياً، بأن القصة في النهاية متمثلة بالمساعدة الأمريكية الجديدة لا تقتصر على الأسلحة التي باستطاعتها قتل المزيد من الصوماليين، بل تتضمن كذلك- أنتظر مرة أخرى.. مستشارين عسكريين أمريكيين للمساعدة في «تدريب» قوات الحكومة المؤقتة الآيلة للإنهيار..
كذلك هزّت كلينتون السيف ضد الجارة ارتيريا متهمة إياها بدعم الشباب و«التدخل» في الشؤون الداخلية للصومال. هذا في الوقت نفسه الذي كانت تعلن فيه عن إرسال ثمانين طناً من الأسلحة الأمريكية إلى الحكومة الصومالية المؤقتة!! هذا الاتجاه هو بالطبع صدى لاستمرار تحذيرات بوش- اوباما ضد تدخل «الأجانب» في العراق.. الوقاحة في هذا المظهر المخادع تكمن في إنكار التدخل الأجنبي، بينما تُمارس هذه الإدارة التدخل بصورة مكشوفة، وتقف علناً على جبال من الجثث الناجمة عن «التدخل» الأمريكي اللانهائي في شؤون الدول الأخرى. إنها تمثل حقاً قمة القبح الإمبريالي. أضافت كلينتون بأن ارتيريا إن لم تبدأ باقتفاء الخط الإمبريالي، عندئذ «نحن نعتزم اتخاذ إجراءات».. (تستحقين مستقبلاً ميدالية النجمة الذهبية من أمهات الضحايا وأرامل الحرب...)..
ماذا سيكون تأثير هذا «التدخل الإنساني» متجسداً في الأسلحة والمستشارين؟ الحصيلة نفسها  كما كانت دائماً في السابق: المزيد من القتل.. المزيد من الخراب.. المزيد من المعاناة.. المزيد من التطرف.. المزيد من الكراهية.. المزيد من الأسى والأسف.. وأيضاً المزيد من المال/ النفوذ والقوة لمنتفعي الحروب.. تلك هي النقطة الحاسمة.. أليس كذلك!؟ 

كريس فلويد
ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد

معلومات إضافية

العدد رقم:
416