بين يوغسلافيا والعراق.. الاحتكارات الإمبريالية.. تمزق الأمم وتخلق النزاعات

كانت آخر الأعمال المشبوهة التي جرت في العراق الشقيق هي سلسلة التفجيرات التي طالت خمس كنائس مسيحية في بغداد والموصل،وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

ولاشك أن هذه الأعمال الإجرامية هدفها البعيد إيجاد شرخ عميق في النسيج الاجتماعي العراقي بتحريض الناس على بعضهم بعضاً باسم التباينات الدينية، عوضاً أن يكونوا صفاً واحداً ضد قوات الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني.

وإن هذه اللعبة القذرة لعبة فرق تسد، ليست جديدة وبعيدة عن أساليب المستعمرين، ويخاصة الأساليب الأمريكية والإسرائيلية، ولن نكون بعيدين عن الحقيقة إذا ماوجهنا أصابع الاتهام إلى كل من واشنطن وتل أبيب.

يوغوسلافيا المدمرة المنسية

إن ماجرى في العراق يذكرنا بالمثل القائل: «ماأشبه الليلة بالبارحة» والمقصود بالبارحة هو ماجرى منذ سنوات في جمهورية يوغوسلافيا الأوروبية. فمن المعلوم أن هذه الدولة كانت تتكون من خمس قوميات، ويدين مواطنوها بأديان عدة، وقد عاشوا سنوات طويلة في تعاون ووئام وسلام وبنوا دولتهم التي كان فيها الكثير من الإيجابيات، وبعد زوال الاتحاد السوفييتي، وسيطرة القطب الواحد «القطب الأمريكي»، على العالم جاءت الدول الاستعمارية بزعامة واشنطن، بواسطة أجهزتها الخفية لتخريب هذا البلد وتمزيقه من الداخل عن طريق نبش أشد الغرائز وحشية عند البشر، وذلك بتأجيج النعرات القومية والدينية بعد أن كانت قد خمدت طويلاً، وكادت تنتهي إلى الأبد، فجرت مذابح مؤسفة تركت جرحاً غائراً بين المواطنين، وتمزق المجتمع اليوغسلافي الموحد شذر مذر، ثم قامت قوات حلف الأطلسي لتكمل تدمير هذا البلد بقيام طائراتها بصب حممها على مدنه وقراه، ودمرت كل مابناه الشعب اليوغسلافي طوال خمسين عاماً، حتى يخلو الجو للشركات الاحتكارية الأمريكية والأوروبية لتضع يدها على المناجم اليوغسلافية الغنية بمختلف المعادن الثمينة.

بلقنة العراق

وهذا ماتسعى إليه الولايات المتحدة بتطبيق سياسة البلقنة على العراق بعدما تبين لها أن احتلال هذا البلد ليس نزهة سهلة ولن تستطيع البقاء فيه طويلاً بهدوء وأمان واطمئنان، لنهب ثرواته النفطية مالم تعمل على تمزيق وحدة الشعب العراقي وتأليب الناس على بعضهم. لقد حاولت واشنطن منذ بداية الاحتلال تحريض السنة على الشيعة، والشيعة على السنة، والأكراد على العرب والتركمان. إلا أن جميع هذه المحاولات قد أخفقت وذهبت أدراج الرياح، وجاءت تفجيرات الكنائس آخر محاولة في هذا السبيل.

استنكار التفجيرات

وقد لقيت أعمال التفجير استنكاراً شديداً من جميع القوى السياسية الدينية وغير الدينية ووصفتها بأنها أعمال إرهابية، غايتها إثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، كما اعتبرتها واحدة من المحاولات اليائسة لاستهداف وحدة العراق، وقالت إن وراءها جهات خارجية، وأن استهداف دور العبادة لايمكن فهمه على أنه ظاهرة عراقية.

بين الاحتلال والأمن

وهكذا يتبين بجلاء أنه بعد خمسة أسابيع على نقل «السيادة» الشكلية لعملائهم في العراق، فإن مسألة الأمن التي اعتبرها إياد علاوي من أولى أولويات حكومته لاتزال المعضلة التي تواجه العراقيين وخصوصاً الحكومة العراقية، بل ازدادت مسألة الأمن استفحالاً وكما قال الصحافي البريطاني، فإن معظم مدن العراق ومناطقه هي خارج نطاق سلطة الحكومة، وتؤكد الأحداث أيضاً أن الأمن في العراق لن يتحقق ولن يستتب مادامت قوات الاحتلال رابضة على أرض العراق وعلى صدر العراقيين.

العراق للعراقيين

 

إن المحاولات الأمريكية المتوالية والخبيثة لضرب العراقيين ببعضهم يجب أن تزيد من يقظة الشعب العراقي وقواه الوطنية، وعليهم أن يقطعوا الطريق على أي محاولة لتمزيق صفوفهم وتدمير وطنهم، كما جرى في يوغسلافيا التي كانت من أولى ضحايا العولمة الأمريكية، كما عليهم أن يوحدوا صفوفهم، ويرفعوا شعاراً واحداً هو: «العراق للعراقيين» فالوحدة الوطنية الصوانية هي المخرج الوحيد للنجاة، وطرد قوات الاحتلال من البلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
227
آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 14:32