دارفور السودان : طريق محاسبة مصر

الصورة الجديدة للإمبراطورية الأنجلو أمريكية تضع جانباً مسألة أسلحة الدمار الشامل والحرب على الإرهاب كذريعة لشن الحروب الاستباقية وتغيير الأنظمة غير المرغوب فيها، وتتوجه مباشرة نحو التدخل العسكري المكشوف.

الغزو من أجل النفط

وتؤكد صحيفة «الغارديان» البريطانية بأن النفط سيكون القوة الدافعة الرئيسية لأي غزو عسكري محتمل للسودان، لأن الغرب راح يبحث عن بديل يمده بالنفط والطاقة. بعد استمرار تفجير المقاومة العراقية لأنابيب النفط وتعطيل تصديره للخارج ولذلك فإن الغرب شرع يتبنى سياسة رسمية داعمة لهذا التوجه، على أن تقوم جيوشه بهذه المهمة، ولاسيما أن هناك دافعاً آخر يبدو بارزاً، وهو أن امتياز استخراج النفط في جنوب دارفور تتمتع به الشركة القومية الصينية للبترول باعتبار أن الصين هي أكبر المستثمرين الأجانب في النفط السوداني.

أكذوبة التطهير العرقي

أما التركيز الإعلامي الغربي على رواية التطهير العرقي والإبادة الجماعية فهي في مقام ذر الرماد في العيون، وذريعة باسم الإنسانية للتدخل في شؤون السودان الداخلية ووضع اليد على نفطه، ولذلك يجب النظر بحذر إلى الأرقام التي تنشرها الصحافة الغربية عن حجم الضحايا في دارفور والتي تقدرها بأنها تتراوح مابين 30 ألفاً و50 ألفاً مع أن الحكومة السودانية أعلنت أن عدد الضحايا، منذ اندلاع الصراع في دارفور عام 2003 لايتعدى 1200 قتيل من كل أطراف النزاع.

وفي الوقت الذي يركز فيه الإعلام الغربي على السودان يصمت هذا الإعلام صمت القبور حيال ما يجري في الكونغو الديمقراطية المجاورة، حيث بلغ عدد ضحايا الحروب فيها إلى مابين المليونين وثلاثة ملايين إنسان. فلماذا هذا الصمت المطبق حيال مايجري في هذا البلد المجاور للسودان.

تخوف العرب من تدخل عسكري

وبهذا الصدد نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية تقريراً عن جنوب السودان، قالت فيه: إن العرب يتخوفون من تدخل عسكري غربي في السودان في الوقت الذي تزداد فيه أزمة اللاجئين في دارفور وتضيف، إن الوضع في السودان يدق إسفيناً جديداً بين العرب والولايات المتحدة، ولذلك فإن وسائل الإعلام العربية والمثقفين العرب يعبرون عن رأي مختلف يقوم على الشك في النوايا الأمريكية الغربية المبيتة حيال بلد عربي آخر.

تقييد يدي مصر

إن مهندسي السياسات في كل من بريطانيا والولايات المتحدة هم انفسهم الذين ساندوا الحركة الشعبية لتحرير السودان في سعيهم لفرض حالة شبه انفصال لجنوب السودان عن طريق حركة التمرد، ويبدو أن المتمردين في دارفور يتبعون المسار نفسه ويتم دعمهم من الخارج. إن كل هذا يحصل في الوقت الذي يجري فيه تكبيل يدي مصر بمشكلات داخلية وتهديدات أمريكية بقانون «محاسبة مصر» على غرار قانون محاسبة سورية سيىء الذكر، وقصص انتهاك حقوق الأقليات فيها، ومما يفاقم جمود مصر الاستراتيجي هي النصائح التي تطلقها من داخل مصر قوى مشبوهة تطالب الحكومة بـ «المهادنة» و«التزام الواقعية» وعدم «إغضاب» القوى العظمى، بعنتريات قومجية، إلى جانب الضغط الآخر الذي تمارسه الولايات المتحدة حول إعادة تقاسم مياه النيل، إن كل ذلك هدفه إركاع مصر إركاعاً تاماً والقبول بكل ماتمليه عليها الولايات المتحدة.

الهدف فصل دارفور عن السودان

 

إن المخطط الأمريكي ضد السودان فيما يتعلق بدارفور يضع القضية في سياق واحد يجعل الحكومة السودانية متهمة بالتواطؤ لتصفية قبائل أفريقية وإظهارها بأنها غير أمينة على شطر من سكانها وتستحق أن ترغم على رفع يدها عن الإقليم. وبالتالي تدويل قضية دارفور بما يفضي في النهاية إما إلى الاستقلال أو الانضمام إلى جنوب السودان الجديد بعد أن يقرر في استفتاء جنوبي مصيره نحو الانفصال تطبيقاً لاتفاق ماشاكوس الموقع عام 2003، وفي النهاية تصبح الأرض ممهدة للاحتكارات النفطية الأمريكية لتسرح وتمرح كما تريد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
227
آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 14:32