تغيير النظام لا تغيير المناخ الثلاثمائة والخمسون، وما دون!
«350» أصبح الرقم الأكثر أهمية في العالم، بعد اكتشافه منذ عامين أو أقل. عندما ذاب جبل جليد في القطب الشمالي في صيف عام 2007، أدرك العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الجو لم يعد خطراً مستقبلياً، بل غدا أزمة الحاضر الماثلة أمامنا. وخلال بضعة أشهر رسم لنا اختصاصيو المناخ وعلماؤه صورة جديدة صارمة عن الواقع المناخي القائم:
إذا ارتفعت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الغازي إلى ما فوق الـ350 جزءاً بالمليون، ستزداد حرارة الغلاف الغازي إلى حد يصبح فيه كوكبنا «شبيهاً بالكوكب الذي نشأت عليه الحياة ذات يوم، وسُمِّيَ الأرض».
أسوأ ما في الأمر أننا بلغنا اليوم حدّ الـ387 جزءاً بالمليون، والرقم يزداد كل عام بمقدار جزءين. ولهذا السبب تنصهر جبال جليد القطب الشمالي، وتتوسع الصحارى، وتذوب ثلوج قمم الهملايا. ولذلك نحن بحاجة إلى تحرك أسرع مما تخطط له حكومات أكبر دول العالم المتشبثة بالرقم الانتحاري «450 ج/مليون» الذي نفاه التقدم العلمي وأبطله. وقبل أسابيع قليلة، على سبيل المثال، نشرت مجلة «العلوم» دراسة حديثة أظهرت أنه عندما بلغت نسبة الكربون هذه الدرجة في الماضي البعيد ارتفع منسوب مياه البحر من 75 إلى 120 قدماً. ومن هنا تتجه أنظار شعوب العالم إلى ما سينتج عن مؤتمر كوبنهاغن الذي تقيمه الأمم المتحدة لمناقشة قضية التغيير المناخي، من 7 إلى 18 كانون الأول/2009.
وفي حين أعلنت حكومات 92 دولة، غالبيتها العظمى من الدول النامية والمتخلفة، أعلنت التزامها سلفاً بحد الـ350 ج/م، وبتخفيض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في بلدانها، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً عن رغبة الدول الكبرى بتأجيل مناقشة القضايا الهامة إلى العام القادم! فبعد خمس سنوات من التأجيل والتحضير لعقد هذا المؤتمر يبدو أن حكومات العالم الرأسمالي وشركاتها الكبرى مستمرة «باعتبار كل شيء، من الكائن البشري إلى البيئة الطبيعية، مجرد بضائع قابلة للاستثمار والاستهلاك وتوليد الأرباح» حسب تعبير أحد الناشطين.
لكن العالم بحاجة إلى اتفاقية حقيقية، اتفاقية مناخية ملزمة لجميع الأطراف بتخفيض نسبة الانبعاثات الغازية في الجو. وبالتالي تخفيض كل الكوارث الناجمة عنها من فيضانات وتصحر وتلوث. اتفاقية تلتزم بما توصل إليه العلم أخيراً، وتتأسس على مبادئ العدالة الاجتماعية.
الحد الآمن لاستمرار الحياة البشرية هو الـ350. وإذا كان تغيير النظام يؤدي إلى التغيير المناخي، فليذهب النظام إلى الجحيم وحده.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 430