في أجواء المقاومة ودوي السيارات المفخخة احتفال مسرحي أمريكي في بغداد

قام الأمريكيون على عجل بتعيين غازي عجيل الياور رئيساً فخرياً لجمهورية العراق، وإياد العلاوي، عميل الـ C.I.A رئيساً للوزراء، واستعداداً للاحتفال المسرحي المقرر في الثلاثين من حزيران الجاري لما يسمى بـ »نقل السلطة الشكلية« للعراقيين.

وقد كشف العلاوي عن وجهه الأمريكي من أول خطاب له حين قال بأن الأحوال الأمنية في البلاد لن تتحقق دون مساعدة قوات التحالف وبخاصة »أصدقاءه« الأمريكيين متجاهلاً تجاهلاً كلياً مافعلته هذه القوة الغاشمة في مدن العراق وقراها. والمعاملة »الإنسانية« التي عومل بها مواطنوه في سجن أبو غريب، وغيره من السجون على أيدي جنود أسياده الأمريكان، من وسائل التعذيب التي لايمكن تصورها، والأعمال الشائنة التي اقترفوها بحق المساجين رجالاً ونساء، والتي انفضح أمرها في العالم أجمع.

آخر نكتة لبوش

وكانت آخر نكتة قالها بوش في مؤتمره الصحفي بعد التعيينات التي جرت في بغداد. بأنه »لم يتدخل في شؤون العراقيين« والعراقيون هم الذين اختاروا رئيسهم وحكومتهم بحرية تامة، وتلك هي أكذوبة مفضوحة من أكاذيب الرئيس بوش وإدارته التي لم تعد تنطلي على أحد.

الاعتماد على حلفائهم الموثوقين

لقد قرر الأمريكيون الاعتماد كلياً على حلفائهم الموثوقين، بل الأصح عملائهم الذين دخلوا إلى العراق على متن دباباتهم لتسلم زمام الأمور في العراق من الحاكم الفعلي بول بريمر، لتكون واجهة تعطي لقوات الاحتلال وجوداً شرعياً في البلاد تحت حجة الحفاظ على الأمن، وفي الوقت ذاته التخلي عن خطة الأمم المتحدة وبمعوثها الخاص الإبراهيمي التي نصت على اختيار شخصيات تكنوقراطية من خارج مجلس الحكم الانتقالي لتولي عملية التحضيرات للانتخابات العامة التي ستجري في كانون الثاني المقبل عام 2005.

لفظوا قوى كثيرة

وبذلك يكون دور مجلس الحكم الانتقالي قد انتهى، وأخرجوا تشكيلة جديدة استثنوا منها قوى كثيرة.

ماالجديد في الحكومة؟

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماالجديد في التشكيلة الحكومية؟

لقد لفظت سلطات الاحتلال الكثير من القوى التي تعاونت معها، وأبقت على القوى الموثوق بها ثقة تامة، وشكلت منها وزارة ليس لها أي صفة شرعية لأنها لم تنبثق عن انتخابات ديمقراطية ولم تنل ثقتها من مجلس نيابي منتخب ديمقراطياً، أي أن أمرها لن يكون بيدها بل بيد أسيادها الذين عينوها، ولذلك ليس مستغرباً أن تخلو جميع الكلمات التي ألقيت في هذا المشهد الاحتفالي من أي موقف من وجود قوات الاحتلال والمطالبة  بخروجها في وقت محدد لأن الاستقلال والاحتلال لايجتمعان، بل كان رئيس الوزراء أكثر جرأة حين أيد بقاء قوات الاحتلال في العراق بحجة  المساعدة على حفظ الأمن!! وأن الأفق الذي رسمته الإدارة الأمريكية هو قيام نظام «صديق» والأصح «تابع» لها ومتحالف معها.

لماذا سرّعت واشنطن «نقل السلطة»؟

يبدو أن الولايات المتحدة قد سرعت إجراءان نقل السلطة حتى تبلغ قمة الدول الثماني، وقمة أوروبا ـ أمريكا، وقمة الأطلسي  المقررة هذا الشهر أنها «جادة في نقل السيادة للعراقيين» كما أعلنت أنها ستقدم صيغة معدلة لمشروع قرارها حول العراق يحدد موعداً لانتهاء تفويض قوات المتعددة الجنسيات بـ «إجراء الانتخابات العامة».

نقل السلطة على دوي الانفجارات

لقد جرت مراسيم الاحتفال بـ «نقل السلطة» للعراقيين على دوي انفجار السيارات المفخخة التي استهدفت قاعدة للاحتلال في مدينة بيجي وأماكن أخرى وذهب ضحايا عراقيون وغير عراقيين.

الذين تفاءلوا سيصابون بالخيبة

كما أن الذين أسرعوا بإرسال البرقيات، كالرئيس مبارك وغيره، أو أدلوا بالتصريحات المتفائلة مثل بوش ورايس، وبلير وعنان، وغيرهم سيمنون بالخيبة في قابل الأيام. فالشعب العراقي لن تنطلي عليه هذه التمثيليات ولن يرضى عن الاستقلال التام بديلاً.

التشكيلة الجديدة لن تكون أفضل من سابقتها

إن مجلس الحكم الانتقالي الطائفي العنصري المعين ولد شبه ميت وظل معزولاً عن جماهير الشعب العراقي وغير مقبول لديها، ولم يستطع أن يتحول إلى مخلوق طبيعي ينمو، بل ظل في حالة احتضار حتى لفظ أنفاسه. وأن الحكومة العلاوية لن يكون مصيرها أفضل من مصير سلفها لأن العراق لن يقرر مستقبله المحتلون وعملاؤهم بل الشعب العراقي وقواه الوطنية ومقاومته الباسلة.

 

■ وحيد الشامي