(خطة الهجوم..(فضيحة جدية في البيت الأبيض
هذه المرة لم تأت الصفعة ضد الحكومة الأمريكية من فرنسا كما جرت العادة في فضائح حروب أمريكا الجديدة، بل جاءت من الداخل الأمريكي، فقد وقف الأمريكيون مكتوفي الأيدي أمام الحقائق المتدفقة من كتاب «خطة هجوم» للصحافي الأميركي الشهير بوب وود ورد، الذي تصدر قائمة اكثر الكتب السياسية مبيعا.
وعلى الرغم من تأكيد الأمير بندر انه يتفق مع ما جاء في الكتاب من وقائع، فانه كرر في تصريحات تلفزيونية ان احدا لم يبلغه ان قرار الحرب قد اتخذ. بينما كان رامسفيلد في مؤتمره الصحافي في «البنتاغون» يراوغ في شأن ما قاله وما لم يقله في حــواره مع وودورد في 23 تشريــن الأول 2003 والذي استمر نحو ثلاث ساعات، كان نائبه بول ولفوفيتز يدافع في جلسة في الكونغرس عما فعلته الإدارة من دون علم الكونغرس من حيث تخصيص 750 مليون دولار للاعداد لحرب العراق. وهو أمر تناوله وودورد في كتابه وأثار غضب أعضاء الكونغرس.
واستنادا إلى الكتاب، فقد عقد الامير بندر أربعة لقاءات مع الرئيس بوش، في15 تشرين الثاني 2002 في المكتب البيضوي في بحضور نائب الرئيس ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس، وسلم فيه السفير السعودي الرئيس بوش رسالة بالعربية من ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز مرفقة بترجمة انكليزية، جاء فيها: «إننا نطلب منكم في هذا الوضع الصعب أن تؤكدوا لنا أنكم ستنخرطون جديّاً في حل مشكلة الشرق الأوسط. وأننا نتوقع أيضا أن المملكة العربية السعودية ستضطلع بدور رئيسي في تشكيل النظام الذي سينشأ ليس فقط في العراق بل في المنطقـة بعد سقوط صدام حسين».
وفي هذا اللقاء انتقد بوش الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واصفا القيادة الفلسطينية الحالية بأنها «غير مفيدة» و«ثمة حاجة إلى قيادة بديلة». كما انتقد القيادة الإسرائيلية واصفا رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون بأنه «ثور والبدائل أسوأ منه» وقال أيضا « أن التغييرات فـي العـراق ستأتـي بتغييـر فـي فعـل الأشياء، ليـس في العراق وحده بل حتى في إيران».
وأبدى الأمير بندر انزعاجا من أن البعض في الإدارة الأميركية وخصوصا في وزارة الدفاع حاول الاتصال بجماعات سعودية معارضة وقد وعده الرئيس بوش بالنظر في الأمر.
سأل تشيني ماذا يريد السعوديون إن يقال علنا، فأجاب بندر: «نحن نريد أن يبقى كل شيء سرا مكتوما بيننا حتى إشعار آخر» وان السعوديين في حاجة إلى معرفة تفاصيل الخطة العسكرية. وبعدها اجتمع بوش مع بندر على انفراد 15 دقيقة.
أما آخر لقاءات السفير السعودي مع بوش فكان يوم الثلاثاء 18 آذار 2003 الساعة الســـابعة مســـاء واستـــمر نحو 11 دقيقة. وتساءل فيه الأمير بندر: «أرجو ألا تكون قد غيرت رأيك. وأنت الآن تحدد مهلة زمنية?». رد بوش: «انظر يا بندر. لا أستطيع أن أقول لك الكثير. ولكن وعدت. ستكون أول شخص يعرف ولكن لا تقلق. فقط ضع إيمانك في وثق بي». وقال بندر: «انظر. أنا أثق فيك. ولكن بحق الله إن الوقت متأخر جدا الآن ليتراجع أي شخص».
مبارك
في إطار تحركات بندر، ذكر الكتاب انه قابل الرئيس المصري حسني مبارك الذي أبلغه أن لدى المصريين مصادر استخبارية عدة داخل العراق، وقال له «ان مخابراتنا أكدت وجود مختبرات متحركة للأسلحة البيولوجية». وأضاف انه (أي مبارك) «استقبل مبعوثا لصدام حسين جاء يقول له ان مجموعة من النساء والأطفال وآخرين, سيكشف هوياتهم لاحقا، يريدون ان يأتوا إلى مصر. هل ستعطونا قصرا رئاسيا؟». وأوضح أن هذا المبعوث الخاص قال أيضا ان لدى العراقيين خزائن كبيرة تستطيع أن تخزن ملياري دولار نقدا وسبائك ذهب ويريدون أن يحملوها إلى مصر.
ونقل المؤلف عن مبارك قوله للمبعوث «إننا نرحب بالنساء والأطفال، أما أي رجل أو مسؤول فيجب (على العراقيين) ان يتشاوروا مع الأميركيين أو سوف ابلغ إلى الأميركيين ذلك». وأكد الرئيس المصري انه رفض السماح بنقل ملياري دولار نقدا الى مصر لانه سيتهم بسرقتها، وقال للمبعوث: أرسلوها بواسطة شيكات أو عن طريق مصرف سويسري.
وكشف الكتاب أن نجل الرئيس المصري جمال مبارك جاء إلى واشنطن لمقابلة الرئيس بوش ســـرا فـــي 7 شبـــاط 2003 في البيت الأبيض حاملا الرسالة نفسها التي ابلغها والده إلى الأمير بندر. وقال إن جمال «إصلاحي بارز متعاطف مع أميركا ومن الحزب السياسي لوالده» وانه أبلغ الأميركيين بأن لدى المصريين سببا للاعتقاد أن صدام قد يبحث عن فرصة للذهاب إلى منفى. وكرر طلب صدام حماية أفراد أسرته ومسألة الملياري دولار. وأشار وودورد إلى أن دولا عدة منها السعودية والأردن وتركيا كانت تجري مفاوضات في شأن إبعاد صدام أو إيجاد منفى له. ولكن كما يبدو من الكتاب كان بوش يرفض مبدئيا هذا الاقتراح.
الحريري
وورد في الكتاب أن بندر حمل رسائل إلى واشنطن من الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء رفيق الحريري.
وفي 10 شباط اتصلت رايس بالسفيـــر السعودي لتبلغه أن شيراك بدأ يتجه اتجاها معاكسا من حيث تأييد الحرب على العراق. وقالت: «صديقك في الاليزيه دعا للتو (المستشار الألماني غيرهارد شرودر) و(الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) إلى اجتماع».
الأردن
وتحدث المؤلف عن علاقات وثيقة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إي» جورج تينيت مع الملك عبد الله الثاني بن الحسين وعن مساهمة الوكالة بملايين الدولارات في جهاز المخابرات الأردني, بحيـث لم يكـن ثمـة تخوف من التزام الأردن خوض الحرب.
قطر والبحرين
وإبرازا لتخبط الإدارة وجهلها بشؤون الشرق الأوسط, ذكر وودورد أن زوجة ديك تشيني التي رافقت زوجها إلى قطر, أمضت نحو ساعتين مع زوجة أمير قطر وبعد ذلك سألتها: «متى يذهب الأولاد إلى المدرسة هنا في البحرين?!» فأجابتها زوجة الأمير: هنا ليس البحرين.