تجنباً للانهيار الاقتصادي في الولايات المتحدة خطة استراتيجية أمريكية جديدة
رغم الوعود التي قدمتها إدارة جورج بوش عشية الحرب العدوانية على العراق، بإمكانية إخراج الاقتصاد الأمريكي من أزمته المستعصية، ورغم مضي أكثر من شهرين على احتلال العراق، تبين أن هذه الحرب غير كافية، حسب المنظرين الاستراتيجيين الأمريكيين، لتحسين وانتعاش الاقتصاد الأمريكي، ولذلك سارعت مراكز الأبحاث الأمريكية إلى طرح خطط استراتيجية جديدة لمواجهة الموقف.
ومن بين أبرز هذه المراكز «معهد بروكينز للدراسات الاستراتيجية» برئاسة المنظر والدبلوماسي الصهيوني المخضرم مارتن أنديك، وكان أخر منصب شغله قبل الإشراف على المعهد سفير الولايات المتحدة في «إسرائيل». وهذه هي أبرز محاور واقتراحات معهد «بروكينز» للدراسات الاستراتيجية والتي تمتد ما بين ثلاثة إلى خمسة عقود.
■ إعادة بناء مشروع حلف الأطلسي على أساس احتواء أوروبا استراتيجياً، واقتصادياً وجيوسياسياً... ومنع نمو قوتها العسكرية بمعزل عن أمريكا بحيث تكون الشراكة مع أوروبا من موقع القيادة الأمريكية في كل شيء... (والاستفادة إلى أقصى حد من دول أوروبا الشرقية وبولونيا نموذجاً).
■ إن احتواء الصين هو وحده الكفيل بإنهاء حلم «أوراسيا» (أوروبا ـ آسيا) وعدم إغماض العين عن إضعاف روسيا اقتصادياً وتطويقها جيوسياسياً مع تجنب الصدام المباشر معها كدولة نووية كبرى الآن.
■ رؤية بوش حول الدولة الفلسطينية هي تحقيق مخططات الاستراتيجيين الأمريكيين المتشددين المتفقين مع عتاة المنظرين الصهاينة ـ بتحويل حقوق الشعب الفلسطيني إلى دولة مقاولين تقوم بدور الخدمات للكيان الصهيوني (كازينو أريحا ودور الكمبرادور الفلسطيني الذي اندمجت مصالحه مع سلطة الاحتلال نموذجاً).
■ متابعة استراتيجية التفكيك للعالم العربي ولدول الشرق الأوسط والتي بدأت بإخراج مصر منذ تشرين ثاني عام 1973 ثم الجزائر ثم العراق، والآن سورية وإيران... وتغيير طواقم الحكام في الخليج بطواقم أخرى جديدة مع ما يتطلب ذلك من تقسيم جغرافي جديد يتلاءم مع ذلك... مع تغيير مفهوم الدولة الوطنية (تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ).
■ التخطيط للبقاء حتى نضوب النفط في العراق ودول الخليج بالوجود العسكري المباشر وتغيير المناخ الثقافي العام وتشويه التاريخ، وتعميم ثقافة التشيؤ عبر تعميم نمط الحياة الأمريكي..
العوامل المساعدة على تحقيق الاستراتيجية الأمريكية طويلة الأمد:
1. مفاعيل وتداعيات انهيار الاتحاد السوفييتي.
2. كره شعوب المنطقة للأنظمة البوليسية السائدة فيها وهي أنظمة استمدت قوتها من الأجنبي ومن هنا تلاقي فكرة الديمقراطية الجزرة قبولاً عند الجماهير ( بحيث لم يعد هناك تمييز بين لص داخلي ولص استعماري قادم).
3. ابتلاع أجهزة الدولة للمجتمع وقواه السياسية الكلاسيكية التي دخلت تدريجياً في آلية الفساد والنهب مما أضعف مناعة السيادة والكرامة الوطنية مع كل ما رافق ذلك من بطش وعسف وهدر حقوق كل من يقاوم هذا المخطط من جماهير الشعب وقواه السياسية التي مازالت تقاوم.
4. تراجع الدور الوظيفي للجيش الوطني في دول المنطقة من حماية السيادة و الحدود إلى حام لناهبي الشعب عبر دخول القيادات العسكرية في عملية اقتسام الثروة وحماية قوى السوق.
5. حاجة البلدان النامية إلى العلاقات الاقتصادية مع الدول المتطورة واحتدام الصراع حول مفهوم التنمية في ظل العولمة وأدواتها (البنك والصندوق الدوليان والجات).
المعوقات بوجه الاستراتيجية الأمريكية:
1. الأمراض البنيوية الكلاسيكية /النقد، البطالة، التقسيم الدولي للعمل/ والجديدة المرافقة للرأسمالية في طورها الأخير.
2. اضطرار الإمبريالية الأمريكية للانتشار العسكري المفتوح في جهات الأرض الأربع مع كل ما سيتبع ذلك من تكاليف في العتاد والأرواح وانعكاس ذلك سلباً على الرأي العام الأمريكي لاحقاً.
3. الصدام الأمريكي مع أي نظام استبدادي استقوى بها سابقاً أو كان من صنعها لن يؤدي إلى خضوع الشعب في ذلك البلد إلى المشيئة الاستعمارية الأمريكية والعراق الآن نموذجاً... حيث الرفض الشعبي يسير على خطين يندمج أحدهما بالآخر: مقاومة الوكلاء والعملاء الجدد وخلق الأرضية لمقاومة جدية لقوات الاجتلال الأمريكي ـ البريطاني.
4. بدأ شعار مقاومة العولمة على الساحة الدولية يتحول إلى شعار (لاخيار إلا المقاومة الشاملة) ضد الكولونيالية الجديدة بتجلياتها كافة فكرياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
5. عشية الحرب العالمية الثانية قامت جبهات وتحالفات شعبية ضد النازية، والآن يلوح في الأفق رأي عام عالمي ومنظمات وهيئات ضد الإمبريالية الأمريكية سيكون لها شأنها في دحر الكولونيالية ـ الإمبريالية. ومن هنا تأتي أهمية رفع شعار: «نحو أوسع تحالف وطني» سواء أكان على المستوى السوري أو على المستوى العربي لمقاومة خطط التحالف الإمبريالي الصهيوني.
■ حمزة منذر
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.