جماعة«اقتصاد السوق» يسرقون ذهب روسيا!!!
■ المسؤولون عن سرقة ثروة الشعب الروسي هم كبار المتنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية
■ قيمة النفط المهرب 14 مليار دولار!
■ سرقة 786 طناً من الذهب في وضح النهار!
■ رؤوس الأموال المهربة سنوياً تتراوح ما بين 20 ـ 30 مليار دولار!
نشرت جريدة زافترا «الغد» الروسية في عددها رقم 50، في كانون الأول من عام 2002 تقريراً لعضو مجلس الدوما (البرلمان) سيرغي شاشورين، وهو عضو في كتلة نواب الشعب في البرلمان، وهي إحدى الكتل الرئيسة الموالية للنظام الحاكم في روسيا، ألقاه أمام جلسة أعضاء البرلمان الروسي عكس فيه جزءاً من حجم الجرائم الاقتصادية وتفشي الرشوة والفساد المالي الذي يمارسه كبار المسؤولين «الديمقراطيين ـ الإصلاحيين» الروس في السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ عام 1992 ولغاية اليوم، ونظراً لأهمية التقرير نورد أهم محاوره وهي كالأتي:
حاميها حراميها
1. يؤكد شاشورين، أن المسؤولين عن سرقة ثروة الشعب الروسي هم كبار المتنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأورد بعض الأسماء الموجهة إليهم أصابع الاتهام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ومنهم: يغور غايدار رئيس وزراء سابق، عضو البرلمان حالياً. (غايدار: من مواليد عام 1956، وكان عضواً في الحزب الشيوعي السوفييتي )1980 ـ 1990( عمل في مجلة الحزب النظرية «كومينيست» وجريدة «البرافدا»، رئيس وزراء عام 1992، رئيس منظمة «خيار روسيا»، رئيس مجلس النادي الماسوني «فزايما ديستفي»)، وغورغي يافلينسكي، رئيس حزب يابلاكا ورئيس كتلة البرلمان «يابلاكا» حالياً. (يافلينسكي: من مواليد عام 1952، عضو في الحزب الشيوعي السوفييتي (1977 ـ 1991)، أكمل دورة تدريبية في أمريكا على حساب صندوق سوروس، نائب رئيس مجلس وزراء روسيا عام 1990، مستشار في المحفل الماسوني «مجلس العلاقات الدولية». وغينادي كوليكا، نائب رئيس وزراء سابق، عضو كتلة البرلمان «الوطن ـ كل روسيا» الموالية للنظام، والجنرال فيكتور برين، وزير الداخلية حالياً، وفلاديمير روشايليف، وزير داخلية سابق، ورئيس مجلس الأمن القومي الروسي حالياً، فلاديمير كولافليوف، نائب رئيس مقاطعة جيلابينسكي ورئيس جهاز تنفيذ برنامج الخصخصة في المقاطعة سابقاً، عضو برلمان في كتلة اتحاد قوى اليمين، قتل في آب عام 2002، وفلاديسلاف ريزكين، عضو البرلمان وعضو كتلة «الوحدة» الموالية للنظام الحاكم (هناك اربع كتل برلمانية، فجأة توحدت وشكلت ما يسمى بقوى الوسط الموالية والمساندة للرئيس بوتين، وهي كتلة الوحدة، وكتلة نواب الشعب، وكتلة أقاليم روسيا، وكتلة الوطن ـ كل روسيا. أما قوى اليمين الموالية وبشكل علني لأمريكا فهي كتلة يابلاكا وكتلة اتحاد قوى اليمين، أما كتلة جيرينوفسكي، فهي موالية بالكامل للنظام والرئيس بوتين ومواقفها تتطابق بنسبة 99.99 بالمئة مع مواقف قوى الوسط في البرلمان الروسي، وجميع هذه الكتل البرلمانية تشكل السند الرئيسي للنظام الحاكم في روسيا).
لقد أكد شاشورين في تقريره، أن تفشي الفساد والرشوة يتركز بالدرجة الأولى في قمة السلطة، وهذه الظاهرة بدأت منذ زمن حكم الرئيس الروسي السابق يلتسين ـ غايدار، يلتسين ـ تشيرنوميردين ـ تشوبايس،… وما زالت هذه الظاهرة الخطيرة مستمرة في ظل حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ـ كاسيانوف ـ كرييف ـ كودرين.
من يجرؤ على الكلام؟!
2. وأشار شاشورين، إلى أنه مضت نصف سنة على البدء في التحقيق على سرقة 786 طناً من الذهب، وأن الادعاء العام الروسي قد عرف ويعرف بالدليل القاطع كمية الذهب المسروقة، وعدد الطائرات التي نقلت الذهب المسروق ونوعها والبلدان والبنوك التي نقل إليها الذهب. وكما يعرف رئيس النيابة العامة كمية النفط المهرب والذي تصل قيمته إلى 14 مليار دولار، وأودع في بلجيكا، كما يعرف أيضاً أنه يتم سنوياً تهريب 20 مليار دولار (هناك تقديرات رسمية تشير إلى أن رؤوس الأموال المهربة سنوياً تتراوح ما بين 20 ـ 30 مليار دولار). إن قادة النظام والأجهزة الرسمية المختصة، ومنها جهاز الأمن والداخلية وأجهزة القضاء.. تعرف كل ذلك وغيره لكنها لم تقدم على اتخاذ أي إجراء قانوني ضد سارقي ثروة الشعب!!
سرقات.. بالأرقام والأدلة
3. ويوضح شاشورين أمام أعضاء مجلس الدوما بالأرقام والأدلة مقدار السرقات التي قام بها كبار المسؤولين في السلطة التنفيذية والتشريعية ومسؤولون سياسيون، وأن هؤلاء لايزالون يمارسون نشاطاتهم الإدارية والبرلمانية، ومنهم على سبيل المثال يافلينسكي رئيس كتلة يابلاكا في البرلمان ـ وكما يشير شاشورين، وحسب الاتفاق بين الكرملين وجمهورية تتاريا (جمهورية محلية تابعة لروسيا) فإن هذه الجمهورية حصلت على صلاحيات دستورية واسعة تكاد أن تكون جمهورية مستقلة وخاصة خلال فترة حكم القيصر يلتسين (1992 ـ 1999) وفي عام 1992، هُربت كمية كبيرة من النفط من هذه الجمهورية ولم يعرف أي شيء عن مصيرها، ومقابل ذلك وخلال فترة قصيرة تم إرسال 200 جهاز كمبيوتر لهذه الجمهورية إلا أن هذه الأجهزة لم تصل إلى جمهورية تتاريا!! وبسبب هذه الصفقة المشبوهة فإن يافلينسكي قداختفى شهراً كاملاً، وكما أن كالينا ستاروفيتفا عضو البرلمان قد قُتلت في مدينة لينينغراد، مع كل هذه الحوادث وغيرها، يحاول النظام أن يظهر نفسه أمام الشعب الروسي على أنه جاد في التحقيق في هذه السرقات وهذه الجرائم، أما في واقع الحال، فإن كل إجراءات النظام غير جادة وشكلية ولم يتم اتخاذ أي إجراء ملموس من قبل الأجهزة الحكومية المختصة حيال سارقي ثروة الشعب أو منفذي عملية القتل لأعضاء البرلمان أو غيرهم، لأن أصابع الاتهام موجهة نحو المتنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية!!
غايدار.. شيكات بقيمة
4 تريليون روبل
4. ويوضح شاشورين في تقريره: لنأخذ غايدار على سبيل المثال عندما كان رئيساً للحكومة في عام 1992، قام بإصدار شيكات بقيمة 4 تريليونات روبل ووزعت هذه الشيكات على عموم روسيا وخاصة في منطقة سيبيريا (على ما يبدو إنها شيكات رسمية بلا رصيد) فبقسٍم من هذه الشيكات تم شراء كميات كبيرة من الذهب وتم تهريبها للخارج وبالقسم الآخر منها تم شراء مؤسسات الدولة الإنتاجية والخدمية عبرما يسمى بالخصخصة وكان كل من، عضو مجلس السوفييت الأعلى ليشينيف وعضو مجلس الدوما فلاديمير ولافليوف من الذي قتل في شهر آب عام 2002 بالقرب من دار سكنه وبنفس الوقت قُتل المحقق في جرائم سرقة الذهب والقيت جثته في نهر موسكو..، أما غايدار فما زال حراً ويتمتع بالحصانة البرلمانية.. حتى أن الادعاء العام يخشى التحقيق معه عن جرائمه الاقتصادية وغير الاقتصادية.
وكما يؤكد عضو البرلمان، في زمن - ويعلم كل من وزراء الداخلية، برين، ودوناييف، وكيليكوف، وروشايلوف - تم تهريب كميات كبيرة من النفط والذهب في عربات القطار من المقاطعات الآتية: ماكادان، وياقوتيا، وخاباروفسكي وبلغت كمية الذهب المهربة 500 طن، كما تم تهريب الفضة من الشرق الأدنى، وبالنتيجة، فإن الجهات الرسمية لم تتخذ أي إجراء فعلي وملموس ضد سارقي ثروة الشعب ومهربيها؟!
سرقة ثروة الشعب
5. ويقول شاشورين، عندما قابلت رئيس الادعاء العام أوستينوف وتحدثت معه بالتفصيل وبالأدلة حول سرقة ثروة الشعب وبدون نتيجة، وقبل مغادرتي مكتبه قال لي: «خذ حصتك عبر هيئة التحكيم» فأجبته قائلاً: «اذهب أنت إلى الشيطان» وبعدها جلست ساعتين ونصف مع كولموغورف، نائب رئيس الادعاء العام الروسي، وبعد الحديث الطويل اعترف وقال: «لا أعرف ماذا أعمل»؟! وقلت له طبعاً لا تستطيع عمل أي شيء لأن إحدى ابنتيك تدرس في لندن والثانية تدرس في سويسرا، فهن يدرسن على حساب أموال الشعب الروسي التي سرقت!!
لقد تم تحديد نوع الطائرات التي نقلت الذهب وهما طائرتان من نوع «إيل ـ 76» وتم تحديد أسماء الطيارين والشركات التي هربت الذهب، إذ جرى تهريب هذه الكمية خلال 3 سنوات، وتراوحت حمولة الطائرة الواحدة ما بين 15 إلى 40 طن ذهب للرحلة الواحدة، وهُربت كمية الذهب إلى أمريكا اللاتينية، وأستراليا ورومانيا وبريطانيا وألمانيا…، فجميع البلدان والبنوك والطيارين والشركات المهربة للذهب معروفة للنظام ومنهم غايدار وفلاديسلاف ريزنيك من حزب الوحدة المساندة للرئيس بوتين، ويخاطب عضو البرلمان زملاءه في مجلس الدوما ويقول، أنا عضو في لجنة مكافحة الرشوة والفساد المالي ولدي أسماء كل المسؤولين المتورطين والمشبوهين والمهربين لثروة الشعب وذكرت قسماً منهم فقط؟!
وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين
6. ويؤكد شاشورين، أنه عمل مع الكسندر روتسكوي (روتسكوي: من مواليد 1947، عضو في الحزب الشيوعي السوفييتي 1967 ـ 1991، نائب الرئيس الروسي سابقاً، له دور فعال في الانقلاب الحكومي الذي وقع عام 1991، جنرال في الجيش السوفييتي سابقاً، عضو المحفل الماسوني «وسام مالطا» محافظ كورسكي سابقاً.) كعضو في مجلس الإصلاح الزراعي، عندما اجتاح التضخم المفرط الاقتصاد الروسي بسبب تطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين، عملنا اتفاقية مع 88 شركة لاستخراج الذهب في روسيا. وفي بداية عام 1993، قدم لي مقترحاً من البنك المركزي بتقديم قرض مالي وفق شروط ميسرة قيمته 1 تريليون روبل بأسعار عام 1992، وتم إنفاق هذا القرض على شراء الذهب، وفي عام 1995 زادت نسبة التضخم بـ 300 مرة وبالنتيجة فمن خلالي (على ما يبدو استُغفِل عضو البرلمان ومُررِت الصفقة من خلاله لصالح المافيا) تم تهريب الذهب للخارج وبفعل التضخم المفرط فإن قيمة تريليون روبل لا تعني شيئاً بالمقارنة مع كمية الذهب المهربة، وفي عام 1993 أودعت السجن، أما الذهب المهرب خلال الفترة (1994 ـ 1995) إلى البنوك الأجنبية في رومانيا وبريطانيا وأمريكا اللاتينية فلدينا كل الوثائق التي تثبت تهريب الذهب الروسي للخارج، ولكن على الرغم من مقتل أحد أعضاء لجنة التحقيق، فإن اللجنة مستمرة في عملها وقدمت كل الأدلة والوثائق الرسمية للبنوك الأجنبية التي تثبت تهريب الذهب الروسي. فقسم من هذه البنوك اليوم في حالة إرباك ورعب والقسم الآخر التزم الصمت كحد أدنى؟!
ويؤكد شاشورين، أن جميع المسؤولين يدركون كل ذلك، فالمطلوب إرادة واعية ورغبة صادقة من قبل النظام، كما تحتاج إلى قرار سياسي لإعادة الأموال والذهب المهرب إلى روسيا، ولكن لا توجد رغبة أو عزيمة لدى النظام باتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة لإرجاع ثروة الشعب المهربة، فالنظام يخشى محاسبة المهربين، لأن الغالبية العظمى من سراق ثروة الشعب هم في قمة السلطة. فبالأموال المهربة والمسروقة تم بناء المركز التجاري «أخوتني رياد» مجاور للكرملين، وبهذه الأموال المسروقة تم بناء فندق سلفياتسكي، وبهذه الأموال المسروقة يتم تمويل الحرب في الشيشان لهذا الغرض أو ذاك، لأنها «مربحة» سياسياً واقتصادياً..؟!
غياب القرار السياسي الحاسم
من قبل النظام
ويشير عضو البرلمان، إلى أن ما طرحه ليس سراً على الكثير من قادة السلطة التنفيذية والتشريعية، فهم يعرفون ذلك معرفة جيدة، واللجنة القانونية في البرلمان تعرف ذلك أيضاً، إن المشكلة الرئيسية هي غياب القرار السياسي الحاسم من قبل النظام، ولذا أقدم إليكم أيها النواب الكرام مشروع قانون لدراسته وإقراره بهدف إرجاع ثروة الشعب الروسي ومحاسبة المهربين، ويجب أن تعاد للشعب ثروته، وأنا لا أعفي نفسي من جزء مما حدث وما يحدث الآن ومن يملك المبدئية والشجاعة أن يصوت لصالح مشروع القانون المطروح عليكم، فكانت نتيجة التصويت هي 207 أصوات لصالح مشروع القانون، في حين المفروض أن يحصل على 226 صوت، وصوت الشيوعيون والزراعيون لصالح مشروع القانون، كما صوت له بعض النواب، إلا أن الغالبية العظمى صوتت ضده وهي قوى ما يسمى بقوى الوسط (حزب السلطة) وحلفائهم في البرلمان، وأثناء مناقشة التقرير والتصويت على مشروع القانون، فإن ممثل الرئيس بوتين في البرلمان، ألكسندر كوتينكوف وممثل الحكومة ألكسندر لوغيتوف، لم يعترضا على ما جاء في التقرير، بل التزما جانب الصمت؟!
هل سيستمر اللامعقول؟!
إن ما حدث ويحدث في روسيا منذ عام 1992 ولغاية اليوم هو اللامعقول واللامنطق في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية..؟!
فهل سيستمر اللامعقول في روسيا؟
■ ترجمة وإعداد د. رائد الفلاحي