مؤتمر التجارة العالمية لا من هونغ كونغ... نعم لبدائل أكثر إنسانية

رغم استمراره أياماً ثلاثة في هونغ كونغ أخفق الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في التوصل لاتفاق يجمع الدول الـ 148 التي شاركت فيه حول الملفات الأساسية الثلاثة على جدول أعماله وهي الزراعة والصناعة والخدمات. وحتى ملف التنمية لم يلقى قبولاً لدى الكثير من الدول النامية، ليخرج المؤتمر كعادته إلى طريق الوعود والاتفاق على استمرار التفاوض، والخروج بإعلان كسابقيه لا يحمل الكثير في طياته. 

خلافات بين الكبار

وتزايد الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالذات في الملف الزراعي، فبينما تضغط الولايات المتحدة على ضرورة تقديم مزيد من التنازلات من الجانب الأوروبي في ملف الزراعة والتنمية، يرد الاتحاد الأوروبي بأن كل ما يمكنه قد قدمه على طاولة المفاوضات، و أنه لن يقدم شيئاً إضافياً من تحت الطاولة، مما قد يعد إشارة من جانبهم أن التنازلات التي تقدمها الولايات المتحدة داخل المنظمة تعود وتستردها في تعاملاتها واتفاقاتها الثنائية مع الدول الأعضاء.

خلافات بين «النامية» و«الغنية»

بالمثل تزايدت حدة الخلافات مع تصعيد الدول النامية من ضغوطها على نظيرتها الغنية لفتح أسواقها التي تتمتع بحماية منذ مدة طويلة.

وتبادلت الولايات المتحدة وأوروبا الاتهامات بمسؤولية الوصول إلى المأزق الحالي في مباحثات التجارة وسط استمرار تعثر هذه المباحثات.

وأيد البنك الدولي انتقادات أطلقتها الدول الأشد فقرا بسبب الأسلوب الذي عوملت به في اجتماع هونغ كونغ بالقول إن الكلام كثر عن التنمية لكن الأفعال لا تذكر.

وأفاد نائب رئيس البنك الدولي داني لايبزيغر أن الأيام الثلاثة الماضية من اجتماعات التجارة شهدت تحويل الدول الغنية أكثر من ملياري دولار لمزارعيها ضمن أشكال مختلفة من الدعم. وأوضح أن دخل أفقر 300 مليون إنسان في أفريقيا في هذه الاجتماعات أقل من مليار دولار.

وهاجمت الدول الفقيرة واشنطن وطوكيو في المحادثات على خلفية إحجام الأخيرتين عن توقيع اتفاق يسمح لبضائع الدول الفقيرة بدخول الأسواق الأمريكية واليابانية دون تقييد برسوم أو حصص. وقالت وسط غضب الممثل التجاري الأمريكي إنه بعد سنوات من محاولة إقناع الآخرين بتناول دواء التحرر وتخفيف القيود التجارية حان الوقت "لكي تتجرع الدولتان دواءهما".

ويزعم الأمريكي بول وولفويتز رئيس البنك الدولي سيىء الصيت أن بوسع المجتمع الدولي أن يلتفت إلى عام 2005 مع قدر من الفخر حينما يكون الأمر متعلقا بمساعدة المواطنين الأكثر فقرا في العالم، حيث تم قطع الوعود (شفهياً دون تنفيذ) لمضاعفة الدعم للبلدان الأفريقية وإزالة عبء الديون على ما لا يقل من 18 دولة، أكثرها تنتمي إلى البلدان النامية.

من يتحمل التكاليف

تنفق البلدان الغنية ـ وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي ـ ما يقرب من 280 مليار دولار سنويا على الدعم الزراعي المقدم لفلاحيها. وهذا يساوي خمسة مليارات من الدولارات أسبوعيا لحماية فلاحيها الذين هم في الغالب أثرياء من المنافسة. وفي الأخير إنهم دافعو الضرائب والمستهلكون في بلدانهم من يتحمل أعباء تكاليف هذه البرامج المساعدة. ويقدر الاقتصاديون أن المستهلكين يدفعون 168 مليار دولار في السنة بسبب الضرائب الجمركية ويقدم دافعو الضرائب ما يقدر بـ112 مليار دولار في السنة إعانات مالية مباشرة.

لكن الضرر الحقيقي تم إلحاقه بفلاحي الدول الفقيرة لأن الضرائب الجمركية تبقيهم خارج الأسواق الأساسية. ومن خلال الضرائب الجمركية والإعانات المالية معا تصبح منتجاتهم الزراعية مرتفعة جدا كي يتم تصديرها إلى الخارج. ودون الدخل المتأتي من التجارة فإن أطفالهم يتعرضون للجوع ويفتقدون الماء النظيف والدواء والحاجات الأساسية للحياة.

وتلحق الضرائب الجمركية الأذى بالبلدان الفقيرة عن طريق منعها من الدخول في الدورة الإنتاجية العالمية. وحتى مع حقيقة كون 90% من حبات الكاكاو يتم زرعها في البلدان النامية. فإنها تنتج 4% فقط من الشوكولاته داخل حدودها. والسبب يعود في الغالب إلى أن الضرائب الجمركية تتزايد مع زيادة درجة المعالجة للكاكاو. ـ في بلدان الاتحاد الأوروبي يدفع منتجو الكاكاو الخام ضريبة جمركية تصل إلى 0.5% من قيمة الحبوب، بينما يدفعون 10% من قيمة الكاكاو المعالج جزئيا بل وأكثر بالنسبة للشوكولاته.                            

WTO: نظرة أخرى

بموازاة ذلك وبينما اكتفى رئيس البنك الدولي بتشخيص الواقع وقراءته خطابياً من زاويته دون تقديم الإجراءات العملية أكدت منظمة أتاك الفرنسية المناهضة للعولمة وسياساتها الليبرالية الاقتصادية الجديدة أواخر الشهر الماضي ضرورة قيام نمط جديد من التجارة الدولية رافضة التطرف والصراع الليبرالي في كل من منظمة التجارة العالمية والمفوضية الأوروبية.

وقبيل اجتماع هونغ كونغ قالت المنظمة في بيان لها أواخر الشهر الماضي إنه في 27 تشرين الأول الماضي، تقدّم الاتحاد الأوروبي بطلبٍ من أجل تعديل قواعد التفاوض في سكرتارية منظمة التجارة العالمية: إذ يتوجب وفقها على البلدان المتطورة، ومن بينها دول الاتحاد، تحرير 85% على الأقل من القطاعات الثانوية في الخدمات، وهي الخدمات التي تمثل وحدها نحو 70% من الناتج الداخلي الإجمالي.

منظمة التجارة العالمية: لماذا هي فعلاً مضرة بك؟

وبمناسبة انعقاد المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية في هونج كونج تم إنتاج الجزء الثاني فيلم بعنوان: "منظمة التجارة العالمية: لماذا هي فعلاً مضرة بك؟" حيث تتعالى فيه كما في جزئه الأول أصوات من أنحاء متفرقة على وجه الأرض لتنادى بسقوط منظمة التجارة العالمية.

ويوضح الفيلم كيف أن ملايين المزراعين معرضين للخطر من جراء سياسة الإغراق المستمرة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وكيف أن المياه ومصادر الطاقة، ووسائل تعليم أولادنا كلها مهددة من قبل سياسة الخصخصة. وكيف أن الشركات الكبرى تنسج شباكها حول الصناعات الصغيرة في أكثر الأمم فقراً وعوزاً، وكيف أن عشرات الملايين من البشر المصابين بمرض الإيدز يعيشون بلا أمل في الحصول على العلاج. كل ذلك بسبب السياسات التي تروج لها المنظمة و التي تنحاز لجانب الاحتكارات والشركات متعددة الجنسيات.

و يذكر الفيلم الجميع بحقيقة أن مفاوضات منظمة التجارة العالمية لا تلتفت نهائياً وبأي حال من الأحوال إلى ما يمكن أن يكون في مصلحة التنمية في البلدان الفقيرة أو في مصلحة معظم شعوب الأرض. بل أنه يؤكد صراحةً على أن هيكل المنظمة والقواعد المنظمة لعملها وجميع أنشطتها كلها موجهة وبشكل مباشر ضد عملية التنمية في البلدان الفقيرة والنامية لصالح الدول الكبرى.

انعكاسات الليبرالية الأوروبية

علاوةً على ذلك، اقترح الاتحاد الأوروبي أن توافق البلدان "الناشئة" على ثلثي جهود لبرلة البلدان المتقدّمة. وإنّ ذلك هائلٌ ببساطة، وهو يستجيب لإرادة شركات الشمال العابرة للقوميات في العيش على حساب بلدان الجنوب.

وفي كثيرٍ من الأحيان، لا يمكن تأمين المساواة في الوصول إلى خدمات نوعية إلاّ عبر خدماتٍ حكوميةٍ قوية. وسيكون أكثر السكّان فقراً، ولاسيّما النساء، أوّل الضحايا، وفي المقام الأول سكان الجنوب، الذين يعانون منذ الآن من أشدّ أضرار الليبرالية فتكاً.

كما صاغت المفوضية مطالب أخرى تتعلّق بالخدمات، ولاسيما بالاستثمار، وتحويل الموظّفين إلى أعمالٍ أخرى (الأسلوب الرابع). وحول هذه النقطة الأخيرة، أعلنت المفوضية لشركائها التجاريين بأنها جاهزةٌ لعرضٍ تالٍ، يتعلّق على الأقلّ بمقدّمي الخدمات في الشركات وبالعمال المستقلين. إنّ المفوّضية، في الوقت الذي تنتهج فيه خطاباً موجهاً للإعلام ليس وارداً وفقه تجاوز المسألة الاجتماعية، تقدّم إشاراتٍ قويّةً لمنظمة التجارة العالمية تشير إلى العكس... شرط أن يُضمن وصول الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات لأسواق البلدان الناشئة.

من جهةٍ أخرى، يواصل الاتحاد الأوروبي إجراء تقليص كبير في التعرفات الجمركية على المنتجات غير الزراعية في البلدان النامية. وهذا أمرٌ سوف يجعل الصناعات الناشئة في تلك البلدان أكثر هشاشةً بكثير، بل إنّه ربّما يدمّرها أو يجرفها في دوامة إغراقٍ اجتماعيٍّ وبيئيٍّ كارثي، مع ما يتضمّنه من آلامٍ بشرية.

وفيما يخص الزراعة، يقترح الاتحاد إنقاصاً للحقوق الجمركية بالنسبة لمنتجاتها بنسبة 35 إلى 60 بالمائة. وهذا الموقف يهدد السيادة الغذائية للاتحاد الأوروبي، وكذلك العمل والحياة في الأرياف. إنّ مجمل أعضاء منظمة التجارة العالمية مشدودون بالمفاوضات الجارية نحو انفتاحٍ للمنتجات الزراعية، وهذا يهدد مئات الملايين من الفلاحين بالإفلاس.

مرّةً أخرى، يتصرف الاتحاد الأوروبي بوصفه أحد أشد رؤوس الليبرالية ضراوةً في جميع الاتجاهات. فهو يساند باستخفافٍ دائم، وباسم التنمية، جدولاً زمنياً من الالتزامات – المزوّدة ببندٍ يتضمن عدم التراجع – الخاصة بالخضوع للسوق وللمستثمرين الدوليين. وهو جدولٌ مستقىً على نحوٍ مباشر من مجموعات الضغط الصناعية والخدمية في الشمال. غير أنّ التصويت بـ: لا في فرنسا ثمّ في هولندا قد أظهر بجلاءٍ أنّ السكان لا يساندون السياسات النيوليبرالية، ويتوجب بالتالي على الاتحاد الأوروبي التوقف عن تشجيعها في المفاوضات الدولية.                                            

■■ 

جعجعة بلا طحين

لكن مثلما هو مهم الدعم وتخفيض الديون، فإن الفرص التي يتم توليدها نتيجة للتجارة هي أكثر أهمية. فدون توفر الإمكانية أمام المنتجين في أفريقيا والبلدان الفقيرة الأخرى لبيع منتجاتهم في الأسواق العالمية، فإنهم لن يتمكنوا أبدا من الإفلات من الفاقة ولا توفير مستقبل أفضل لأطفالهم.

وسعى وزراء التجارة في اجتماع هونغ كونغ لأن يعيدوا صياغة الضوابط غير العادلة التي تتحكم في تجارة المنتجات الزراعية في شتى أنحاء العالم. فهناك 75% من فقراء العالم يعيشون في مناطق الريف ويعتمدون على الزراعة لكسب العيش ولإطعام أسرهم. ولكن بدلاً من أن يكونوا أحراراً في بيع منتجاتهم وضعت أمامهم حواجز تمنعهم من الوصول إلى الأسواق نتيجة لمساعي البلدان الغنية لأن تحمي فلاحيها وتقدم دعماً مالياً لمنتجاتهم إضافة إلى فرض ضرائب جمركية عالية على المستوردات.

تغيير المنطق

ينبغي فرض تنظيمٍ آخر للمبادلات الدولية، وأن يلحق به تصورٌ آخر للعولمة: بيئي وتضامني ونسوي وتحرري. يقع هذا التصور، الذي تدافع عنه حركة أتاك والحركة المناهضة للعولمة، على طرفي نقيضٍ من تطبيق منظمة التجارة العالمية والقوى العظمى المعمم للتبادل الحرّ. ينبغي أن تتصدّر الحقوق الأساسية على حساب قواعد التجارة العالمية وليس العكس. ينبغي تنظيم المبادلات الدولية ووضعها في خدمة أهدافٍ اقتصادية واجتماعية وبيئية معيّنة على نحوٍ ديموقراطي. الأمر يتعلّق بقلب الديناميكية الحالية وبجعل تنظيم هذه المبادلات أداةً للتنمية بدل أن تكون أداةً للإخضاع.

علاوةً على ذلك، فإنّ عدداً من المبادلات بين البلدان البعيدة لها كلفةٌ بيئية مرتفعة بسبب النقل الذي تتطلّبه، وينبغي أن تنقص إلى الحد الأدنى الضروري. من المرغوب به أن تنفذ المبادلات على أساسٍ إقليمي بين البلدان المتجاورة والمتشابهة. يتطلّب مثل هذا الفتح للحدود توافقاتٍ اجتماعيةً وبيئيّةً وضريبيّة. وسوف يسمح الاندماج الإقليمي بزيادة قدرة التفاوض لدى البلدان النامية. في كثيرٍ من الحالات، يكون تغليب تنمية السوق الداخليّ في دولةٍ ما ضرورة، وذلك لضمان حماية الصناعات الناشئة أو السكّان الضعفاء، ولضمان الأمن والسيادة الغذائيين. ينبغي تنظيم المبادلات بين الشمال والجنوب على أسسٍ جديدة، تراعي تقاسم المعارف الذي تشكك فيه حالياً اتفاقية حماية الملكية الفكرية. لكن من الملحّ إقامة نظام استقرارٍ لأسعار المواد الأولية لمكافحة تدهور أسعار التبادل التي تفقر بلدان الجنوب.

هونغ كونغ وجولة أخرى من الاحتجاجات الشعبية

ومرة أخرى كانت اجتماعات منظمة التجارة الحرة في هونغ كونغ على موعد مع تظاهرات الاحتجاج الشعبي على الأرض من خلال حشود رفضت في لافتاتها انعكاسات تحرير التجارة لصالح دول الشمال الغني على حساب شعوب الجنوب الفقير، مثلما رفضت سياسات العولمة الإمبريالية المتوحشة تحت القيادة الأمريكية التي تجد في الحروب والصراعات مخارج لأزماتها.

واشتبك مئات المحتجين مع عناصر الشرطة التي حولت مكان الاجتماع كما في كل مرة إلى مُطوَّق معزول، ووقعت عدة إصابات في صفوف الطرفين.

ورشات للتوعية وطرح البدائل

ولم تكتف حركات مناهضة العولمة بالتظاهر وإنما نظمت في الشوارع ووسط الجماهير مجموعة من الأنشطة الموازية المتمثلة في ورش عمل ومؤتمرات بهدف التوعية وطرح البدائل لسياسات منظمة التجارة العالمية. وفي هذا الإطار انعقد منتدى جماهيري حول الملف الزراعي للمنظمة شارك فيه بالإضافة إلى أكثر من 100 مؤسسة من المؤسسات الأهلية، رؤساء الوفود الرسمية لدول هي الهند والبرازيل و أندونسيا. وبالطبع كان هناك تباين في وجهات النظر بين الممثلين الرسميين والمؤسسات الأهلية حول الموقف من تفاصيل الملف والمواقف الواجب اتخاذها حياله، لكن الاتفاق بينهما كان واضحا على أن الملف كما هو مطروح حاليا لا يمكن للدول النامية قبوله وأنه قد يكون أول المسامير في نعش المنظمة.

كما عقد قرابة 15 نشاطاً مماثلاً برزت من عناوينها فكرة «التجارة والحرب: العراق نموذج لعلاقة العولمة بالحروب».                           

■■ 

بيان لمجموعة العشرين

من جانبها أصدرت مجموعة العشرين بيانا أوضحت فيه موقفها الذي يتمثل في عدة محاور أهمها التخفيض الجوهري في برامج الدعم المحلي المشوهة للتجارة وإلغاء الدعم التصديري بحلول عام‏2010‏ على أن يصاحب ذلك فرض التزامات على الممارسات ذات الأثر المماثل للدعم مثل المعونات الغذائية المشوهة للتجارة وائتمانات التصدير المدعمة‏, ‏ كما طالبت أيضا بتحرير جوهري في النفاذ إلى الأسواق آخذاً في الاعتبار مصالح الدول النامية من خلال السماح لها باستثناء بعض المنتجات من معادلات التخفيض الجمركي المرتفعة واستخدام آلية للوقاية ليتوافق ذلك مع احتياجاتها الخاصة بالأمن الغذائي والتنمية الريفية وأيضا معاملة ملف القطن بشكل أكثر طموحاً وسرعةً وتحديداً‏.‏

موقف المزارعين الفلسطينيين من قمة منظمة التجارة العالمية

(الجمعة 16 كانون الأول 2005)

نحن المزارعين الفلسطينيين، رجالاً ونساءً، الممثلين بالمنظمات غير الحكومية ونقابات التعاونيات الموقّعة أدناه – ونعيش تحت ضغط الاحتلال الإسرائيلي مثلنا في ذلك مثل شعبنا الذي يناضل ضدّ السياسات المنهجيّة المتمثّلة في الاستيلاء على الموارد المائية ومصادرة الأراضي الزراعية لبناء الجدار وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضينا – نرغب في انتهاز فرصة اجتماع هونغ كونغ لنؤكّد بثباتٍ موقفنا تجاه الاتفاقية حول الزراعة.

كما تعلمون، فقد حوّلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية إلى سجنٍ وجزّأت أرضنا القومية إلى عدة كانتونات، مدمّرةً بذلك الجهود الرامية لإقامة دولةٍ فلسطينية قابلة للحياة. وقد أفضى هذا الوضع لكارثةٍ على الاقتصاد الفلسطيني. فهذا الاقتصاد أضعف من أن يدخل في منافسةٍ مع الاقتصادات الكونية والإقليمية، وذلك بفعل سيطرة إسرائيل على منافذ أسواقنا الداخلية والخارجية.

لمدةٍ تزيد على ثلاثين عاماً، عانى القطاع الزراعي الفلسطيني، ولاسيّما صغار المنتجين، ومازالوا يعانون من السياسات الإسرائيلية الظالمة والتمييزية، الهادفة لزعزعة المبادلات بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وعلى النحو نفسه، فالشركات الزراعية الغذائية الإسرائيلية في طريقها للتوصل إلى وضع احتكارٍ للسوق الفلسطينية.

لقد أدّى هذا الوضع لدمار الاقتصاد الفلسطيني، ولاسيما الزراعة، وهو أمرٌ أثّر على قدرتنا على الوصول إلى دخلٍ لائقٍ وإلى الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي.

نحن واعون للنتائج العميقة التي يمكن أن تتمخّض عنها الاتفاقية حول الزراعة التي تمليها منظمة التجارة العالمية والتي سوف تناقش في هذه القمة الوزارية السادسة في هونغ كونغ. ونحن قلقون من النتائج الكامنة الكارثية لهذه الاتفاقية على البلدان النامية والبلدان الأقل تقدماً، فهي تهدد قدرة الشعوب على التوصل إلى الأمن والسيادة الغذائية وإلى إمكانية العيش على نحوٍ لائق.

علاوةً على ذلك، فالاتفاقية حول الزراعة تضع موضع الشكّ وسائل البقاء لملايين المزارعين والنساء اللواتي يعشن في الأرياف وصغار المنتجين الذين سوف يرغمون على ترك استثماراتهم وبيوتهم ليحصلوا على ما يكفل بقاءهم. وهكذا، فحلقة الفقر المعيبة ستتعزز، وسوف يتعمّم وضع سوء التغذية.

بمناسبة مؤتمر هونغ كونغ، نوجه تحياتنا الأخوية وأمنيات النجاح للحركة الاجتماعية، وللحركة الفلاحية، ولمنظمي المجتمع المدني الذين يحتجون ضد انتهاك السياسات العولمية في منظمة التجارة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ويعارضون فرض ترتيباتٍ ظالمة مثل إلغاء الحماية وخفض التعرفات الزراعية في البلدان النامية، وهما شرطان مسبقان لإدماج تلك البلدان في الاقتصاد الدولي.

إننا ندعو الوزراء المجتمعين في هونغ كونغ للتخلي عن الاتفاقية حول الزراعة كما هي معلنة، وذلك لمصلحة حياةٍ أفضل وأكثر عدالةً للجميع.

اتحاد التنمية الزراعية

اتحاد المزارعين الفلسطينيين

جمعية تنمية المرأة الريفية

الجمعيات التعاونية للمرأة الريفية للإقراض والتوفير

اتحاد تنمية الشباب

 

اتحاد المزارعين العرب