أمريكا وحروب النفط

تحت عنوان أمريكا ومستقبل النفط كتب ستيف يتيف أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة أولد دومينيون في صحيفتي لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست مادة نشرت بالعربية في صحيفة الوطن القطرية، وهي تلقي الضوء على وجهة نظر أكاديمية أمريكية حول دور النفط وأزمة الطاقة في تأجيج حروب واشنطن وسعيها المحموم للسيطرة على منابع النفط وتحديداً في المنطقة العربية، حتى وإن جاءت هذه الاستنتاجات بمفردات مخففة تعتمد الاحتمال من خلال مفردات مثل  «قد» و«ربما» علماً بأن تجليات الواقع الأمريكي، والسياسة الأمريكية، تقدم ممارسات على الأرض تتجاوز الفعل الاحتمالي. وفيما يلي مقاطع مطولة من هذه المادة.

ربما تجد الولايات المتحدة نفسها في المستقبل القريب وجها لوجه مع المعضلات الآتية: عجز صارخ في الميزانية، زيادة كبيرة في معدلات التضخم، هبوط حاد لأسهم السوق، تصادم مع القوى العظمى.

ومع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية للمرة الأولى في تاريخه ومع استمرار الحرب على العراق تطفو إلى السطح بواعث قلق كثيرة حول احتمالات وصول النفط إلى نقطة الذروة التي يأخذ بعدها منحنى الهبوط والعد التنازلي.

يتوقع المحللون أن ذروة النفط ستكون في الفترة ما بين 2006 و 2011، حيث أن الاحتياطي العالمي الفعلي من النفط أقل بكثير عن الاعتقاد الشائع، فأكبر الدول المنتجة تبالغ أو لا تعطي صورة واضحة عن الاحتياطي الموجود لديها، وليس ضربا من الخيال أن نقول بأننا مقبلون على أزمة طاحنة في موارد الطاقة.

وعلى الرغم من احتمالات المبالغة، إلا أننا بحاجة إلى وجود خطة مستقبلية أكثر قدرة على المواجهة. وأهمية هذه الخطة تكمن في أنه مع وصول النفط إلى ذروته سوف ينجم عنه آثار ثلاثة لم نستعد لها بعد. أولا في ظل غياب بدائل حقيقية للنفط سوف تقفز أسعاره ربما إلى أكثر من 100 دولار للبرميل مع توقع أن يفوق الطلب للمعروض منه. وربما يتسبب ذلك في انتكاسة عالمية.

وحتى إذا ما دفعت موجة ارتفاع الأسعار، إلى البحث عن البدائل الأخرى إلا أن تلك العملية قد تستغرق سنوات عديدة. وربما تمتد إلى عقود ريثما يتسنى للاقتصاد العالمي أن يحول دفة اعتماده في اتجاه هذه البدائل، فالنفط يتغلغل في شتى مجالات الحياة وليس بالأمر اليسير أن تأخذ البدائل المتوقعة جميع هذه الأدوار بين عشية وضحاها. وحتى لو تأخرت ذروة النفط إلى عام 2020 أو حتى 2025 فلن نستطيع مواكبة السباق.

الأمر الثاني أن أهمية منطقة الشرق الأوسط كمصدر للنفط سوف تأخذ في الزيادة ومعها يصبح العالم أكثر احتياجا لها واعتمادا عليها. فالآن تساهم دول الشرق الأوسط بحوالي ثلث الإنتاج العالمي من النفط وتحت أراضيها يقبع ثلثا الاحتياطي منه، وبالتالي فعندما يشهد العالم نضوبا لنفطه لن تكون هناك سوى هذه المنطقة معينا له.

ويأتي توقع نشوب صراعات كبرى بين القوى العظمى حول النفط ليمثل التحدي الثالث. فقد سحبت شركة سي إن أو أو سي الصينية عرضها لشراء شركة النفط الأميركية يونوكال، وهذا الأمر يسلط الضوء على القلق الصيني حول الطاقة وفي الوقت نفسه قلق واشنطن تجاه الصين. وربما كانت هناك مساحة واسعة لتخيل ما يمكن أن يتحول إليه التنافس بين الطرفين مع تضاؤل المنتج من النفط.

مثل تلك الصراعات لن تقتصر على الدول العظمى وحسب، وربما أدى تصاعد حدة المخاوف إلى دفع الولايات المتحدة والقوى العظمى إلى تأمين مواردها من النفط بطرق قد تثير صراعات واسعة النطاق مع العالم الإسلامي وغيره، علماً بأن الأمريكيين يستهلكون 25% من الطاقة العالمية في حين أنهم لا يمثلون سوى 5% من نسبة عدد سكان العالم.

يمكن للتقنية الحديثة أن تقدم لنا حلولا تنقذنا من الاعتماد المفرط على النفط الذي وصل بنا إلى درجة الإدمان، بيد أنّ علينا أن نجد سياسة لتأمين الطاقة للأجيال القادمة.

 

■ ستيف يتيف