صحيح يللي استحوا ماتوا..! إلى ضباط مقاطعة إسرائيل
يستفزك للغاية خبر طالعتنا به الصحافة المحلية وبعض النشرات الإخبارية تحدث عن خلاصات اجتماع ضباط المقاطعة العربية لإسرائيل الذي انعقد في دمشق أوائل الشهر الجاري، وبطبيعة الحال فقد استنسخ خبر الختام عملياً ما ورد تقريباً في تغطية خبر الافتتاح، وهو أن المؤتمرِين (المعنيين أصلاً بالتضييق الاقتصادي على الكيان الإسرائيلي ومقاطعته مع كل الشركات المتعاملة معه والداعمة له أياً كانت جنسياتها)، أكدوا خلال جلساتهم بقدرة قادر على: دعم اتفاق السلام في دارفور والترحيب به، دعم الحوار الوطني اللبناني والترحيب به، دعم سورية في مواجهة الهجمة التي تتعرض لها نتيجة مواقفها القومية...
ولكنهم – أي المؤتمرين- تذكروا اسم هيئتهم فأوردوا عَرَضياً عبارة قالت إن«المقاطعة تشكل شكلاً حضارياً» لاسترجاع الحقوق وإلى آخر الديباجة التي وردت ارتباطاً بالفقرة المتأخرة في الخبر حول القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، دون إيراد هذين المصطلحين بالطبع ربما كي لا يجري فهمنا بشكل خاطئ من جانب الغرب...!
ويبدو أن ضباط المقاطعة لم يجدوا ما يفعلونه سوى التحول إلى منبر سياسي آخر يرمي علينا الشعارات دون ربطها بأي درجة من درجات الممارسة وإلا لكانوا أخبرونا بالإجراءات التي اتخذوها خلال اجتماعين أو بالآليات التي اعتمدوها أو سيعتمدونها في تطبيقهم لسلاح المقاطعة الذي بوجوده المطلوب على أرض الواقع يمكنهم فقط أن يبرروا استمرار وجود مكاتبهم الرئيسية والفرعية ومؤتمراتهم واجتماعاتهم مع تكاليف عقدها واستضافتها وثمن الورق والحبر المهدورين فيها واهتراء مكبرات الصوت أمامهم وفوق رؤوسهم والكراسي تحتهم... وتستطيل القائمة..
وفي كل الأحوال فإننا لا ندري بعد جلسات اجتماعاتهم الشاقة والمضنية وبسبب الجوع المترتب على ساعاتها الطويلة إن كان ضباط المقاطعة العربية لإسرائيل يخرجون لتناول وجبات دجاج أمريكي بنكهة كنتاكي، ليتبعوها بجولة سياحية على مقاهي ربوة دمشق أو مطاعم طريق مطار دمشق التي باتت تزدحم آرماتها بلوحات بيبسي كولا الضخمة والمضاءة كما هي الحال مع بقية الآرمات والمطاعم واللوحات الإعلانية والبرامج التلفزيونية العربية برعاية هذه الشركة غير الإسرائيلية على الإطلاق (!!)، وليساعدوا أنفسهم في المزيد من الهضم من خلال مجّ سجائر مالبورو وونستون وغيرها من منتجات فيليب موريس الأمريكية الصهيونية التي تغزو الأسواق السورية بوفرة بالغة... إن لم يتسوقوا ملابس لأطفالهم وزوجاتهم من محلات يو إس بولو الفاخرة و «السينييه»..
وبما أننا لم نسمع أن هذه المحلات والوكالات الأمريكية بالواجهة -الإسرائيلية بالباطن اضطرت هلعاً إلى تغطية آرماتها وتوقفت عن تقديم «خدماتها» عند سماعها أن ضباط المقاطعة العربية يعقدون اجتماعاً لهم في دمشق وأنهم قد يلمحون هذه الاختراقات وتنخرب بيوت وتضرر مصالح عن حق وحقيق، بل إن هذه الشركات والمحلات والوكالات واصلت ولا تزال نشاطاتها المخصصة لـ «رفاهية» المواطن السوري وتبييض وجهه أمام ضيوفه، وبقيت هي في حين أن الاجتماع انفض بلا أثر يذكر..
وعلى الأغلب أن ضباط المقاطعة العربية لإسرائيل خلال تحولهم من الاقتصادي المباشر إلى السياسي البحت، نسوا اللغة الإنكليزية وما تعنيه العبارة الكاملة للاختصار الكامن في كلمة بيبسي مثلا PEPSI
(Pay Every Penny to Save Israel) وباتوا يتعلمون اللغة الصينية، لا بل ويطورون أمثالها المأثورة لتصبح مثلاً على شاكلة: «لا أرى لا أسمع.. ولكني قد أتكلم خجلاً...» بس نسوا المثل العربي الشعبي:
صحيح يلوا استحوا ماتوا...