بعد الجدال الذي أفرزته دراسة تأثير اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة «الشايلوكيون العالميون» يعلنون وضع أفريقيا نصب أعين الجشع والعدوان

تحيي اللجنة اليهودية الأمريكية كبرى المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة في يوم صدور هذا العدد، في واشنطن ذكرى مرور مائة عام على تأسيسها ، في حفل دعي إليه عدد كبير من الشخصيات، في مقدمتهم  الرئيس الأمريكي جورج بوش والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل.

وقال مدير اللجنة ديفيد هاريس إنها "فريدة من نوعها لأننا دبلوماسيون عالميون". وأوضح هاريس "في زمن العولمة من المهم بالنسبة لنا كمنظمة يهودية أن نقيم اتصالات مع العالم وان نفهم الرهانات ونبني الصداقات. انه ردنا على الذين يريدون تقسيم العالم". (!!؟)

وبعد آسيا وأمريكا اللاتينية، تقضي المهمة الأخيرة للجنة بتطوير علاقات مع أفريقيا جنوب الصحراء وخصوصا نيجيريا الدولة المسلمة جزئيا التي تملك موارد نفطية كبيرة. واللجنة عضو أيضا في تحالف "أنقذوا دارفور".

ورأى هاريس أن "أفريقيا إطار مهم لمناقشة الأمن وموارد الطاقة والعلاقات الدولية بشكل عام (...) الناس يتساءلون هل هناك يهود في رواندا وبوروندي؟ والجواب هو لا لكن هذا لا يعني أننا بصفتنا مدافعين عن حقوق الإنسان يجب ألا نكون هناك. بل يجب أن نكون هناك".

ويعود تاريخ تأسيس اللجنة إلى 1906 عندما اجتمعت مجموعة من الصناعيين والحاخامات والجامعيين في محاولة للضغط على نظام قيصر روسيا عن طريق الحكومة الأمريكية، وكان هدفهم "منع انتهاك الحقوق المدنية والدينية لليهود في العالم".

وبعد مائة عام باتت الحركة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها منظمة واسعة للعمل الفكري والسياسي تضم حوالي 150 ألف عضو ولها 33 مكتبا داخل الولايات المتحدة و18 مكتبا خارجها وأصبحت مهمتها الأساسية القيام "بدبلوماسية عالمية".

ومن أفكارها الأساسية "تشجيع المبادئ الأساسية للتعددية في العالم كوسيلة مثلى لمكافحة معاداة السامية".

وكانت اللجنة أول منظمة يهودية تدعم إعادة توحيد ألمانيا وبين أولى المنظمات التي زارت دول الاتحاد السوفيتي السابق.

وقبل ذلك بعقود كانت أول منظمة يهودية أمريكية تفتح مكتبا في إسرائيل. ورغم مواقفها الملتبسة حيال الصهيونية في مراحلها الأولى، أصبح دعمها لإسرائيل ثابتا منذ تأسيس الدولة العبرية في 1948 . وقد بقي الشرق الأوسط احد اهتماماتها الأولى.

وأضاف "ما زال هناك عمل كبير علينا القيام به. نظرا لنتائج الانتخابات الفلسطينية في كانون الثاني/يناير وللتصريحات المستمرة للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد فرص السلام تبتعد."

الاحتفال بمئوية هذه اللجنة التي لا تحتاج تصريحات زعمائها وتاريخها ومواقفها وشعاراتها لكثير من التعليق جاء بعد أسابيع قليلة من قيام  أكاديميين أمريكيين بنشر دراسة حملت عنوان اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية، هما جون ميارشايمر من دائرة العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، وستيفن والت من كلية جون كنيدي الحكومية بجامعة هارفارد، ما أثار ضجة في أوساط اللوبي اليهودي والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة.

وفي تحليل ذلك كتب ثابت عكاوي في نشرة كنعان الالكترونية أن الكاتبين لا ينطلقان من موقف العداء للكيان الصهيوني، كما أنهما في أحسن الأحوال ضمن المؤسسة الأمريكية ولا يتجاوزا كونهما لبراليين يحرصان على النظام الأمريكي، بمعنى أن الدراسة هي من باب النصح والوعظ للإدارة الأمريكية كي تخفف من انحيازها للكيان الصهيوني.

ويركز الكاتبان على أن انحياز أمريكا المبالغ به لإسرائيل يخلق الرد العربي ويعيق أمريكا نفسها عن محاربة "الإرهاب". ويرون أن هذا الانحياز ليس حتى في مصلحة الكيان الصهيوني" لأنه يعميه عن الانحراط في طريق السلام! وهو انحياز يتجاوز قوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وهي القوة التي لا يستهان بها. ويدلِّل الكاتبان على هذه القوة بذكر أن اليهود الذين يشكلون 3 بالمئة من المجتمع الأمريكي هم الأكثر إنفاقاً على الحملات الانتخابية للرئاسة والكونجرس على حد سواء. فهم الذين دفعوا 60 بالمئة من نفقات الحزب الديمقراطي في  إحدى حملات الانتخابات.

يذكر الكاتبان أن : "معظم القوات العسكرية الأمريكية مخصصة للشرق الأوسط". وهذا بحد ذاته مؤشر على أهمية الوطن العربي بالنسبة للإدارة الأمريكية بمعنى أن هذه المنطقة هي مستعمرة يجب الاستمرار في القبض على خناقها وإبقائها في حالة الموات. وهذا يفسر بالطبع لماذا أقدمت الولايات المتحدة على احتلال العراق، ولماذا تدعم الكيان الصهيوني إلى هذا الحد.

يعتقد الكاتبان أن إسرائيل لم تشارك في العدوانين على العراق، مما يُظهر أن دورها في المنطقة قد تراجع بعد الحرب الباردة. ولا ندري كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدخل حرباً كهذه دون مشاركة الكيان الصهيوني. فليس شرطاً أن تكون هذه المشاركة علنية.

في معرض نقدهما للكيان الصهيوني، يقارنان ديمقراطيته بتلك التي في الولايات المتحدة، ويشيران بجرأة إلى حقيقة قد لا يعرفها سوى العرب وهي أن هذا الكيان يعتمد رابطة علاقات النسب والدم. اي علاقات قبائلية، وهو ما نسميه مزاعم وجود القبيلة العبرية. لكنهما بقيا حذرين تماماً من الوقوع في تهمة ما تسمى ب "اللاسامية"، لذا، ربما أظهرا حرصهما على الكيان الصهيوني بدرجة من المبالغة.

ويختتمان بالقول: "إن يد إسرائيل طليقة تجاه الفلسطينيين، بينما تقوم الولايات المتحدة بمعظم القتال، وخسران القتلى، وإعادة الإعمار، والدفع"

ويتابع عكاوي أن نشر هذه الدراسة أدى إلى إبراز حقيقتين على الأقل:

الأولى: أن دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني يصل حد القيام بكافة المهام القذرة نيابة عنه.

والثانية: أن هذا الموقف من الولايات المتحدة لا يقبل المراجعة بأي حال من الأحوال. لذلك، تخلت جامعتا هذين اللبراليين عن الدراسة وتنكرتا لكونها صدرت عن أستاذين فيها. مما يؤكد قوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة من جهة، وينذر بخطورة المحافظين الجدد سواء كانوا في الحكم أم  لا.

ويخلص الكاتب إلى القول إنه لو كانت القيادة الصهيونية من طراز الكثير من الحكام العرب الذين يركنون إلى التبعية وحماية الغير لهم، لاسترخت  طالما أن أمريكا تدفع وتموت وتحارب نيابة عن هذا الكيان.