مخيم طريبيل للنازحين الفلسطينين من العراق
جرائم قوات الاحتلال الأمريكية في العراق التي تتزايد وتتابع يوماً بعد، لا تفرق بين العراقيين باختلاف طوائفهم وإثنياتهم، الجميع عندها سواء، وهذا الأمر يطال أيضاً العرب على اختلاف جنسياتهم، وتحديداً اللاجئين الفلسطينيين الذين ما انفكوا منذ بدء الاحتلال يتعرضون لاضطهاد لم يسبق له مثيل.
إن تفاقم معاناة الفلسطينيين واستمرار مأساتهم وتكرار المشاهد المؤلمة والقمع والتجويع الذي يتعرضون له إثر الفوضى المنظمة التي فرضها المحتلون في العراق، حيث أصبح القتل العشوائي الذي تقوم به فرق موت أمريكية بملابس عراقية، والتهديد بإخلاء المنازل والخطف والاعتقال العشوائي، كل ذلك وصل إلى درجة فظيعة بحيث أصبح الفلسطينيون في العراق يعيشون في حالة من الحصار الدائم داخل التجمعات التي تضمهم، والمؤسف أن كثيرين منهم جلسوا في البيوت لا عمل لهم، وأن عدداً كبيراً من الطلاب تركوا مدارسهم ودراستهم وأصبحوا يعيشون في قلق دائم وخوف وترقب من المصير المجهول، هذا بالإضافة إلى الإجحاف في التعامل القانوني من خلال التعقيد اليومي والمستمر لإجراءات الإقامة؛ كل ذلك أدى لعمليات نزوح وفرار من القتل وهجرة جديدة إلى الصحراء والحواجز الحدودية طلبا للأمان.
الأنكى من كل ما سبق، هو أن ترفض بعض الدول العربية استقبالهم على أراضيها وفي مخيماتها، وأن تعلن ذلك بكل صفاقة في وسائل الإعلام، فالأردن على سبيل المثال رفض إدخالهم من حدوده وأعادهم بالقوة إلى داخل المنطقة الحدودية ( طريبيل )، ثم وبعد مدة خرجت أعداد أخرى إلى المكان نفسه، وأيضاً رفضت السلطات الأردنية السماح لهم بدخول أراضيها، ليصل عددهم بعد شهر تقريبا إلى ( 178 فلسطينيا ) حيث أقاموا مخيماً هزيلاً هو مخيم (طريبيل)، وهم الآن يعانون قسوة العيش في الصحراء من أدنى خدمات، علماً أن أكثر من ثلثي عددهم من النساء والأطفال والرضع؟!!!!
ومؤخراً، وبعد الزيارة الهامة التي قام بها وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور محمود الزهار إلى سورية، جرى الإعلان أن سورية ستقوم باستقبال اللاجئين الفلسطينيين العالقين على الحدود العراقية - الأردنية، على أراضيها، وقد أكد الزهار أن سورية ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني، وأن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» تقيم علاقات مميزة مع دمشق.
كما جرى التأكيد أن كافة الإجراءات ستتخذ، بما فيها مساعدة الأمم المتحدة على نقل هؤلاء اللاجئين الذين يعانون ظروفاً مأساوية على الحدود العراقية الأردنية، إلى سورية ليتمتعوا بما يتمتع به الفلسطيني فيها.
إن هذا أبسط ما يمكن أن يقدم للشعب الفلسطيني، فبالإضافة إلى أنه واجب إنساني وقومي، فهو أحد شروط مواجهة العدو الواحد الذي لم يفرق تاريخياً بين سوري ولبناني وعراقي وفلسطيني، فنحن بالنهاية جميعنا عقبات في وجه مشروعه المتوحش، ولعل هذا أبرز ما يدفعنا لتوحيد صف المقاومة الشعبية في بلداننا لنكسر شوكته ونحبط مخططاته..