المد اليساري في أمريكا اللاتينية يحاصر واشنطن في بيرو
أظهرت النتائج الجزئية الرسمية لانتخابات الرئاسة التي أجريت في بيرو في التاسع من الشهر الجاري أن مرشح حزب الاتحاد من أجل البيرو أولانتا أومالا يتصدر السباق بفارق ضئيل بين أعلى ثلاثة مرشحين فيما ترجح النتائج إجراء جولة إعادة، خاصة مع تقارب نتائج المرشحَين الآخرين، وذلك في بلد تبلغ فيه معدلات الفقر وفقا لتقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية سنة 2006 ما نسبته 54% من مجموع السكان..
وحصل أومالا مرشح الفقراء والضابط السابق على 27.6% من الأصوات، في حين حلت اليمينية المحافظة لورديس فلوريس المدعومة من واشنطن والتي تعد مرشحة الأغنياء ورجال الأعمال وأرباب الشركات في الترتيب الثاني بحصولها على 26.7% فيما حصل الرئيس الأسبق الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي ألان غارسيا والذي يُنظر باستياء إلى تدني أرقام النمو الاقتصادي وارتفاع نسب الديون في عهده على المرتبة الثالثة بنسبة 25.7% من الأصوات.
وشارك 18 مرشحا في السباق لخلافة الرئيس المنتهية ولايته أليخاندرو توليدو حيث انسحب متنافسان قبل الانتخابات بفترة قليلة فيما تنافس 2587 مرشحا على الفوز بـ120 مقعدا في البرلمان في يوم الانتخابات ذاتها.
أما المرشحة مارتا تشافيس التي حلت مرشحة لحزبها اليميني مكان الرئيس السابق ألبرتو فوجيموري المحتجز في تشيلي بانتظار تسليمه لبيرو لمحاكمته بتهمة الفساد وخرق حقوق الإنسان، فلم تحصل سوى على 7% من الأصوات رغم مشاركة كيكو ابنة فوجيموري في حملتها الانتخابية.
في كل الأحوال ومع احتمال تغير هذه النسب على اعتبار أن النتائج الجزئية لا تجسد تماما توزيع الأصوات بين المناطق الريفية والحضرية أو بين المناطق الغنية والفقيرة بحسب اللجنة الانتخابية، إلا أن استطلاعات رأي الناخبين الخارجين من مراكز التصويت ذهبت بذات اتجاه النتائج الجزئية المعلنة في حين لا يتوقع الإعلان عن النتائج النهائية قبل 20 يوما حيث ستجرى جولة الإعادة في 7 أيار حيث ينتظر أن يواجه أومالا المرشح الحائز على الترتيب الثاني.
وخلال حملته الانتخابية تمكن أومالا من زيادة شعبيته التي كانت تقدر بنحو 3% إلى نحو 30% وهو يقدم نفسه على أنه لا يميني ولا يساري وإنما من القاع الاجتماعي، ومناهض لليبرالية، ومعجب بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، ومعارض لاتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع واشنطن متعهداً بإلغائها في حال فوزه مع اعتباره أن إعادة توزيع ثروات البلاد على السكان وإصلاح الحكومة وتأميم قطاعات أساسية من الاقتصاد البيروفي كالمناجم والثروة الغازية أهم أولوياته.
ويشير هذا الميل بوضوح إلى انضمام شخصية أخرى معارضة للنفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية إلى قائمة زعماء اليسار وأنصار الفقراء الذي يصلون السلطة في دول تلك القارة عبر صناديق الاقتراع وبانتخابات ديمقراطية وليس بواسطة انقلابات تديرها وكالة الاستخبارات الأمريكية وتعيينات لطغم عسكرية يفرضها نفوذ ومصالح الشركات الاحتكارية الأمريكية فيما كان يعرف بالحديقة الخلفية للبيت الأبيض في واشنطن.