في لقاء خاص بقاسيون.. نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي الماركسي: الاحتقان العالمي ضد الإمبريالية جاهز وعلينا التقاط اللحظة التاريخية
تواصل قاسيون نشر سلسلة اللقاءات التي أجرتها بعثتها في بيروت على هامش مشاركة وفد اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في فعاليات المؤتمر الدولي لدعم المقاومة الذي انعقد في الفترة بين 16-19 تشرين الثاني المنصرم. وفي هذه المساحة ننشر مقتطفات من اللقاء الحواري الذي دار مع الرفيق محمد سليم نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي الماركسي وهو نائب في البرلمان الهندي عن مقاطعة كلكتا التي يتولى الحكم فيها إقليمياً حكومة محلية تضم عدداً كبيراً من الوزراء الشيوعيين. ونشير إلى أن الرفيق محمد سليم الذي يستند في قاعدته الانتخابية المباشرة إلى 1،5 مليون ناخب هندي صوتوا له، يبلغ من العمر 48 عاماً، مما يشير إلى وجود قيادات شابة نسبياً في صفوف الحركة الشيوعية الهندية ما يضمن لها منطقياً استمرارية المستقبل ولاسيما في ضوء رؤيتها للوضع الداخلي والدولي ونضالها الميداني.
* الرفيق محمد سليم أهلاً بكم على صفحات قاسيون، كيف تنظر للوضع الدولي؟
من ناحية التحديات والاحتمالات، فالآن وللمرة الأولى بعد 15 عاماً من السياسات الليبرالية الجديدة والعولمة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي بدأ سكان الأرض يعيدون طرح الأسئلة، وهو ما يشكل فرصة أمام القوى اليسارية والتقدمية والشيوعية في العالم، كون هذه السياسات لم تقدم أي شيء لشعوب الأرض التي أصيبت بخيبة أمل وإحباط في أصقاع المعمورة مما قدمته هذه السياسات. وحتى داخل البلدان الرأسمالية ذاتها هناك صراع اجتماعي يزداد احتداماً والولايات المتحدة تقبع في وضع لا يسمح لها بالاستمرار..
* بحكم أزمتها الداخلية؟
بحكم أزمتها الداخلية وفشل سياساتها الخارجية، فقد جرت العادة أن تكون هناك أزمة في الوضع الداخلي الأمريكي تعوض عنها سياسات خارجية ناجحة أو تكون هناك سياسات خارجية فاشلة تعوض عنها نجاحات ما في السياسة الداخلية. ولكنها المرة الأولى التي تعاني فيها الولايات المتحدة من فشل مزدوج: أزمة اقتصادية وسياسية في الداخل وأزمة في السياسات الخارجية. انظر إلى أفغانستان، إيران، والعراق، وكورية الديمقراطية. ولذلك لم يعد صحيحاً القول السابق إن الولايات المتحدة تحدد التطور العالمي حيث بات الناس يدركون وجود أطراف وقوى جديدة تشكل قاطرة العالم. فالصين تحقق نجاحات كبيرة في التجارة والاقتصاد، وفيتنام تسجل أعلى نسبة نمو في آسيا وحتى أولئك الذين كانوا يتشدقون بفشل لاشتراكية بدأوا يقولون إنه حتى ضمن الاشتراكية بإمكانك تحقيق نجاحات وبموازاة ذلك تجد شعوب العالم الإسلامي سواء في الدول الإسلامية أو في الدول التي توجد فيها شرائح سكانية واسعة من أصول إسلامية وقد طفح الكيل معها تحت وطأة إحباطها من السياسات الأمريكية وهي تدرك في الوقت ذاته إن قيام ردود أفعال على شاكلة ممارسات القاعدة لن تشكل حلاً ولذلك فإن هذه الشعوب بدأت تبحث عن مصدر حماية لها وعن أشكال لمقاومة الامبريالية الأمريكية. ولبنان يشكل نموذجاً عن ذلك فلدينا حزب الله وهو حزب إسلامي مناهض للعدوانية الإسرائيلية الأمريكية يقف جنباً إلى جنب مع الحزب الشيوعي اللبناني، علماً بأن الامبريالية الأمريكية و الإنكليز والفرنسيين كانوا يستخدمون الإسلاميين طيلة القرن ضد الشيوعيين والحركة التقدمية عموماً. ولكنها لم تعد اليوم في وضع يسمح باستغلال جماهير المسلمين..
* وبهذا المعنى أصبح لدينا جبهة مضادة من الشيوعيين والإسلاميين الوطنيين...
نعم فالإمبريالية الأمريكية خاضت حرباً مع الشيوعيين وتخوض حرباً مع الإسلاميين مما دفع هذين الطرفين للتقارب سوياً في وجهها. ومن ناحية ثانية فقد أدرك الإسلاميون أنهم في نضالهم ضد الإمبريالية الأمريكية يحتاجون لإيديولوجية متسقة في التزامها ووجدوا في الماركسيين أفضل مصادر الفكر اتساقاً في العالم وأكثر الناس التزاماً فكرياً. وهناك في الوقت ذاته تجربة أمريكا اللاتينية في الحديقة الخلفية للإمبريالية الأمريكية وهي تجربة بدأت من بلد واحد منفرد هو كوبا وباتت تغطي أمريكا اللاتينية برمتها تقريباً لتجعلها تقف ضد الهيمنة الأمريكية. وبهذا المعنى فإن وضعاً دولياً جيداً يظهر.
* وماذا بخصوص منطقتنا؟
من سوء الحظ أن ضعف الحركة الشيوعية واليسارية في العالم العربي على امتداد السنوات الخمسين الماضية لا يزال يلقي بظلاله السلبية على الرغم من أن الوضع جاهز والجماهير مستعدة ولكن هذه الحركة تفتقد شبكة عملها لتعبئة الجماهير وهذا يمثل تحدياً..
* تقصد العامل الذاتي؟
العامل الموضوعي متوفر وبالنسبة للعامل الذاتي فهو يختلف من بلد لآخر ولكن لدينا بعض القوى التي يمكنها العمل ولكن عندما لا يكون هناك قوى وأحزاب فالجماهير لن تخوض النضال وإذا لم يكن هناك حزب شيوعي قادر على تعبئة الجماهير فمن سيؤدي المهمة. هذا هو الوضع العالمي وعلينا التقاط اللحظة التاريخية..