الإعمار والدمار بيد الاستعمار

بتاريخ 25 كانون الثاني 2007، انعقد في باريس مؤتمر دولي باسم "باريس 3" هدفه المعلن تقديم مساعدة اقتصادية للبنان. إنّ رأسماليي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقد "أثارت مشاعرهم" آلام الشعب اللبناني الناتجة عن العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، يقسمون لنا أن الأمر هو بالنسبة لهم المساعدة على إعادة إعمار لبنان. وقد أعلن نحو أربعين رئيس دولة ووزير مشاركتهم في الفرح والسرور، بما في ذلك المبعوثة الخاصة لجورج بوش، كوندوليسا رايس. يجري انعقاد هذا المؤتمر في سياقٍ تتحرك فيه الإمبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط في محاولةٍ لإخفاء فشلها في العراق وفي لبنان.

قبل بضعة أيام من هذا المؤتمر، تعتيم كامل في وسائل الإعلام السائدة في فرنسا: ما من إشارةٍ واحدة إلى التحضيرات الكثيفة التي تقوم بها السلطات الفرنسية (تعبير جاك شيراك عن أمانيه للصحافة الدبلوماسية، استقبال الحريري الابن في قصر الإيليزيه). أما رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، فهو يجول العواصم العربية (القاهرة والرياض والكويت ومسقط) بحثاً عن اعترافٍ إقليمي يهدف إلى إخفاء عدم شرعية حكومته التي تعارضها أغلبية اللبنانيين.

إجراءات كارثية بحق الشعب اللبناني!

يتمثل التحدي الرئيسي لمؤتمر باريس 3 بالنسبة للإمبريالية والرأسماليين اللبنانيين في إقامة نظام تقشفٍ دكتاتوري يهدف إلى جعل العاملين والفلاحين والعاطلين عن العمل وفاقدي المأوى والفقراء عموماً يدفعون ثمن العواقب الاقتصادية للعدوان الصهيوني. وفي حين أنّ أياً من البلدان المنظمة لمؤتمر باريس لم يجد مفيداً أن يدين إسرائيل على عدوانها البربري ويطالب بعقوباتٍ اقتصادية لتعويض الشعب الشهيد في لبنان، في حين أنّ المجتمع الأوروبي يجوّع الشعب الفلسطيني المذنب لأنّه قام بخياراتٍ انتخابية لا تناسب ذلك المجتمع، تريد البلدان الأغنى في العالم، بتواطؤ البرجوازية المحلية، استنزاف الشعب اللبناني!
يهدف مؤتمر باريس 3 إلى وضع البلاد بين أيدي الرأسماليين اللبنانيين المدعومين بالرجعية العربية، ولاسيما السعودية، والإمبريالية، ولاسيما الفرنسية والأمريكية. لا يزال أولئك الذين يحنّون للإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية يؤمنون بحقبة سيطرة فرنسا على لبنان وشيراك لا يزال يبكي صديقه الكبير الملياردير الحريري.
إنّ برنامج التقشف المراد فرضه على الشعب اللبناني متناقضٌ تماماً مع الإجراءات التي تسمح للبلاد بحلّ مشكلاتها. وهكذا، يجري ربط العملة الوطنية بالدولار الأمريكي ويقام نظام ضريبة مضافة (15 بالمائة) سوف يفاقم التفاوت الاجتماعي. وفي حين يعاني السكان من تفكك البنى الوطنية الأساسية، يجري التخطيط لخصخصة الخدمات العامة (الكهرباء والهاتف والماء والتعليم...).

جيش احتلال لا يريد ذكر اسمه!

إذا ما استمعنا إلى المسؤولين الفرنسيين، فإنّ قوات اليونيفيل، بما في ذلك الجيش الفرنسي، تنفذ على الأراضي اللبنانية مهمةً محايدةً تماماً تهدف لحماية السكان المحليين ووقف إطلاق النار "بين حزب الله وإسرائيل". وفي حين عانى الشعب اللبناني في الصيف المنصرم من هجومٍ إجرامي واسع أدى إلى وفاة أكثر من 1200 مدني وإلى آلاف الجرحى، يريدوننا أن نصدّق بوجود نزاعٍ بين خصمين متعادلين. لا، لا مجال للمقارنة بين المقاومة اللبنانية وبين القوات المسلحة التابعة للكيان الصهيوني! هذا العدوان غير المبرر مسؤولية إسرائيل والبلدان التي دعمتها وحسب. لذا، فمن المشروع والملح المطالبة بأن يقوم المعتدي الإسرائيلي بتعويض ضحايا حرب تموز 2006. على الكيان الصهيوني، وعليه وحده، أن يدفع كلفة التدمير الذي تسبب به في لبنان، وليس دافعو الضرائب في البلدان الأوروبية!
علاوةً على المظهر المالي لمؤتمر باريس 3، وهو عدوانٌ حقيقي على الطبقات الشعبية في لبنان، ينبغي أيضاً إدانة قوات اليونيفيل بحزمٍ بوصفها جيش احتلال. سكان الجنوب لم ينخدعوا في تقييمها، وهم الذين يعانون يومياً من إطلاق النار على أراضيهم ومن الانتشار البوليسي فيها. وقد جرت عدة مظاهرات ضد القوات الفرنسية في تشرين الثاني وكانون الأول 2006. لنكن متأكدين بأنّ هذه القوات التي يزعم بأنها محايدة سوف تقوم بدورها التقليدي في الحفاظ على النظام الإمبريالي في حال حصل تمردٌ اجتماعي أو استؤنف نضال التحرر الوطني!

أفرجوا عن جورج إبراهيم عبد الله دون شروط!

جورج عبد الله ثوري شيوعي لبناني، من مناضلي القضية الفلسطينية، وشارك على الدوام في المعارك ضد الإمبريالية والصهيونية والرأسمالية. وهو محتجز في فرنسا منذ 23 عاماً لانتمائه إلى مجموعة مسلحة هي الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية التي أعلنت مسؤوليتها عن قتل مسؤول عسكري أمريكي وعميل دبلوماسي إسرائيلي عضو في الموساد على الأراضي الفرنسية، وذلك رداً على الغزو الصهيوني للبنان. كان بالإمكان الإفراج عن جورج عبد الله منذ العام 1999، بل إنّ قاضياً أمر بإخلاء سبيله مع طرده إلى لبنان (وهو ما يرغب جورج به). ولكن ضراوة الدولة الفرنسية استأنفت هذا القرار بتأثير الضغط الأمريكي والصهيوني.
إن إدانة مؤتمر باريس 3 الإمبريالي والمطالبة بالتحرير الفوري وغير المشروط لجورج إبراهيم عبد الله تمثلان معركةً واحدةً متماثلة. لذا، تدعو هيئة الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله كل المجموعات وجميع الأفراد الذين تجندوا في الصيف المنصرم ضد العدوان الصهيوني على لبنان، جميع أولئك الذين يساندون انتصار الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه غير القابلة للتصرف بها، تدعوهم لإدانة إقامة مؤتمر باريس 3 الإمبريالي في باريس بوصفه إلحاقاً للبنان بالمصالح الإمبريالية وللمطالبة بتحرير جورج إبراهيم عبد الله!
الانتصار أو... الانتصار!

■ هيئة الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على السبت, 01 تشرين1/أكتوير 2016 15:02