الرفيق د.خالد حدادة محاضراً في دمشق: « المشروع الأمريكي لم يفشل بعد.. ولا خيار سوى المقاومة!»
احتضنت مكتبة الأسد بدمشق مساء الاثنين 26/2/2007 محاضرة للرفيق د. خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني بعنوان: «أشكال المقاومة للمشروع الأمريكي وإمكانية التكامل بينها».
في بداية محاضرته توقف د. حدادة عند رحيل المناضل والمثقف الكبير الرفيق جوزيف سماحة بوجدانية مستفيضة، معدداً بعض مناقبه، ومؤكداً أنه خسارة كبيرة للإعلام العربي الملتزم ولليسار العربي بشكل عام..
ومع بدء عرض مفاصل المحاضرة حذر د. حدادة من التفاؤل غير المرتكز على الوقائع فيما يخص فشل المشروع الأمريكي في المنطقة، وأكد أن هذا المشروع لا يمكن اعتباره أنه قد فشل حتى الآن، فهو ما يزال قائماً ويبذل القيمون عليه كل ما بوسعهم لإنجاحه، وفي هذا الإطار عدّد د.حدادة بعض النقاط والمواقع التي حقق فيها المشروع الأمريكي بعض النجاحات والاختراقات سواء في العراق والفتن الدموية التي ماتزال قائمة ومستعرة في بعض مدنه، أوفي فلسطين التي وصل الأمر ببعض فصائلها الوطنية إلى مرحلة الاقتتال، أو في لبنان الذي ما يزال يعاني من ثقل الانقسام السياسي، وغيرها..، ثم، ومن جهة أخرى راح يعدد مواقع الاستعصاء والفشل التي تواجه المشروع في المناطق ذاتها، بفضل القوى والحركات والأحزاب المقاومة والممانعة.. والتي أكد أن تماسكها ووحدتها وتصاعد قوتها سيجعل من دورها العامل الأبرز في فشل المشروع الأمريكي الصهيوني وهزيمته..
واعتبر د. حدادة حرب تموز نقطة مفصلية في مواجهة هذا المشروع، حيث فقد المشروع اندفاعاته الأولى وراح يراوح في مكانه ويقف على رمال متحركة، ونتيجة ذلك رأى د. حدادة أن الأمريكان أمام خيارين:
إما الاعتراف بالهزيمة، والانسحاب من العراق ومن المنطقة عموماً والكف عن التصعيد وبالتالي اعتماد كل ما من شأنه إيقاف جريمتهم ضد الشعوب عامة بما في ذلك الشعب الأمريكي ذاته، والقبول على سبيل المثال بتقرير (بيكر –هاملتون) كأحد مرتكزات تصويب السياسة الخارجية الأمريكية.. أو محاولة الهروب إلى الأمام، وذلك بالاستمرار في محاولة فرض مشروعهم «الجديد» بالطرق والأساليب ذاتها مع مزيد من التصعيد، وهذا إن اعتمد فسيزيد من وقع الهزيمة ومن كلفة الخسارة.. وبرأي د. حدادة فإن هذا ما يمضي «الأمريكي» فيه حتى الآن بناء على كل ما نسمعه ونراه..
وبالانتقال إلى محور جديد، وهو محور القوى الممانعة للمشروع الأمريكي، أكد د.حدادة أن هناك خللاً تاريخياً في القوى والأحزاب العربية، وهو أنها لم تستطع الربط بين التحرير والتغيير، وضرب على ذلك أمثلة عديدة من بينها مثال الانتصارات التي حققتها المقاومة اللبنانية منذ انتصاراتها في الثمانينات من القرن الماضي وحتى انتصار تموز 2007 حيث لم تستطع استثمار انتصاراتها والمضي فيها فكرياً وسياسياً واجتماعياً.. وانطلاقاً من ذلك وجه د.حدادة انتقادات للحزب الشيوعي اللبناني واليسار العربي عموماً والذي رأى أنه غرق في مشاكله الداخلية.
واستغرب حدادة محاولة بعض قوى اليسار العربي استثمار المشروع الأمريكي لمصلحتها وركوب موجته، وسأل: هل يمكن فعلاً الاستفادة من هذا المشروع أم أن اليسار هو أول من سيطحن في هذه المعمعة؟ وفي هذا الإطار أكد د.حدادة أن اليسار العربي ما يزال في حالة من الانهزام والتراجع لأسباب عديدة وعميقة، وأملاً في تجاوز ذلك فإن الحزب الشيوعي اللبناني تحديداً قام ويقوم بعمليات تقييم وإعادة قراءة للتجربة السابقة، وأبرز ما يجري انتقاده ذاتياً اليوم هو:
ما حدث سابقاً من تغليب للأشياء الثانوية، وتغليب الشؤون القطرية، والالتزام ببعض المواقف الخاطئة التي انتهجتها الحركة الشيوعية العالمية..
وفي المحور الأخير للمحاضرة، وهو محور الاستحقاقات الراهنة رأى د. حدادة أن هناك استحقاقات هامة يجب أخذها بعين الاعتبار والاستفادة قدر الإمكان منها:
1 - القمة العربية القادمة: وهي فرصة للأنظمة لاتخاذ قرارات وإجراءات من شأنها مقاومة التفتيت الذي يسعى وراءه المشروع الأمريكي في المنطقة..
2 – بما يتعلق بالقوى والأحزاب: رأى أن عليها: مواجهة المشروع الأمريكي، والنضال من أجل الإصلاح السياسي والقبول بالديمقراطية في الممارسة السياسية، وأخيراً المطالبة بالتنمية الشاملة والعدالة الأجتماعية
3 - الحوار الجدي بين مشاريع مقاومة المشروع الأمريكي..
وعقب انتهاء د.حدادة من المحاضرة جرى حوار موسع مع الحضور، وكان أغلب المداخلين من الشباب الذين تطرقوا في مداخلاتهم إلى قضايا هامة ومتنوعة، كضرورة فتح جبهة الجولان، وأهمية عودة الشيوعيين السوريين واللبنانيين بقوة إلى حيز الفعل والتأثير، وفتح الأفق لتحالفات جديدة بين مختلف القوى الرافضة للمشاريع الإمبريالية والصهيونية على أساس تحقيق مطالب الجماهير السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
ورداً على سؤال من مراسل قاسيون حول أزمة الحزب الشيوعي اللبناني ورأيه بخصوص التجربة الجارية لوحدة الشيوعيين السوريين، قال د. حدادة إن هناك تضخيماً لما يجري في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني موضحاً من جانب آخر أنه يبارك أي خطوة باتجاه وحدة الشيوعيين السوريين لما في ذلك من منعكسات إيجابية على وحدة الصف الوطني السوري وقوة موقف سورية في مواجهة التحديات.
وفي ختام المحاضرة، وفي إطار تعقيبه على بعض المداخلات بيّن د.حدادة أن هناك من حاول ويحاول أن يفرض خيارين لا ثالث لهما: إما السير في المشروع الأمريكي، وإما الميل نحو الإرهاب أو الديكتاتورية، أما «نحن» - ويقصد الشيوعيين اللبنانيين- فقد اخترنا خياراً ثالثاً هو.. المقاومة...
■ متابعة: جهاد أسعد محمد
• تصوير: غيفارا نمر