نسخة معدلة للمخطط الأمريكي والدور السعودي المرتقب

هل انهزمت أمريكا و إسرائيل أمام الشعوب المقاومة؟ وهل ما يحضر له حالياً من بوادر سلام في المنطقة دليل على فشل المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط؟ أم أنها مناورة لإعادة ترتيب الأوراق بداية لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من العراق و توجيه ضربة ساحقة لإيران باعتبارها الخطر الأقوى على إسرائيل و المشروع الأمريكي؟

بعد فشل مصر مبارك في قيادة العالم العربي وعدم قدرته على الاستمرار لأنه قدم كل ما يستطيع تقديمه للصهاينة والأمريكان وافتضاح أمره بشكل سافر من خلال تقيده بتعاليم سلفه الخائن أنور السادات وفقدان المصداقية للنظام المصري ولو بحدها الأدنى تجاه العرب والمسلمين وقضاياهم كافة بدأ من القضية الفلسطينية و اللبنانية و أيضاً العراقية إضافة إلى وضع نظامه المهزوز على المستوى الداخلي وفشله على جميع الصعد في ظل تنامي قوى المعارضة وتقدمها بخطوات حثيثة فهو يعيش آخر أيام خريفه السياسي بعد أن أجهز على البنية التحتية لبلاده من هنا كان لابد من بديل للنظام المصري فوقع الاختيار على النظام السعودي ليلعب الدور الأكثر خطورة بوصف السعودية القطب الأكثر أهمية في مجموعة "الدول المعتدلة" لما لها من مقومات تجعلها في موقع الريادة منها قوتها المالية و تأثيرها على بؤر التوتر في العالم العربي وموقعها الديني (حماية و رعاية الأماكن المقدسة) ومصالحها المتداخلة والمتشابكة مع الولايات المتحدة وتبعيتها الشديدة لها التي لا يماثلها سوى شدة الإخلاص أضف إلى ذلك "زعامتها المذهبية لطائفة معينة" وهذا العنصر هو الأهم من وجهة النظر الأمريكية الذي يجعلها تتبوأ المرتبة الأولى في مجموعة "الدول المعتدلة" حسب التوصيف الأمريكي لذا وضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد وفوضاه الخلاقة يجري إعادة هيكلة الدور السعودي في المنطقة وإضفاء قدسية مشابهة للقدسية الدينية لأماكنها المقدسة من خلال إعطائها دوراً عربياُ راعياً للحلول والاتفاقات العربية العربية (حلال مشاكل) وبذلك تتقدم خطوة خطوة باتجاه المواجهة مع إيران (الراعية لطائفة أخرى) وحاملة لواء المقاومة والمواجهة مع إسرائيل بهذا يتم سحب أوراق القوة من إيران وسورية.

على المستوى الفلسطيني أتفاق مكة الذي لن يصمد طويلاً وما كانت الغاية منه لا القضية الفلسطينية ولا حكومة وحدة وطنية بل إبراز جهود السعودية الخيرة والراعية للعرب والمسلمين. ومن هنا أي مساس بالنظام السعودي يعني انتهاكا للقيم النبيلة وتخريباً للمساعي الحميدة التي تعمل لأجلها السعودية من خلال تهدئة الأوضاع بين المتخاصمين العرب وإحلال السلم والأمن الأهلي. فمن يعمل لعرقلة هذه الجهود يرتكب جرماً بحق العرب والمسلمين وهذه الخطوات العملية على الأرض التي تطال القشور ولا تلامس الجذور (أتفاق مكة) حتى هذا الشيء البسيط يسعى ليدخل حماس في لعبة الصفقات وجرها من موقع العمل الكفاحي المقاوم إلى الجهة المقابلة على طريق التدجين والاعتدال. في مقابل هذه الخطوات يجري العمل على توسيع الفجوة الطائفية عبر التضخيم والتهويل لبرنامج إيران النووي وتصويره بأنه يستهدف دول الخليج وتدعيم الحرب الطائفية الدائرة في العراق.

وعندما يصل الرأي العام (لدى طائفة معينة) إلى هذه المرحلة من التعبئة يضفي القدسية على النظام السعودي و يقر برعايته الطائفية والدور المركزي له على المستويين العربي والإسلامي وتتدرج مهامه حتى يصل إلى فرض الشروط التي تمليها عليه إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية. وفي ظل الهدوء النسبي المتوقع لتحركات السعودية تعمد الولايات المتحدة الأمريكية لأخذ نفس عميق لإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة مستفيدة من الوقت الذي تستغرقه السعودية في إعادة هيكلة دورها السياسي في المنطقة لتبدأ بتجميع قواتها وإعداد ضربة جوية ساحقة تطال مراكز القوة العسكرية و المفاعلات النووية الإيرانية لتنقل معها الحرب الطائفية إلى داخل إيران. وما يتوقع من ردود إيرانية على الحليفة العربية الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية (السعودية) و يكون من السهل جداً افتعال فتنة طائفية في السعودية ودول الخليج قاطبة ليتحقق الشرخ الطويل في العالم الإسلامي من فوضى الحروب الطائفية ليصبح لكل دولة من دول الشرق اكتفائها الذاتي من الحروب الأهلية وتنفرد إسرائيل وأمريكا بالبترول والعافية وبذلك لن تقوم قائمة لدول الشرق العظيم حتى آخر برميل نفط.

من هنا على القيادة السعودية أن تتنبه إلى المستقبل الذي ينتظرها فهي ليست بمأمن مما سيدور في ما لو أتقنت الدور الموكل إليها بمهارة على طريق تعميق الفجوة بين الطوائف المسلمة وإبعادها عن مصالحها الحقيقية و مشروعها المقاوم الذي تجلى بالحركات والقوى المناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق والصهاينة في فلسطين و جنوب لبنان.

■ يامن طوبر

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 13:22