ملف العدد: ماذا بخصوص التهويش الصهيوني حول سورية؟
«قاسيون» تحاور خبراء عسكريين استراتيجيين عن المرامي الصهيونية
شيراك طالب إسرائيل بـ «رأس النظام السوري» في تموز
تحت عنوان من هذا القبيل نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية يوم الاثنين الماضي 19 آذار مادة خطيرة نقتطف منها فيما يلي مقاطع مطولة بهدف تسليط الضوء على حجم ومستوى التآمر الإقليمي والدولي الذي يستهدف سورية ويضعها على دريئة العدوان مباشرة، وذلك بغض النظر عن هزيمة الكيان الإسرائيلي في عدوانه على لبنان في تموز الماضي، لأن هذه الهزيمة على أهميتها الكبرى لا تغير من طبيعة الذئب وأمهاته في واشنطن وباريس بل تزيدهم شراسة واستكلاباً:
«ماذا تريدون من لبنان؟ توجّهوا إلى سورية... ولكم منا كل الدعم». كلمات توجز رسالة بالغة الأهمية، يتوقع أن تكون لها تداعيات محلية وإقليمية.
■ المرسل: فرنسا.
المرسل إليه: إسرائيل.
الزمان: تموز 2006.
المناسبة: «كره» الرئيس جاك شيراك لنظيره السوري بشار الأسد وتحميله مسؤولية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
هذا باختصار ما كشفت عنه صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى. كشف يحاكي طلباً مماثلاً من الإدارة الأميركية كشفت عنه وسائل الإعلام العبرية قبل أشهر.
قالت «معاريف»، في عنوانها الرئيس أمس، إن إسرائيل تلقت في الأيام الأولى من عدوانها على لبنان الصيف الماضي عرضاً فرنسياً «غير مسبوق» يقضي بقيام الجيش الإسرائيلي باجتياح سورية وإسقاط النظام فيها في مقابل دعم فرنسي كامل وغير محدود للحرب.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، «المعروف بكراهيته الشديدة (للرئيس السوري بشار) الأسد ونفوره من نفوذ سورية في لبنان» هو الذي يقف شخصياً وراء العرض الذي قُدم على شكل رسالة خاصة وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية. وينص الاقتراح، الذي تضمنته الرسالة الفرنسية، على أن تعلن إسرائيل أن سورية هي الجهة التي تتحمل مسؤولية الاشتعال على حدودها الشمالية بوصفها الداعمة اللوجستية الكبرى لحزب الله في المنطقة، وبناءً على ذلك يقوم الجيش الإسرائيلي بغزو الأراضي السورية بهدف تنفيذ مهمة واضحة ليست سوى «إسقاط نظام (الرئيس) الأسد». وفي موازاة ذلك، تحصر إسرائيل نشاطاتها في لبنان بضرب أهداف مركزة لحزب الله، وتقلص دائرة استهدافاتها لبيروت «التي يحمل الكثير من سكانها الجنسية الفرنسية» بحسب «معاريف».
أما الشق الفرنسي في الصفقة المعروضة فهو التزام بتقديم «دعم متواصل ومنهجي دون تحفظ» للحرب سواء في مجلس الأمن أو في مؤسسات الاتحاد الأوروبي. ولأسباب لم تحدد، أوضحت الرسالة الفرنسية أن الدعم الذي ستقدمه باريس لن يتخذ طابع الموقف العلني، بل سيلقى ترجمته العملية عبر «الامتناع عن أي تدخل لعرقلة عمليات الجيش الإسرائيلي ضد السوريين»، وكذلك عبر تفعيل النفوذ الفرنسي لتأمين غطاء دولي للحرب من خلال «القرارات والتصريحات التي تمنح إسرائيل مساحة مناورة مطلقة في حربها ضد دمشق». (..)
وبحسب مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، فإن «الفرنسيين قالوا لنا عملياً: ماذا تريدون من لبنان؟ توجهوا الى سورية. هي مصدر كل المشاكل. لقد أراد الفرنسيون أن يقوم الجيش الإسرائيلي بدلاً عنهم بالعمل القذر حيال سورية»
وأضاف مسؤول آخر إن «الولايات المتحدة أيضاً، بحسب كل التقديرات، ما كانت لتشكو أكثر مما ينبغي لو أننا قررنا اجتياح سورية في الأيام الأولى من الحرب».
(..) وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد ذكرت في 18/12/2006 أن واشنطن «توقعت وتمنت واعتقدت» أنه كان ينبغي لإسرائيل مهاجمة سورية خلال حربها على لبنان الصيف الماضي. ونقل مراسل الصحيفة في العاصمة الأميركية، إسحق بن حورين، عن مصادر مقربة من مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية قولها إن ثمة غضب في أوساط الإدارة لعدم إقدام إسرائيل على فعل ذلك. وقالت ميراف وورمزر، الباحثة في معهد «هادسون» وأحد كبار الشخصيات النافذة في أوساط المحافظين الجدد، للصحيفة في حينه إن «الإدارة توقعت من إسرائيل أن تشن الحرب على سورية... وتمنت أن يحصل هذا الأمر لأنه كان سيخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية»
وقالت وورمزر، التي يشغل زوجها دافيد منصب مستشار نائب الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، إن المسؤولين الأميركيين كانوا سيصفقون لإسرائيل لو هاجمت سورية، وقد منحوها كامل الوقت خلال الحرب على أمل أن تفعل ذلك، «الأمر الذي كان من شأنه أن يغير الخريطة الإستراتيجية في الشرق الأوسط، وخاصة أن سورية هي الدولة العربية القومية الأخيرة»
ورأت وورمزر أن «النتيجة في النهاية كانت أن إسرائيل لم تشن الحرب على سورية، ودخلت في الحرب غير الصحيحة، وخسرت هذه الحرب أيضاً، بدلاً من تحقيق نصر استراتيجي يخدم أهداف إسرائيل وأهداف الولايات المتحدة في العراق».
انتهى الاقتباس من جريدة الأخبار. واللافت أن هذا الكشف الإسرائيلي عن نوايا فرنسا شيراك تجاه دمشق رافقه انتشار مكثف ومتزامن ولافت لعشرات المقالات والدراسات الإسرائيلية في مختلف الوسائل والوسائط الإعلامية تتحدث عن صفقات سلاح تجريها سورية مع طهران وموسكو إلى جانب تدريبات ومناورات تنوي حسب المصادر الإسرائيلية التحضير لحرب على إسرائيل في تشرين الثاني 2008!!؟؟
ومن ضمن ذلك ما كانت جريدة الأخبار ذاتها نشرته في 13 الجاري تحت عنوان «غيوم حرب فوق الجولان» حيث (قدم أستاذ التاريخ العسكري في «الجامعة العبرية» في القدس المحتلة، مارتن فان كريفلد مطالعة في موازين القوى والمعطيات السياسية الإقليمية والدولية، التي تسمح لمثل هذه الحرب بالاندلاع، ومدى ارتباطها بتطورات إقليمية ودولية أخرى، ولا سيما التطورات في العراق والملف النووي الإيراني ومخاطر تعرّض طهران لضربة عسكرية محتملة، التي يرى أن دمشق تستغلها بهدوء للاستعداد لحرب ضد إسرائيل.)
واستناداً لدراسته نتائج عدوان تموز (بنى كريفلد توقعه للحرب السورية على إسرائيل، التي ستكون برأيه مختلفة عن حرب تشرين لعام 1973، فلن تكون هناك عمليات عسكرية كبيرة في الجو أو البر، بل سيستغل السوريون أي حدث لإطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان المحتلة والجليل، «وهو ما سيدفع حزب الله إلى الانضمام إلى الحرب من جنوب لبنان، حيث ستثبت القوات الدولية، كالعادة، أنها هشة».
كما يقدّم كريفلد سلسلة خطوات وقائية إسرائيلية، تكون أولها عبر جمع «الموساد» أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الصواريخ السورية، والتحضير لشن ضربة جوية ضدها إذا احتاج الأمر. ويقترح سرقة أو شراء بعض رؤوس الصواريخ، كما حدث في السبعينيات من القرن الماضي مع صواريخ «اكزوست» البحرية الفرنسية، لمعرفة أسرار عملها، وتطوير آلية لردعها.
لكن الخطوة الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى كريفلد، هي إعادة بناء القوة البرية، ورفع معنوياتها، باعتبار «أن زجها في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية أوصل المعنويات الإسرائيلية إلى الحضيض»).
■■
هذا النَفَس العدواني غير المستغرب، والمستمر من جانب آلة الدعاية الصهيونية دفعنا للتوجه بمجموعة من الأسئلة لثلاثة باحثين عسكريين ومحللين إستراتيجيين في كل من سورية ولبنان ومصر الذين قدموا قراءات مختلفة أجمعت على عدوانية واشنطن وتل أبيب وضرورة استنهاض عناصر المقاومة لمواجهتها، وكانت الحوارات التالية:
· اللواء المتقاعد صلاح سليم (مصر)
· اللواء المتقاعد عز الدين ادريس (سورية)
· العميد المتقاعد أمين محمد حطيط (لبنان)