«تحالف رفاقي» بين موسكو وكاراكاس

استباقاً لزيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لفنزويلا نهاية نوفمبر، قطعت موسكو وكاراكاس شوطاً جديداً نحو ما تصفاه بالتحالف السياسي والعسكري والاقتصادي الجديد بين البلدين، ببدء عمليات التنقيب عن الغاز في خليج فنزويلا ببحر الكاريبي، وإبرام صفقات اقتصادية تشمل التعاون النووي، والتحضير لمناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة في المياه الفنزويلية.

بمناسبة إطلاق عمليات التنقيب، رحب الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بما أسماه «التحالف الإستراتيجي بين عملاقي الطاقة»، مشدداً على الأهمية التي تعلقها بلاده على العلاقات مع روسيا. وخاطب نائب رئيس غاز بروم الكسندر ميدفيديف، المسؤولين الفنزويليين قائلاً «أيها الرفاق... فينبغي أن أخاطبكم كرفاق... لنستخرج سوياً الغاز والنفط من هذه المياه».

وأعلن وزير الطاقة الفنزويلي أن احتياطي الغاز في منطقة التنقيب يقدر بنحو 23 مليار قدم مكعب، وأن البئر المستهدفة تقع على عمق 4000 قدم. وشرح أن البحوث العلمية تتوقع وجود آبار للنفط والغاز في المنطقة، وإن كانت مواصفاتها الجيولوجية تختلف عن منطقة ماراكايبو المجاورة، والتي تحتضن أكبر مخزون للنفط في أمريكا الجنوبية.

يقول أستاذ الاقتصاد والشؤون الدولية أورلاندو اوتشوا، إنه «من الواضح أن روسيا تستغل المجال الذي تفسحه لها فنزويلا... فيما ينطلق تشافيز من المخاوف الجيو- سياسية التي تثيرها الولايات المتحدة وكولومبيا، ومن منظوره بأن الصفقات الاقتصادية هي دعامة الاتفاقيات السياسية».

هذا وعلى الرغم من الدوي الإعلامي الذي صاحب إطلاق أعمال التنقيب عن الغاز في مياه فنزويلا في السابع من هذا الشهر، إلا أن التطورات القوية اللافتة للنظر في التحالف الروسي الفنزويلي المتصاعد، إنما تأتي في المجال العسكري، فتستعد فنزويلا لاستقبال أسطول روسي لإجراء مناورات جوية وبحرية مشتركة في بحر الكاريبي.

وتشارك فنزويلا في هذه المناورات بجزء من العتاد العسكري الذي اشترته من روسيا في السنوات الثلاث الأخيرة بإجمالي 4.5 مليار دولار، بما فيه مقاتلات وقاذفات قنابل ومروحيات وطائرات نقل وغيرها، فيما يجري التفاوض على شراء المزيد من القطع البحرية والسفن والغواصات الروسية.

كما تبلور التحالف الجديد هذا الشهر أيضاً من خلال الإسراع بإبرام حزمة من الصفقات التجارية الهامة في مجالات مختلفة منها استخراج الذهب، الوقود، إنشاء مصرف مشترك، والتعاون في ميدان الطاقة النووية.

فقد سحبت الحكومة الفنزويلية الامتياز الذي منحته في عام 2002 للشركة الكندية «كريستاليكس» لاستخراج الذهب في مناجم «لاس كريستيناس» جنوب البلاد، التي يبلغ احتياطيها 17 مليون أونصة من الذهب.

وأعلن وزير الصناعات والمناجم الفنزويلي رودولفو سانث، عن التوقيع على اتفاقية مع شركة «روآورو» الروسية التي تعمل في استغلال مناجم أخرى في فنزويلا، لتشكيل شركة جديدة مشتركة لاستغلال مناجم «لاس كريستيناس».

كما تزامنت زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي إيغور سيشين لفنزويلا بمناسبة بدء عمليات التنقيب عن الغاز، مع تشكيل لجنة حكومية قامت بالفعل بإعداد 15 اتفاقية تبادل اقتصادي. وبهذا ستقيم روسيا في فنزويلا مصنعاً لسيارات الركاب والنقل بتكنولوجيات تسمح بتشغيلها بالغاز الطبيعي، وترسانة لبناء السفن بالاشتراك مع مؤسسة النفط الفنزويلية، ضمن مشروعات أخرى. وفي الوقت نفسه، رحب الرئيس تشافيز بالاتفاقية التي ستتيح الحصول على التعاون والتكنولوجية الروسية في مجال تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. وأبرز أن فنزويلا «سوف تمتلك مفاعلات نووية»، مضيفاً بتهكم «بالطبع سوف يتهمونا بأننا نصنع 100 قنبلة ذرية».