القراصنة الجدد.. من هم؟!
عند توالي الأنباء وبشكل شبه يومي عن أعمال القرصنة الناجحة التي باتت تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمام الخبراء العسكريين والاستراتيجيين حول العالم، فإن السؤال الأول الذي يفرض نفسه هو: مَن وراء هذه القرصنة؟ إذ من غير المعقول أن تتمكن ثلة من عصابات بحرية يفترض أنها تعتمد الخناجر والسيوف، وفي أحسن الأحوال الأسلحة النارية الخفيفة والمتوسطة، من القيام بهذه الأعمال النوعية دون غطاء لوجستي كاف وفعال تؤمنه لها جهة ما ستكون على الأرجح منطقياً ذات نفوذ عسكري واسع في المنطقة،
خاصةً إذا ما عرفنا أن هذه العمليات، ولاسيما الأخيرة منها سواء «القراصنة الذين اختطفوا ناقلة بحرية من الدبابات»(!) أو المتعلقة باختطاف ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار»، تمت على مرأى ومسمع من قوات الأسطول الأمريكي الخامس وقوات الناتو الزميلة المنتشرة على نحو واسع في مياه المنطقة، وإذا عرفنا أن حمولة ناقلة النفط السعودية التي تقدر بمئة مليون دولار كانت متجهة إلى الموانئ الأمريكية (أي أنها أصبحت من المال الأمريكي بمجرد مغادرتها موانئ السعودية) وأن البحرية الأمريكية اكتفت بوصف عملية الاختطاف بأنها «غير مسبوقة»، فحينها لا داع لإطالة التبصر قبل إقفال حلقة الربط بين حادثة (وحوادث) الاختطاف الجارية وبين الأزمة الرأسمالية العظمى التي أودت بأسعار النفط إلى أدنى مستوى له منذ 22 شهراً، تحديداً حين تؤكد مجموعة من الخبراء إن عملية اختطاف «سيريوس ستار» سوف تساهم بشكل كبير في «ارتفاع أسعار النفط داخل القارة الأوروبية وباقي أنحاء العالم وسط ارتفاع تكاليف التأمين والشحن» البحريين؟!.
وعلى هدير أعمال القرصنة الناشئة بمعونة «جهة ما»، يتبادر سؤال آخر: من المستفيد من استمرار عمليات القرصنة البحرية؟! الجواب لدى شركة «بلاك ووتر» الأمنية التي عرضت خدماتها فوراً على ملاك السفن لتوفير الحماية ضد القرصنة عبر إنشاء أسطول صغير من السفن البحرية الأمنية للإيجار، وقد بدأت الشركة العمل بالفعل في تأمين الحماية لسفينة تدعى «ماك آرثر» مستخدمة أربعين «مسلحاً» أعدوا بها مهبطاً للمروحيات الهجومية! ويتدعم الجواب أكثر حين تروج محطات الإعلام لما تقوله قائدة الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية جين كامبيل: «لا يمكننا أن نكون في كل مكان، ولذلك نشجع الشركات على اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية»؟!.
أما السؤال الأكبر والأهم: هل ستكون شواطئ الصومال النقطة الحارة الجديدة على خريطة العالم؟ وهل ستشكل عمليات «القرصنة» المدخل الأمريكي الذي سيفرض على أفريقيا القبول بمشروع القواعد العسكرية الأمريكية الدائمة المنضوية تحت لواء AFRICOM من «باب الحماية»؟ ويكبر هذا السؤال مع استمرار توجه أنظار الدول الكبرى قاطبة إلى القرن الإفريقي كمدخل لإفريقيا البكر الغنية بكل ما تطمع به دول النهب..
إن كل المؤشرات الحالية تشير إلى تنامي قوى «قراصنية» جديدة، لكن من هم القراصنة الجدد الحقيقيون؟! نتائج وتداعيات حوادث القرصنة في غضون الأسابيع وربما الأيام القادمة قد تتكفل بالإجابة!