لماذا تحتاج فرنسا إلى قاعدة عسكرية في الخليج؟
مع التخلي عن السياسة التقليدية الفرنسية القائمة على مجرد بيع الأسلحة للأنظمة الخليجية، وقّع الرئيس الفرنسي ساركوزي اتفاقية مع أبو ظبي تنص على منح فرنسا قاعدة عسكرية دائمة تضم 500 من القوات الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة. وهذا التحرك يعكس الموقف الفرنسي الجديد تجاه إيران، ويُعبر عن المزيد من الاصطفاف الفرنسي مع واشنطن.
ذكرت مقالة في النسخة الدولية من صحيفة هيرالد تريبيون أن هذه الاتفاقية ستمكن فرنسا من فتح نافذة للقوات الفرنسية في هذه المنطقة الحاسمة بأهميتها والغنية بنفطها، وفي ظروف قلق العديد من دولها من تصاعد دور وتأثير إيران في المنطقة.
يلاحظ أن اتفاقيات التعاون العسكري مع الأنظمة الخليجية العربية قائمة أصلاً، متضمنة الإمارات وقطر. كما أن فرنسا باعت طائرات ميراج الحربية ودبابات AMX-30 إلى أبو ظبي. كذلك لفرنسا مع الإمارات اتفاقية دفاعية منذ العام 1995.
«فرنسا تستجيب لأصدقائها... وقعت فرنسا والإمارات اتفاقية دفاع متبادلة في العام 1995. طلب أصدقاؤنا في الإمارات تمديد هذه الاتفاقية ومعها قاعدة عسكرية تضم 400 عسكري سيتم افتتاحها»، حسبما أعلن ساركوزي للصحفيين بعد توقيع الاتفاقية العسكرية الجديدة.
وتجعل هذه الاتفاقية العسكرية فرنسا الدولة الغربية الأولى- بعد الولايات المتحدة- التي تمتلك قاعدة عسكرية دائمة في منطقة الخليج. وهذا يفسر قول المحللين السياسيين بأن الاتفاقية الجديدة تُشير إلى أن باريس تقوي اصطفافها بدرجة أكبر مع واشنطن، وأصبحت كذلك بائعة للسلاح في الخليج.
للولايات المتحدة- خارج العراق- أكثر من 40 ألف جندي في قواعد تنتشر في البلدان العربية الخليجية، من بينها مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين. كما أن للجيش البريطاني حضور صغير في الخليج حيث تعمل القوة الجوية الملكية البريطانية خارج قاعدة العديد في قطر وفي البحرين.
يقول بعض المحللين السياسيين أن بعضاً من قادة الخليج يرحبون بالحضور العسكري الفرنسي كبديل للحضور العسكري الأمريكي والبريطاني. وهذا مهد الطريق لفرنسا بأن تتحرك، ومع ذلك ما زال من غير الواضح أهداف باريس من قاعدتها العسكرية في الخليج.
كما وقّعت الإمارات وفرنسا كذلك على اتفاقية تعاون نووي، وتعهدت باريس بموجبها بناء مفاعلين نوويين في أبوظبي. وهذه الاتفاقية هي الثالثة الموقعة مؤخراً في هذا المجال، بعد الاتفاقية الفرنسية مع كل من ليبيا والجزائر. كذلك عرض ساركوزي على السعودية مثل هذه الاتفاقية النووية أثناء زيارته الأخيرة إلى المملكة الغنية بالنفط.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية، تكشف هذه الاتفاقيات النووية عن رغبة الأنظمة الخليجية العربية الحصول على الطاقة النووية، رغم غناها بالموارد النفطية والغاز الطبيعي. كما وأنها تلقي الضوء على قلق هذه الأنظمة تجاه البرنامج النووي الإيراني، حيث تدعي الحكومات الغربية أنه يهدف إلى إنتاج السلاح النووي، رغم النفي الإيراني المستمر لهذه الادعاءات.
يقول شهرام تشوبين الخبير في شؤون الشرق الأوسط وإيران، لدى مركز السياسة الأمنية، في جنيف إن الاتفاقيات التي وقعت بين فرنسا والإمارات تمنح فرنسا موطئ قدم بالخليج، في حين تحصل الإمارات على تجهيزات غربية بديلة لمثل هذه التكنولوجيا. وحسب قوله: فإن وجود فرنسا يخلق تنوعاً للبدائل المتاحة أو على الأقل يعطي مظهراً (شكلياً) لهذا التنوع.
■ ايميل طيب/شبكة الجزيرة
ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد