ارتفاع أسعار النفط يُعّجل في اعتماد البدائل
كان يروق لأول أمين عام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»؛ أحمد زكي يماني, أن يمازح زملاءه؛ وزراء النفط في المنظمة، قائلاً: «تذكروا أن العصر الحجري لم ينتهِ لمجرد نفاد حجارتنا». كان يقصد أن العصر الحجري قد انتهى بسبب تمكن الإنسان من تطوير أدوات بديلة للحجارة. وبالقدر ذاته فإن عصر النفط لن ينتهي لمجرد نفاد ما لدينا من احتياطيات نفطية الآن, وإنما بسبب ارتفاع أسعاره، مما يدفع البشرية لتطوير بدائل أخرى. فعلى الرغم من أن العالم قد وصل مؤخراً إلى مرحلة أخذ فيها إنتاج النفط بالتوقف عن الزيادة وبالتحول إلى حالة انخفاض، وبما أن الطلب على النفط يزداد بشكل مستمر فإن النتيجة المنطقية لذلك هي صعود الأسعار.
لا يختلف اثنان على أن النفط سيصبح من المواد الشحيحة، والخلاف فقط على الوقت الذي سيصبح فيه العرض أقل من الطلب، حينها ستكون العواقب: كساد وتضخم وحروب.
فحين يبدأ انخفاض احتياطي النفط في العالم سوف ينخفض إنتاجه بنسبة 3% تقريباً في كل سنة؛ إذ يقدر خبراء الطاقة أن معدلاً سنوياً من 2% في زيادة الطلب على النفط سنشهده في السنوات المقبلة وأن معدلاً سنوياً من 3% في انخفاض احتياطي النفط سيترافق مع هذه الزيادة. وهذا يعني أننا سنحتاج في عام 2010 إلى طلب 50 مليون برميل يومياً. كانت 2006 آخر سنة يباع فيها النفط بسعر معقول نسبياً. فالعالم اليوم يستخدم حوالي 27 مليار برميل من النفط سنوياً, أما المكتشفات في الحقول العالمية الجديدة فهي أقل من 6 مليار برميل من النفط سنوياً (أي أن حوالي 21 مليار برميل من النفط تستهلك سنوياً من المخزون العالمي المتراكم).
في تشرين الأول 2007، سجل سعر برميل النفط رقماً قياسياً في بورصة نيويورك بلغ 98 دولاراً. يشير البعض إلى أن هذا السعر المرتفع سوف يدفع إلى ضخ استثمارات كبيرة في حقل الطاقة البديلة، وهذا تحديداً ما تريده منظمة «أوبك»: أن تدع سعر النفط يهبط لفترة، يمكن خلالها قتل البدائل ثم تقوم برفعه مرة أخرى بعد ذلك.
يمثل غاز الإيثانول أحد بدائل النفط. والمعروف عن الإيثانول أنه غاز كحولي يستحضر من الذرة وقصب السكر والقمح والقش الأمريكي. أما الدولة الرائدة والأكثر سبقاً في الاتجاه لخيار الإيثانول بديلاً للنفط فهي البرازيل؛ فقد تمكن خبراء الطاقة في هذا البلد من استخراج براميل الوقود من أطنان الذرة والقمح وقصب السكر. فلم تعد البرازيل تحتاج إلا لتحقيق القليل من الطفرات التكنولوجية حتى تتحول إلى «سعودية» أخرى للذرة. وما أن تكتمل هذه الطفرة التكنولوجية في غضون الخمس سنوات المقبلة, حتى يغدو بالإمكان استخراج ما يزيد على ضعف الكمية المستخرجة من كل قصبة سكر اليوم.
وكانت البرازيل قد انضمت مؤخراً إلى كل من الولايات المتحدة والهند والصين وجنوب أفريقيا والاتحاد الأوروبي، لتطلق هذه الدول والكيانات معاً، ما يسمى بـ(المنتدى العالمي حول الوقود الحيوي). يهدف المنتدى إلى تأمين الظروف اللازمة لجعل الإيثانول حالياً، ثم لاحقاً الديزل الحيوي؛ وهو الوقود المستمد من الأحياء الزراعية، سلعة عالمية قابلة للتسويق.
ورغم الضغوطات التي تتعرض لها إيران جراء سعيها للحصول على الطاقة النووية السلمية، فقد بات الكثير من بلدان العالم على قناعة بأنه لم يعد أمامها سوى الاعتماد على الطاقة النووية التي تنتج حالياً (16%) من حجم الطاقة التي يستهلكها العالم ويتم توليدها في 443 محطة نووية منتشرة في الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والهند وكوريا الجنوبية وغيرها من دول آسيا وأوروبا. ولنا أن نتصور بأنّ فرنسا تحصل على ما يقارب (80%) من احتياجاتها من محطات الطاقة النووية، وهناك زيادة مطردة في عدد الدول التي تلتحق بنادي الطاقة النووية السلمية وما يزيد عن 26 محطة للطاقة النووية تحت الإنشاء في آسيا وأميركا اللاتينية، ويوجد نوايا لدى المغرب وتركيا لبناء محطات مشابهة، ومؤخراً وقع الأردن على اتفاقية الشراكة الدولية في مجال الطاقة النووية وكذلك فعلت الجزائر وفرنسا.
وأخيراً سيبقى علينا الإجابة عن السؤال التالي: هل إنها مسألة ممكنة أم ساذجة للتفكير بقدرتنا على استخدام موارد طاقة بديلة عن النفط للوفاء بمتطلبات الحياة العصرية؟ هل من الممكن أن نُغير عاداتنا وطريقة حياتنا؟
■عادل بدر سليمان
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.