روسيا: بوتين رئيساً للوزراء.. و«الدرع الصاروخية» هدف مشروع لموسكو
تتصاعد حدة المواقف الكلامية بين موسكو وواشنطن وتجري ترجمة ذلك على الأرض بإجراءات متبادلة يريد كل طرف من خلالها توجيه رسالة رادعة للآخر، وينسحب ذلك على قضايا سياسة وعسكرية (ناهيك عن الاقتصادية) على حد سواء، من كوسوفو إلى الدرع الصاروخي مروراً باتفاق الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في أوربا.
ففيما تواصل الفرق العسكرية الهندسية الأمريكية دراسة تطبيقات نشر الدرع الصاروخية الأمريكية في بولندا وتشيكيا، اختبرت البحرية الروسية بنجاح صاروخاً جديداً ذاتي الدفع عابرا للقارات في المحيط الهادئ، في حين أكدت موسكو في تهديد مباشر أن الدرع الصاروخية الأمريكية في أوربا قد تصبح هدفاً للصواريخ الروسية وذلك بعد يومين فقط من تحذيرات أطلقها رئيس هيئة أركان الجيوش الروسية الجنرال يوري بالويفسكي من أن إطلاق أي صاروخ اعتراضي انطلاقا من تلك، قد يؤدي إلى رد من قبل روسيا. وبعد إعلان موسكو بدء تطبيق انسحابها من اتفاقية الأسلحة التقليدية في أوربا رداً على التعنت الأمريكي في قضية نشر الدرع الصاروخي على تخومها، فإن هذا التهديد يعني عسكرياً أن منظومة الدفاعات الصاروخية الروسية سترد تلقائياً على أي صاروخ ترصده في محيطها الأمني الجيوستراتيجي وستقوم بتدميره وتدمير قواعد إطلاقه تحسباً من المزيد منه.
وأوضح بالويفسكي أن صاروخاً اعتراضياً قد تطلقه الولايات المتحدة قد تعتبره الدفاعات الروسية خطأ صاروخا باليستياً موجهاً ضد روسيا، متهماً الحكومات الغربية من جهة أخرى باستخدام معاهدة القوات التقليدية لأغراض سياسية ضد روسيا.
من جانبه شدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي كيسلياك على أن موسكو «لم تحصل على الأجوبة» على أسئلتها بخصوص الدرع الصاروخية.
أما بخصوص تجربة الصاروخ الروسي الجديد الذي لم يحدد طرازه، فقد جاء في بيان البحرية الروسية أنه أطلق «تحتمائياً» من الغواصة النووية «تولا» من بحر بارينتس في القطب الشمالي وأنه قصف الهدف في منطقة كورا المخصصة للتجارب في شبه جزيرة كامتشاتكا في الساحل الروسي المطل على المحيط الهادي، وذلك في إطار التدريب لاختبار مدى استعداد القوات النووية الاستراتيجية لمشاة البحرية».
وبموازاة تلك التطورات الميدانية التي تريد المؤسسة العسكرية الروسية إعادة تثبيت صورتها من خلالها أمام الداخل والخارج على حد سواء، شهدت روسيا تطوراً غير مسبوق في تاريخ التناوب على السلطة في أي بلد، مع إعلان الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر لحزب روسيا المتحدة الذي يتزعمه استعداده لتولي منصب رئيس الوزراء إذا انتخب دميتري ميدفيديف مرشحه المفضل في انتخابات الرئاسة العام القادم.
وعلى الرغم من محاولته الاستباق لتبديد مخاوف منتقديه بتأكيده أنه لن يسعى للحصول على صلاحيات جديدة لرئيس الوزراء، فقد قدم بوتين بإعلانه قبول المنصب المحتمل إشارة يختلف على تفسيرها بين من يجدها تواضعاً لاستكمال مشروع «نهوض روسي» أسهم فيه إلى حد كبير ويخشى إجهاضه، ومن يجدها تمسكاً بأذيال السلطة ولو كان بشكل مهين ضمن فريق يتقاسم الأدوار فيما بينه استيلاءً على روسيا وسدة الحكم فيها منعاً لظهور أي بديل لا تبدو معالم برنامجه العملية في كل الأحوال، وحتى وإن كان بوتين لا يشكل ذاك الزعيم الثوري.