المرض، ومالكي «رام الله»، وتبرئة الاحتلال!

منذ عدة أشهر وأهالي غزة الصامدة يخضعون لحصار رهيب، عملت على تشديده و«تجديده» أطراف عدة، يأتي في مقدمتها الاحتلال الصهيوني، الذي يمارس سياسة العقاب الجماعي بحق السكان المدنيين العزل، بالإضافة لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية الراعية والداعمة لحكومة العدو، في تعميم نهج الحصار والعمل على تطوير أشكاله، بحيث تؤدي جميعها إلى «الموت البطيء» لأكثر من مليون وثلاثمائة ألف إنسان، نتيجة سياسات الحكومات «الديمقراطية» في أكثر من قارة، التي يلفها صمت القبور تجاه الجريمة البشعة التي تمارس بحق العديد من الحالات الإنسانية، خاصة، المرضى الذين يموتون بسبب النتائج التي تمخض عنها الحصار.

وتشير أرقام عدد من المؤسسات الطبية في غزة إلى استشهاد أكثر من أربعين مواطن ومواطنة نتيجة عدم السماح لهم بالمغادرة للعلاج، منذ شهر حزيران وللآن. كما سقط عشرون ضحية خلال الأسبوعين الماضيين بسبب الحصار والإغلاق للمعابر، كانت آخرهم حتى ظهر الأحد 25 /11 المواطنة «منى فايز نوفل -35 عاماً- الأم لأربعة أطفال» التي تعاني من السرطان. كما يوجد  250-300 حالة مرضية تحتاج لعلاج فوري في الخارج وأي تأخير يعرضها لخطر الموت، إضافة لمرضى السرطان والقصور الكلوي البالغ عددهم 850 مريضاً، بينهم أكثر من أربعمائة مريض قصور كلوي يقومون بغسيل الكلى 3 مرات أسبوعياً. ولكن ذلك انخفض إلى جلستين بسبب الحصار الذي يمنع وصول قطع غيار أجهزة الغسيل البالغ تعدادها 69 جهازاً موزعة على أربع مستشفيات، يعاني عشرون جهازاً منها من عطل كامل، في حين توجد ثلاثة اجهزة تجاوزت عمرها الافتراضي، مما يعني تعرضها للتوقف في أي لحظة.
مادفعني لتسليط الضوء على هذا الجانب من المعاناة، التصريحات التي أدلى بها رياض المالكي وزير الإعلام والمكلف بأعمال وزارة الخارجية لحكومة «فياض» في رام الله المحتلة، والذي نفى (النقص في أجهزة غسيل الكلى في القطاع) بل شدد على (إضافة 19 جهازاً متطوراً آخر) مؤكداً أن (عدد أجهزة غسيل الكلى في غزة يغطي القطاع والضفة والأردن مجتمعة) مضيفاً (ان كل ما يثار حول نقص هذه الأجهزة هو للتحريض على الحكومة الفلسطينية) أي حكومة فياض «المعينة».
يأتي كلام الوزير «المزدوج» كتغطية مقصودة على السلوك الاجرامي الصهيوني الاحتلالي، بعدما صدرت تقارير دولية عدة تدين حكومة العدو وتحملها مسؤولية سقوط عشرات الشهداء من المرضى في القطاع، ولكن المالكي اتهم بشكل استفزازي حركة حماس بعرقلة استمرار نقل الحالات المرضية من قطاع غزة الى مستشفيات الكيان والضفة الغربية من خلال إدخال اشخاص محسوبين على الحركة دون أن يكونوا مرضى، ما أدى إلى وقف عمليات نقلهم.
تعبر أحاديث المالكي وتصريحاته عن بؤس الخطاب السياسي والاعلامي، وعن تساوقه مع حملات المخبرين والواشين بأبناء شعبه- مازلنا نتذكر تصريحاته عن أبناء شعبنا المصلوبين على بوابات الدخول للقطاع، وتحديده لعدد القادمين من معسكرات التدريب في الخارج. ويُسجل للمالكي وهو على رأس وزارته الاضافية «الخارجية» تداول اسم «رياض منصور»- مندوب حكومته في هيئة الأمم المتحدة- في أجهزة الإعلام، لكونه الأكثر قبحاً في المشهد الدبلوماسي العالمي، بسبب انحيازه الواضح للموقف الصهيو أمريكي في المنظمة الدولية، فقد كان الوجه الآخر لسيء الصيت جون بولتون في درجة عدائه للقضية الفلسطينية.
مالكي رام الله المحتلة، يُذَكرنا دائماً بالمالكي الآخر المُنَصَّب في بغداد المحتلة! من المؤكد أن رابطة الدم مفقودة بين الإثنين، لكن عدة روابط تجمعهما في التساوق مع محتل بلدهما.  

آخر تعديل على السبت, 27 آب/أغسطس 2016 16:32