مؤتمر انابوليس: تصفية للقضية ومساندة للمشروع الاستعماري
إن الدعوة لمؤتمر في مدينة انابوليس الأمريكية حول ما يسمي إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هي قرار أمريكي منفرد . ويعلم القاصي والداني أن الولايات المتحدة الأمريكية هي اليوم ومنذ أكثر من ستين عاما الراعي والحليف والشريك الأول للكيان الصهيوني في احتلال فلسطين وعدوانه الدائم وجرائمه اليومية ضد الشعب الفلسطيني من قتل واعتقال وتعذيب وقصف وهدم للمنازل واجتياح للمدن والقرى ومخيمات اللاجئين وتجريف للأراضي الزراعية ومصادرتها واقتلاع لأشجار الزيتون وتوسيع مستمر للمستوطنات وحصار وتجويع وتقييد ومنع للتنقل وعلاج المرضى والجرحى ولعبور الحدود وغيرها من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية وتلغي تماما أية مصداقية لكل مزاعم الرأسمالية الأمريكية والعالمية عن حقوق الإنسان فردية كانت أو جماعية.
ا يخفى على أحد – سوى من فقد تماماً بصيرته – أن تلك الجرائم ترتكب في إطار إستراتيجية اقتلاع الشعب الفلسطيني نهائيا من أرضه وهي الإستراتيجية الصهيونية الدائمة ما بقي الكيان الصهيوني. وهل يُخفى على أحد اليوم أن اتفاقية أوسلو وأخواتها وملحقاتها لم تكن سوى وسيلة لكسب الوقت لتغيير الواقع علي الأرض الفلسطينية وإزالة المعوقات (الثورة والمقاومة الفلسطينية) أمام استمرار وتفعيل هذه الإستراتيجية المنافية للعقل والتاريخ والجغرافيا وكل شريعة إنسانية؟
علاوة على ذلك يأتي هذا المؤتمر في ظل تشبث أمريكا بإستراتيجيتها العدوانية في المنطقة، وإصرارها على الاحتلال ومواصلة الحرب في العراق وتقسيمه، والاستعداد لشن حروب جديدة ضد دول أخرى في مقدمتها سورية وإيران، ومواصلة وتصعيد عملية حشد الأنظمة العربية الحليفة والتابعة (التي تسميها المعتدلة) لمساندة السياسة الأمريكية أمام الحركة الوطنية في البلاد العربية بوجه عام والمقاومة العراقية والفلسطينية واللبنانية بوجه خاص وضد الوجه الايجابي الوطني في سياسة إيران وسورية، ومواصلة مخطط فرض الوصاية على لبنان وتفكيك وتقسيم السودان وتفكيك وتقسيم الدول العربية عامة عبر استغلال وتحريك وتمويل النزاعات الطائفية والعرقية والقبلية الداخلية والتدخل والعدوان المباشر وغير المباشر من الخارج.
(..) ما الذي يمكن انتظاره من مؤتمر يعقد تحديدا وبكلمات صريحة من الداعي له لحشد المعتدلين (التابعين والأعوان) العرب والفلسطينيين ضد تيار العنف والإرهاب (يقصد المقاومة) ولاحتواء التراكمات الايجابية المحتملة لانتصارات المقاومة المسلحة في العراق ولبنان وصمودها الأسطوري قي فلسطين؟
(..) فالمؤتمر يستهدف تحقيق عدة أهداف فعلية هي:
- الحد من اتساع حركة الاصطفاف الوطني ضد الاستعمار الأمريكي والكيان الصهيوني خصوصاً بعد انتصار المقاومة اللبنانية في صيف 2006 وتواصل وتصاعد المقاومة العراقية برغم الحصار والأوضاع الإقليمية والعربية غير المواتية وتغلب الشعب الفلسطيني على التيار الانهزامي وتأكيد خط المقاومة
- استغلال الانقسام الفلسطيني بين الضفة وفتح وبين غزة وحماس لدفع السلطة الفلسطينية في رام الله لتنازلات جديدة وإحياء تنازلات قديمة يتيحها إعلان أو بيان مشترك فلسطيني إسرائيلي يجيزه المؤتمر، وهي:
1. تطبيق المرحلة الأولى والشق الأمني في خريطة الطريق أي وقف المقاومة ومصادرة سلاحها وتفكيك بنيتها
2. قبول مبدأ دولة فلسطينية بحدود غير دائمة أو مؤقتة في نحو 40% من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 وبحجة الوقت اللازم لتحديد إقليمها في المفاوضات ولإعادة إخضاع قطاع غزة ، والدولة التي يقصدونها سواء بحدود مؤقتة أو دائمة منزوعة السلاح إلا من شرطة وأمن لحماية السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني معاً من مقاومة وغضبة الشعب
3. تنازل الطرف الفلسطيني عن حق العودة للاجئين تحت صيغة حل يتفق عليه لعودة اللاجئين لأراضي ما يسمى دولة فلسطينية وبالأعداد والمعايير التي تجعلها محدودة للغاية كمعيار لم شمل الأسر وغيرها من المعايير حفاظا على يهودية الدولة الإسرائيلية .
4. تعديل حدود الضفة الغربية وضم أجزاء منها للأراضي المغتصبة سنة 1948 تحت مسمى مبادلة الأراضي حيث جرى ويجري التفاوض على مبادلة أرض خصبة ولها أهمية عسكرية في الضفة الغربية بأراضي من صحراء النقب جنوبي قطاع غزة
5. التنازل عن السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية والتوفيق بين موقف إسرائيل ببقاء المدينة موحدة وعاصمة أبدية لها وبين مظهر شكلي لسيادة فلسطينية خاصة على الحرم القدسي تحت مسميات كالسيادة الفلسطينية على الأحياء العربية والسيادة الإسرائيلية على الأحياء اليهودية أو غيرها من الصيغ.
6. الحرص من الجانب الإسرائيلي على إرجاء تنفيذ فتات الحق الفلسطيني الذي قد يتفق عليه لخلق واقع جديد بعد ذلك على الأرض ثم العودة مجددا لدفع الفلسطينيين لتنازل جديد كمنهج إسرائيل وأمريكا الدائم على طريق التصفية أو الترانسفير (الترحيل)، وهذا ما أفصحت عنه التصريحات الأمريكية الإسرائيلية بخفض سقف التوقعات من المؤتمر.
- تقديم غطاء للدول العربية لتمرير سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني علما بان مجرد حضور السعودية التي لم تعترف أو تطبع علاقاتها رسميا بإسرائيل يعد بداية لتطبيع رسمي، وقبل أي التزام إسرائيلي بالشروط التي وضعتها المبادرة العربية سنة 2002 ( وهي في الأصل سعودية)!!
- إيجاد غطاء سياسي للهجوم على قطاع غزة وإخضاعه بحجة تعارض وضعه الحالي تحت سيطرة حماس مع متطلبات سير التفاوض نحو الحل الذي اتفق في المؤتمر على أسس التوصل إليه
- كسب إسرائيل وأمريكا للوقت وتضييع وقتنا واستعدادهما لشن اعتداءات جديدة وحروب جديدة. فدعوة بوش للمؤتمر أتت كما ذكرنا سابقا في إطار إصراره على مواصلة الاحتلال والحرب في العراق وإخضاع سورية ولبنان والمقاومة الفلسطينية وإعادة صياغة خرائط المنطقة وفقاً للمفهوم الأمريكي الصهيوني
لذلك فإن اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية ، تتوجه بالنداء إلى جميع القوى الوطنية في مصر والدول العربية لتصعيد نضالها ضد التطبيع ونشر ثقافة المقاومة للاستعمار والصهيونية ودعم ومساندة المقاومة الفلسطينية والعربية المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني والأمريكي.
21 تشرين الثاني 2007
اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية
المصدر:مجموعة التقدم البريدية بتصرف