على أبواب الموصل: ماذا في الجعبة الأمريكية؟!
تجري التحضيرات العسكرية لتحرير الموصل، على الصعيدين الداخلي العراقي، والدولي المختزل حتى الآن بدور «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد الانتصارات التي حققتها القوات العراقية في معركة الفلوجة وتقدمها نحو الضواحي الجنوبية لمدينة الموصل التابعة لمحافظة الأنبار..
في سياق التحضيرات الأخيرة لمعركة الموصل، يظهر التقدم ميدانياً بوتائر ثابتة للجيش العراقي والقوات الأمنية، مدعومة بقوات «الحشد الشعبي» والعشائر، لإحكام السيطرة على ضواحي مدينة الموصل. فبعد تحرير الفلوجة، استطاعت القوات العراقية، اقتحام قاعدة القيارة العسكرية الجوية جنوب مدينة الموصل في 9 تموز الماضي، بعد شهر من المعارك مع تنظيم «داعش» الإرهابي فيها، وتعتبر هذه القاعدة أهم نقاط الانطلاق اتجاه مدينة الموصل.
وكان قد سبق ذلك بيوم واحد إعلان قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن اسماعيل المحلاوي، تحرير منطقتي «البوريشة»، و«طوي»، شمال مدينة الرمادي غربي العراق، مما يساعد القوات العراقية على قطع طرق الإمداد الواصلة بين مواقع التنظيم في سورية والعراق.
تحضيرات المعركة على المسارين
في سياق متصل بالتحضيرات للمعركة، قال جبار ياور، الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم شمال العراق، أن 50 ألفاً من قوات البيشمركة سيشاركون في عملية تحرير مدينة الموصل، من قبضة تنظيم «داعش»، في الوقت الذي أصدر فيه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمراً بتصنيف «الحشد الشعبي» كقوة رسمية تتبع رئاسة الوزراء، وهو ما يسحب إحدى الذرائع الأمريكية التي كانت السبب في مماطلة الأمريكيين قبل معركة الفلوجة.
أما من الجانب السياسي الذي من شأنه تحديد موعد انطلاق العملية المرتقبة، فتبدو التغيرات الإقليمية في سورية تحديداً، والأحداث الإرهابية المتزايدة في العالم، محددات تحل أكثر فأكثر محل المؤقت الأمريكي الذي لعب دور الضابط لإيقاع المعارك في العراق منذ إنشاء «التحالف الدولي» لمحاربة الإرهاب حتى الأمس القريب.
خدمات أمريكية غير مرغوب بها !
ارتباطاً بمعركة الموصل، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، عزم واشنطن إرسال 560 جندياً إضافياً لدعم القوات العراقية في معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي. وجاء ذلك خلال زيارته للعاصمة العراقية بغداد في 11 تموز الماضي، وأضاف أن القوات الجديدة ستساعد على إعادة تشغيل قاعدة القيارة الجوية التي استعادتها القوات العراقية كمركز انطلاق لمعركة الموصل التي طال انتظارها.
قوبل هذا التحرك الأمريكي برد من غالب الزاملي، عضو «كتلة الأحرار» التابعة للتيار الصدري، والذي قال إن تحرير مدينة الموصل لا يتطلب تدخلاً خارجياً وخصوصاً القوات الأمريكية، وأضاف أن قوات الجيش العراقي والشرطة والعشائر جميعهم قادرون على تحرير المدينة، لافتاً إلى أن القوات العراقية بمسمياتها كافة حررت مناطق واسعة في محافظتي صلاح الدين والأنبار دون الحاجة لأي تدخل بري أجنبي.
هذه التحركات الأمريكية، والردود عليها مماثلة تقريباً لما حدث قبل معركة الفلوجة، عندما هدد الأمريكيون بإيقاف دعم الجيش العراقي في حال إشراك قوات «الحشد الشعبي» في المعركة، وهو ما تم حسمه أخيراً بمشاركة الحشد، لكن الجديد المتعلق بالضغوط الدولية، ومثول النموذج الروسي الجدي في محاربة الإرهاب في المنطقة، يضع الأمريكيين اليوم في موقف تحت دائرة الضوء كونهم من «تعهد» بمحاربة الإرهاب في العراق، والترتيبات وصلت إلى نهاياتها، فإما الانخراط الجدي في معركة عمادها القوات العراقية الجاهزة عملياً لهذه المهمة، أو ظهورها كقوة عاجزة أمام استحقاق دولي وهو ما لا يفيدها في معركة تظهير موازين القوى الدولية في هذه المرحلة، التي تشهد أيضاً على الضفة الأخرى في سورية، تطورات كبيرة فيما يخص محاربة الإرهاب.