المحكمة الدستورية الكولومبية تؤكد.. اتفاقية القوات الأمريكية باطلة المفعول
قطعت المحكمة الدستورية الكولومبية الشك باليقين بإبطالها مفعول الاتفاقية التي وقعتها كولومبيا مع الولايات المتحدة في نوفمبر 2009 للترخيص لقوات عسكرية أمريكية باستخدام سبع قواعد وطنية، والتي أبرمت دون موافقة البرلمان والمحكمة الدستورية، وجاءت بمثابة صدمة لهما وللشعب، الذين أخفت عنهم الحكومة الشروط السلبية الصارمة الواردة فيها.
فقد أعلنت المحكمة الدستورية في قرارها أنها «تحققت من أن الأمر لا يتعلق بمجرد اتفاقية مبسطة (حسب إدعاءات الحكومة) ولكن بأداة قانونية تنطوي على التزامات جديدة على الدولة الكولومبية، فضلاً عن تمديد المتفق عليها سابقاً»، وبالتالي «يجب أن تخضع لموافقة البرلمان ثم لمراجعة المحكمة الدستورية» قبل إبرامها.
ومن ثم، أعلنت المحكمة الدستورية في 17 آب أن هذه الاتفاقية، التي ادعت حكومة الرئيس السابق الفارو أوريبي (2002-2010) أنها مجرد اتفاقية «مبسطة» في إطار اتفاقية سابقة، أعلنت أنها غير شرعية وبالتالي باطلة المفعول.
ولم تمنع المحكمة صراحة الحكومة الجديدة برئاسة وزير الدفاع السابق خوان مانويل سانتوس الفائز في الانتخابات الأخيرة، من طرحها على البرلمان والمحكمة الدستورية للحصول على موافقتهما كما كان ينبغي أن تفعل الحكومة السابقة.
وكانت أحزاب المعارضة قد طعنت في شرعية الاتفاقية استناداً للمادة 173 من دستور البلاد القاضية بضرورة الحصول على موافقة مجلس النواب الكولومبي على أي اتفاقية تتضمن عبور قوات أجنبية بأراضي البلاد.
كما أوردت المحكمة في قرارها الإشارة إلى عدد من الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة في إطار اتفاقيتها العسكرية مع الولايات المتحدة، ومن بينها «الترخيص لموظفين عسكريين ومدنيين أجانب بدخول واستخدام المنشآت العسكرية (الكولومبية)، وحرية حركة السفن والقوارب والطائرات والمركبات التكتيكية من جانب دولة أجنبية دون إمكان تفتيشها أو مراقبتها من جانب السلطات الوطنية، والترخيص لموظفين أجانب بحمل السلاح واستخدامه في الأراضي الوطنية».
وعلاوة على ذلك، نصت الاتفاقية على «منح وضع خاص لضمان الحصانات والامتيازات الدبلوماسية للمقاولين والمتعاقدين من الباطن والموظفين الأمريكيين، وبنود غير محددة بشأن تمديد الاتفاقية وتجديدها، والقواعد والمنشآت العسكرية المرخص للموظفين الأجانب بدخولها واستخدامها».
وإضافة إلى ذلك، لم تأخذ حكومة بوغوتا بعين الاعتبار الشكاوى المقدمة من الدول المجاورة وجانب من الرأي العام الوطني الذي طعن في الوجود العسكري الأمريكي في سبع قواعد في كولومبيا.
لكن رب ضارة نافعة. فقد أشار قرار المحكمة الدستورية إلى هذه الآراء والمواقف والمخاوف. كما يعني أيضاً مساعدة كولومبيا على الخروج من العزلة الإقليمية التي تعاني منها من جراء اتفاقيتها العسكرية مع الولايات المتحدة.
فقد أعلنت حكومات دول أمريكا الجنوبية أن التراخيص الممنوحة للقوات الأمريكية في سبع قواعد عسكرية كولومبية تشكل خطراً على المنطقة، واعتبرت أن الوجود العسكري الأمريكي فيها يمثل قاعدة مراقبة تتحكم فيها الولايات المتحدة.
ولم تنجح محاولات حكومة كولومبيا لطمأنة جيرانها، ووعودها بأن هذه القوات ستتدخل فقط «ضد تجارة المخدرات، وضد الإرهاب وغيره من التهديدات»، خاصة إثر الهجوم العسكري الكولومبي على معسكر قائد جماعة المتمردين الكولومبيين راؤول رييس في أراضي إكوادور في مارس 2008، أثناء تحليق طائرة أمريكية فوق المنطقة.
ولم تقنع بوغوتا حكومات المنطقة بوعودها، خاصة وأن الاتفاقية تنص على «مكافحة الإرهاب»- أياً كان معناها-، وتكفل الحصانة للقوات الأمريكية التي تشن عملياتها من القواعد الكولومبية.
كما أنها لم تقنع المعارضة الكولومبية، التي أكدت أنه إذا كانت الغاية من الوجود العسكري الأمريكي في القواعد هي مكافحة تجارة تهريب المخدرات، فتكفي القواعد الثلاث التي تستخدمها القوات الأمريكية بالفعل في أراضي كولومبيا، إضافة إلى شبكة أجهزة الرادار الأمريكية المقامة منذ خروج قواتها من بنما في 1999.
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لديها حاليا 735 قاعدة عسكرية في مختلف أرجاء العالم. فإذا ما شرعت حكومات كل دولة «مستضيفة» لها في إبطالها، لوقعت واشنطن في مأزق «العجز عن التصرف وحماية مواطنيها» حسبما تردد عادة.
نشرة (آي بي إس)