اليمن رهن التغيرات الإقليمية.. و«طاولة الكويت»

اليمن رهن التغيرات الإقليمية.. و«طاولة الكويت»

بعد وصول ملف المفاوضات اليمنية- اليمنية إلى خواتيمها، من حيث وضع الخطوط العامة وحتى التفصيلية في قضايا شائكة عدة عبر تنازلات متبادلة، بقيت مسألة توزيع الصلاحيات ما بين «الرئيس- الحكومة» هي العائق الذي قد يكون الوحيد والأكبر، والذي من أجله تم الدفع بكل القضايا الأخرى للنقاش قبل الوصول إليه، لأنه عملياً لا يقبل القسمة تماماً بين أطراف النزاع.

 

أعطت عودة العمليات العسكرية بمستويات عالية في الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك على الحدود السعودية- اليمنية، إشارات كافية من الأطراف اليمنية عن التزامها بسقوفها العالية، طالما لم تحمل المبادرات الإقليمية والدولية جديداً في الشق السياسي لحل الأزمة اليمنية، فهل البعثة الدولية عاجزة فعلاً عن تقديم حل توافقي يرضي الأطراف جميعها ؟ 

حريق الإقليم ينعكس في اليمن

لم يوفر المبعوث الدولي، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبعثته المدعومة دولياً، جهداً ممكناً في تيسير محادثات الجولة الأولى التي استمرت أكثر من شهرين، وأثمرت في العديد من الملفات الجزئية، لكن القضية الجوهرية المتعلقة بشكل السلطة السياسية القادمة، والتي ستحدد وجه اليمن وتأثيره على موازين القوى الإقليمية في المنطقة، لا يمكن حلها بأوراق العمل فحسب، بمعنى آخر، فإن الوضع الإقليمي المشتعل يدفع أطرافاً دولية وإقليمية لانتظار لحظة تقدم ما على مستوى النفوذ الإقليمي للدفع بالحل السياسي في اليمن بما يخدم مصالحها، لذا، نرى مجموعة سفراء الدول العشر الراعية للتسوية السياسية في اليمن (ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي) تحاول تثبيت المفاوضات عند نقطة «ما قبل الحسم السياسي» بخطوة، بانتظار الظروف المواتية لدفع الملف إلى نهايته، لذا فإن هذه الأطراف لم تحسم خيارها فعلاُ في الضغط على الأطراف اليمنية لإنهاء معاناة بلادهم.

سياسياً، تناقلت وسائل الإعلام ورقة سعودية «مسربة»، تقول مصادر قريبة من «أنصار الله» أنها تحمل «نوايا مقلقة»، بتركيزها على تسليم السلاح والانسحاب من المدن، وهو ما سمعه هذا الطرف السياسي طوال شهرين على طاولة المفاوضات في الكويت، أي أن «الورقة المسربة»، لم تأتِ بالجديد في الطريق لحل الأزمة.

وفي السياق ذاته، اتهم المتحدث باسم وفد «أنصار الله»، محمد عبد السلام، المبعوث الدولي إلى اليمن بتبنيه رؤية وفد «الحكومة الشرعية»، بطرحه لأولوية الملفين العسكري والأمني. وعليه، يمكن القول إن كسر الحلقة المفرغة من نقطة «صلاحيات رئيس- حكومة»، مؤجل مبدئياً، رغم انطلاق الجولة الثانية من مفاوضات الكويت، والمحدد وقتها بأسبوعين.

المهلة الكويتية لليمنيين

أكد نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله: إن الكويت أمهلت أطراف الحوار اليمني في الكويت 15 يوماً لحسم مشاورات السلام اليمنية التي تستضيفها برعاية الأمم المتحدة.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية، يوم الأربعاء 20/7/2016 عن الجارالله قوله: إن الكويت ستعتذر عن مواصلة مشاورات السلام اليمنية التي تستضيفها برعاية الأمم إذا لم تتمكن من إيجاد حل للأزمة اليمنية في الموعد المحدد للمشاورات.

تبعه ذلك يوم الخميس بيان رباعي صادر عن حكومات بريطانيا، الولايات المتحدة، الإمارات، والسعودية، حيث شدد البيان على أنه «آن الأوان للتوصل لاتفاق في الكويت»، وبحثت هذه الدول تسلسل اتفاق محتمل، مؤكدين أن الحل الناجح يشمل ترتيبات تتطلب: انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة ومناطق أخرى، واتفاق سياسي يتيح استئناف عملية انتقال سياسي سلمية وتشمل الجميع.

ويبدو أن التحركات الأخيرة، لا تتعدى ما انتهت إليه الجولة الأولى من المفاوضات بإجراءات تثبيتٍ لما تم التوصل إليه حتى الآن، والذي كسبت منه السعودية «التقاط الأنفاس» على الحدود لمدة شهرين، لكن المماطلة في الضغط على وفد «الحكومة الشرعية»، أدى إلى محاولات ضغط معاكسة من جانب «أنصار الله» الذين استهدفوا مواقع عسكرية داخل الأراضي السعودية بثلاثة صواريخ باليستية، أدت إلى وقوع إصابات بشرية ومادية في صفوف القوات السعودية.

ولكن إذا ما أخذنا بالحسبان التحولات الجارية في المنطقة وتفاعلات ملفاتها، بما فيها التجاذب والتنافر بين واشنطن وكل من الرياض وأنقرة، فإن السعودية، وغيرها من اللاعبين الإقليميين، سيجدون أن مصلحتهم التوقف عن عرقلة الحل اليمني، الذي وصلت صياغة تفاصيله إلى مرحلة متقدمة، ودائماً على قاعدة أن ما قد يحصلون عليه اليوم قد لا يحصلون عليه غداً.