واشنطن إذ تضغط على حليفها.. من بوابة الكشوفات القديمة
رغم أنها بقيت قيد الكتمان حوالي 15 عاماً، إلا أن الإدارة الأمريكية المتعطشة إلى الضغط على حلفائها باتت مضطرة اليوم إلى «الكشف» عن الصفحات الـ28 التي حملها تقرير الكونغرس بخصوص علاقة السعودية بأحداث 11 أيلول من عام 2001 في الولايات المتحدة.
علّقت صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية على مضمون الوثائق التي جرى نشرها، مؤكدة على أن: «المذكرة الصادرة عن وكالة الاستخبارات الأميركية، في تموز 2002، تقول بما لا لبس فيه: إن الصلات بين خاطفي الطائرات والسفارة السعودية في واشنطن والقنصلية في لوس أنجلس، تشكل دليلاً لا يقبل الجدل على أن هناك دعماً لهؤلاء الإرهابيين من داخل الحكومة السعودية».
فيما رأت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الوثائق تعد تصويراً واضحاً لـ«عمل المملكة على عرقلة المحاولات الأميركية، لمحاربة القاعدة في السنوات التي سبقت 11 أيلول»، مشيرة إلى أنها تحتوي «على فهرس من الاجتماعات والصدف المثيرة للشكوك».
وتشير ملفات وكالة الاستخبارات، المركزية الأمريكية ومذكرة وكالة الاستخبارات إلى أن منفذي الأحداث كانت لديهم صلة مع الشيخ فهد الثميري، الذي كان موظفاً في القنصلية السعودية في لوس أنجلس. وتظهر السجلات أن الدبلوماسي السعودي المعتمد، أجرى عشرات المحادثات الهاتفية، ولقاءً واحداً على الأقل مع أحد منسقي العملية، وذلك قبل قدوم منفذي هجوم 11 أيلول. وتذكر إحدى صفحات التقرير أن «مسؤولاً في وزارة الداخلية السعودية بقي في الفندق ذاته في فيرجينيا، مع منفذي الهجوم على البنتاغون، في الليلة التي سبقت الاستيلاء على الطائرة».
لا تبدو أياً من المعلومات آنفة الذكر غريبة، حيث أنه من المعروف أن للسعودية دوراً مهماً، كميناء تصدير للجماعات المتشددة التي تعمل تحت اللواء الأمريكي أولاً وآخيراً، لكن ما يبدو غريباً فعلاً هو التوقيت الذي يجري فيه الكشف عن مثل هذه الوثائق، وهو اللحظة التي تضطر فيها الإدارة الأمريكية إلى صياغة توافقات على المستوى الدولي، وبالتالي، فهي بأمس الحاجة إلى تأمين أكبر قدر واسع من «الطاعة والولاء» الإقليميين لنفوذها.
بهذا، يمكن القول إن الكشف عن تلك الوثائق ما هو عملياً إلا «فركة إذن» للحليف السعودي إن حاول، هو أو غيره من الحلفاء، أن يستشعر التراجع في الوزن النوعي للولايات المتحدة على الصعيد العالمي، وبالتالي، هي تريد ضمان ألا يقفز أحد من الحلفاء من المركب الأمريكي الذي تزداد احتمالات غرقه.