ماجد دياب ماجد دياب

أسرى الحرية.. مواقف صلبة ومحطات كفاحية

تجاوز عدد الأسرى والمعتقلين الذين دخلوا السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف الصهيونية منذ عام 1967 وحتى نهاية 2009 /750/ ألف يشكلون /25%/ من الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

ويقدر عدد الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال قرابة /11/ ألف أسير موزعين على أكثر من عشرين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف منهم /111/ أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً و/10/ أسرى أمضوا أكثر من /25/ عاماً بشكل متواصل وثلاثة أسرى أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً وهم:

1) نائل البرغوثي.

2) فخري البرغوثي.

3) أكرم منصور. 

صراع الإرادات بين الأسير والجلاد:

يعكس السلوك الإسرائيلي تجاه قضية الأسرى البيئية التربوية والتعليمية في المجتمع الإسرائيلي القائمة على العنصرية والعدوانية وتنمية النزعة العسكرية وتجريد الأسرى من إنسانيتهم. ويتعامل الاحتلال مع الأسرى كفئات منفصلة حسب الانتماء السياسي «معارضاً ومؤيداً لأوسلو» والجغرافي «الضفة ـ القطاع ـ القدس ـ مناطق ـ الـ 48 ـ أسرى الدوريات ـ سوري ـ لبناني ـ أردني....» والتهمة «أيدي ملطخة بالدماء» لتستثنى من عمليات التبادل أو الإفراج وذلك بهدف زرع الشقاق والفتنة داخل الحركة الأسيرة. ولا تتوقف محاولات القضاء على إنسانية الأسير وتعددت طرق ممارستها خاصة بعد فشل العقوبات الجماعية والتعذيب الجسدي فلجأت إدارة السجون إلى أتباع سياسة ترويج الإشاعات والحرب النفسية واستعانت بعلماء في علم النفس و«أدباء» وأعضاء كنيست وأساتذة جامعيين يتقنون اللغة العربية يجيدون المناقشة بهدف إبعاد الأسرى عن همومهم ومشاكلهم اليومية وحقوقهم المصادرة وانتمائهم الوطني ولكن قيادة الحركة الأسيرة تنبهت إلى أهمية التثقيف الأمني بشكل مكثف ووضعت على رأس مهامها تثقيف الأسرى حول الإشاعة ودورها وتأثيرها وفشلت إدارة السجون في الوصول إلى عقل الأسير. وقد عبرت تجربة الأسرى وانتظامهم في أطر حزبية وحركية عن إصرارهم الأكيد على التصدي لمخططات إدارة السجون وتوحيد الأسرى وبناء المؤسسات والمنظمات الجامعة والمرجعية الموحدة لخوض النضالات المطلبية والوطنية. 

مواقف صلبة ومحطات كفاحية:

خاضت الحركة الأسيرة معاركها المتواصلة ضد إدارة السجون وكرست جل اهتمامها لتحويل السجون إلى أكاديميات وطنية فانتزعت حق الأسرى في الإضراب والتعليم والانتساب الجامعي والتواصل مع الأهل وواكبت تطورات القضية الفلسطينية وتفاعلت مع الأحداث والتطورات السياسية. ورغم توتر الأجواء داخل السجون والمعتقلات أحياناً. تمكنت قيادة الحركة الأسيرة التي تمثل فصائل العمل الوطني داخل السجون والمعتقلات من الاتفاق على التفرغ لمواجهة العدو واحتفاظ كل فصيل بمواقفه السياسية دون أن يؤثر ذلك على الحياة داخل السجون. وأكدت على عدم السماح للتباينات والخلافات أن تتغلب على مهمة مواجهة مخططات العدو. وأصبحت الحركة الأسيرة تحي المناسبات الوطنية الجامعة كذكرى النكبة ويوم الأرض وانطلاقة الثورة الفلسطينية وذكرى الانتفاضة ويوم الأسير.... وكان للأسرى المحررين دور بارز رئيسي في الانتفاضة الأولى والثانية. وفي عام 2006 تمكنت الحركة الأسيرة من الاتفاق على «وثيقة الأسرى» لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية. هذه الوثيقة التي عرفت لاحقاً بوثيقة الوفاق الوطني والتي تبنتها فصائل الثورة الفلسطينية بالإجماع وتعتبر من أنضج الوثائق التي عالجت قضايا الخلاف في الساحة الفلسطينية وقدمت برنامجاً سياسياً وتنظيمياً متكاملاً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وإعادة بناء وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. هذا الدور النضالي المتقدم للحركة الأسيرة جعل العدو أكثر تشدداً وتعنتاً بعدم الإفراج عن الأسرى حتى بعد انتهاء أحكامهم أو الإصرار على إبعادهم خارج الوطن كما حدث لأسرى كنيسة المهد وكما يطالب لإنجاز صفقة التبادل مع شاليط إذ يصر على موافقة الجانب الفلسطيني على إبعاد عدد كبير من قادة الحركة الأسيرة خارج فلسطين كما يحاول الانقضاض على إنجازات الأسرى وحقوقهم التي انتزعوها بنضالاتهم وقدموا من أجلها الشهداء.

ويضاف إلى ذلك محاولات إذلال الأسرى وتحطيم إرادتهم وتحجيم أي دور يمكن أن يلعبوه في التأثير الإيجابي على الساحة الوطنية. فالأسرى يشكلون موضوعياً الطليعة المكافحة وخندق المواجهة الأمامي. وتعتبر نسبة الأسرى الذين عادوا إلى الثورة من أكبر النسب في العالم من بين الذين عاشوا في الأسر على مر التاريخ. ويعود ذلك للإرادة الصلبة والخلاقة للأسير الذي قرر منذ البداية، بغض النظر عن ملابسات اعتقاله وخلفياتها الكفاحية، أن يصنع من نفسه شيئاً مهماً لشعبه ووطنه وقضيته، وأن يساعد في تربية الأجيال القادمة ليكونوا قادرين على السير على دروب النصر.