العميد مصطفى حمدان لـ«قاسيون»: لبنان يعيش وقتاً مستقطعاً حافلاً بالمستجدات.. وفترة «السنيورة» ولت إلى غير رجعة
العميد مصطفى حمدان، هو واحد من الضباط اللبنانيين الأربعة الذين تم اعتقالهم إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، إذ سرعان ما اتهمتهم قوى 14 آذار ممثلة بحكومة السنيورة، بضلوعهم في عملية الاغتيال بسبب علاقتهم الوطيدة بسورية، قبل أن تثبت الوقائع التي اضطر التحقيق «الدولي» للأخذ بها، براءتهم من هذه الجريمة التي كان هدف من خطط لها ونفذها، خلق ذرائع لضرب المقاومة اللبنانية والتضييق على سورية..
العميد حمدان يشغل اليوم منصب أمين الهيئة القيادية لحركة الناصريين المستقلين – المرابطون، وقد التقته قاسيون، فكان الحوار التالي..
أجرى الحوار خضر عواركة
• كان لكم موقف عنيف من زيارة جعجع لمصر، فلماذا تستكثرون عليه قيامه بتلك الزيارة؟
مصر العربية لا يضيرها قزم مثل سمير جعجع، تاريخه الإجرامي شديد الوضوح، ولكننا نعيب على من استقبل جعجع أن يبحث عن دور لمصر في زواريب الساحة المسيحية اللبنانية ولا أقول اللبنانية العامة، لأن مستوى فعل جعجع السياسي لا يزيد عن قدراته على تحقيق انتصارات كبيرة في مجال انتخاب المخاتير في بلدته بشري، وأما على الساحة الوطنية العامة فإن دوره لا يزيد عن دور المزعج الذي يتكارم عليه بعض اللبنانيين بتحمله كي لا يتهموا بعدم الديمقراطية مع علم الجميع بأن جعجع لم يخرج من ثوب الإجرام ولا اعتذر عن دوره في اغتيال الرئيس المسلم لوزراء لبنان المرحوم الشهيد رشيد كرامي، ولا اعتذر جعجع عن دوره في محاصرة بيروت مع الجيش الصهيوني ولا اعتذر عن اغتيال الزعيم العربي طوني فرنجية ولا اعتذر عن اشتراك قواته في مجزرة صبرا وشاتيلا... ومع كل الإصرار الجعجعي على الاستجابة لمتطلبات الرضا الأمريكي المسترضي لإسرائيل في لبنان لم نجد أن قاهرة عبد الناصر يليق بها أن تستقبل سفاحاً مجرماً قتل المسيحيين وهجرهم من ديارهم قبل ارتكابه لجرائمه ضد المسلمين في لبنان، وجعجع هذا في السياسة اللبنانية اليوم ليس سوى صدى لتاريخ تحالف قواته الميليشاوية مع «إسرائيل»، وما نراه في استقبال الرسميين المصريين له تصغيراً لمن استقبله وخاصة عمرو موسى الذي كنا نرى فيه أملاً حين كان وزيراً لخارجية مصر وقد أكد على خيبة أملنا فيه بعد استقباله لمجرم لبناني خرج من السجن بعفو تم تصميمه في السفارة الأمريكية في لبنان.
• كيف ينظر اللبنانيون إلى الدور المصري مقارنة بالدور التركي؟
نشأنا في لبنان على مصر التي تقود الأمة العربية وأمم أفريقيا وأمم العالم التي تسعى إلى الحرية فهل هذا هو دور مصر اليوم؟ استقبال مصر لسمير جعجع حليف «إسرائيل» السابق والمشارك في اجتياحها للبنان ورجل الأمريكيين الوحيد في لبنان، هو أمر مشين لمن استقبله في مصر وليس لمصر الأمة العربية، مصر التي كانت تصنع الأحداث العالمية أصبحت اليوم تبحث عن دور لها عند قيادات مجرمة من وزن محمد دحلان ومن وزن سمير جعجع، ولا همّ لهؤلاء إلا خدمة أعداء الأمة العربية ومصر على رأسها، نتمنى أن تعود مصر لذاتها وأن تعود لقيادة العالم العربي ونتمنى أن يخرج من مصر قائد عربي يمد اليد للرئيس الأسد وللمقاومين العرب والأتراك والإيرانيين فيتحقق حلم عبد الناصر ونستكمل ما بدأه وما ناضل من أجله أي قيام وحدة الأهداف العربية– الإسلامية بتحرير فلسطين وإن لم يتحقق حلم ناصر بوحدة سياسية عربية.
• أعلن فيلتمان– مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى- مؤخراً أمام لجنة في الكونغرس أن أميركا تعمل على تحجيم حزب الله بالتعاون مع سورية، فهل تصدقه؟
هناك عجز على صعيد تحقيق إرادة الأمريكيين في منطقتنا، هذا العجز في الفعل، يدفع أمثال هذا الموظف والفاسد إلى خلط الأمور الشخصية مع المصالح القومية. هذا السفير سجله حافل بالفضائح المالية وهو أهم استثمار لبناني في واشنطن لفريق سياسي معين، وهذه الهلوسات عن التعاون السوري مع الأمريكيين لتحجيم حزب الله ليست سوى أحلام القاصرين والعاجزين. وهو يناقض الحملة الإعلامية الأميركية الإسرائيلية على سورية التي اتهمت قبل أسابيع فقط بأنها مصدر التسليح النوعي للمقاومة اللبنانية. إنه الواقع الاستراتيجي الذي فرضه في المنطقة رجال كبار من وزن الدكتور بشار الأسد والسيد حسن نصرالله، وهو واقع أصاب أمثال فيلتمان بالإحباط فلم يجدوا ما يقولونه لممثلي شعبهم إلا الأكاذيب فجعلوا من تمنياتهم الخيالية حقائق أمام أعضاء الكونغرس.
• هل يمكن أن يتحالف طرفان لبنانيان في حكومة واحدة، أحدهما يستشير فيلتمان في يومياته السياسية والثاني مستهدف منه؟
هذه الفترة التي يعيشها لبنان، هي مرحلة هجينة،(hybrid period) وقت مستقطع حافل بالمستجدات، بين إعلان الهروب الأمريكي الكبير من العراق، وتزايد قدرة حلف الأقوياء على الساحة المشرقية، حلف طهران وسورية واسطنبول وبيروت المقاومة وغزة الشامخة والقدس الصابرة، لذا يجب أن نصبر قليلاً لكي نعطي فرصة لشركاء الوطن ليخرجوا من خياراتهم الخاطئة وليلتحقوا بالخيارات الحقة، إنه الخيار بين سنوات رامسفيلد وولفوويتز وبيرل وابراهمز وكوندوليسا رايس وفؤاد السنيورة، وبين خيارات بشار الأسد وحسن نصرالله والطيب أردوغان ورفيق الحريري وسليم الحص وجمال عبد الناصر..
لذا ومن منطلق الصبر على شركاء الوطن حتى يعودوا إلى الصراط القويم علينا تفهم ما يجري على صعيد إدارة الحكم اللبناني من تشتت في التركيز على إنتاج نظام قوي وقادر على خدمة مصالح أهلنا وتطوير انتمائهم إلى وطن لبناني قوي يواجه المخاطر المحيقة به. ولعل أخطر ما يحاوله هو إعاقة عودة الضالين إلى صراط الوطن المستقيم من خلال بعض الأدوات وعلى رأسهم المدعو سمير جعجع ومن خلال إحدى شخصيات لا يرف لها جفن في مخالفة كل إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنا هنا لا أقصد الرئيس سعد الحريري الذي يسير على درب أبيه في مواجهة «إسرائيل» حالياً، ولكن من نقصده معروف لدى الناس بمثيل جعجع في «الساحة الإسلامية».
• تقصد السنيورة، إذا ما رأيكم فيما قاله الأخير أثناء زيارته الأخيرة إلى الكويت من أن سلاح المقاومة خطر على لبنان؟
إن فؤاد السنيورة هو أحد الرموز التي انتفخت وأعطيت أحجاماً تفوق كثيراً ما هي فعلاً عليه، وذلك من أجل استخدامها كما استخدمت في سنوات الباطل لتغطية جرائم كثيرة ارتكبت ضد اللبنانيين من قبل «إسرائيل» وأمريكا. ولعل ما أقدم عليه السنيورة في الفترة التي انتهت إلى غير رجعة، من لجوء إلى التحريض المذهبي المكشوف للتغطية على ارتمائه في حضن السياسة الأمريكية التي لا همّ لها في الوطن العربي إلا حماية «إسرائيل»، لاحظوا كيف تتلقى «إسرائيل» الدعم من الكونغرس الأمريكي في مواجهة تركيا والطيب أردوغان، إن الوحيد الذي تلقى دعماً مماثلاً من الكونغرس ومن الإدارة الأمريكية تماماً كما يدعمون «إسرائيل» هو فؤاد السنيورة، وهذا دليل إدانته لمن يريد أن يرى ويسمع، وهو خدم الأمريكيين حماة «إسرائيل» بما فعله في لبنان خلال سنوات حكمه من تشويهه للفعل السياسي القومي العربي للشهيد الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي سوقه الرأي العام المسلم في لبنان وبالتحديد الشريحة السنية المقاومة إلى عداء مذهبي للمقاومين باسم مصلحة لبنان الفئوية، وهو ما أدى إلى إضعاف الدور المقاوم للسنة خدمة لربة عمل السنيورة أي كوندليسا رايس، ولكن نحمد الله أن تلك الفترة ولـّت إلى غير رجعة، ونحمد الله أن أهلنا في لبنان عادوا إلى حيث موقعهم الريادي في مواجهة «إسرائيل» ومن كل المواقع الحزبية التي ينتمون إليها أكان في تيار المستقبل أم في المرابطون وفي القوى الناصرية الصاعدة من جديد في الساحة «السنية» اللبنانية.