«إسرائيل».. «عملاق» الغاز القادم «بثقة»..!

لم تعد مجرد تكهنات، بل باتت حقيقة آخذة في التجسّد والبروز، حيث بدأ الحديث «الجدَّي» يأخذ طريقه إلى المشهد الإسرائيلي بأبعاده الإقليمية والدولية، والمكانة «الجديدة» التي تستعد «إسرائيل» لـِ«احتلالها» بكل ما تحمله هذه التطورات من أبعاد ومتغيرات، وما ستجبله من تحالفات ومعادلات وتأثيرات جيوسياسية بل وإستراتيجية على المنطقة بأسرها..

«أسرة تحرير» صحيفة «هأرتس» المصنّفة في خانة «اليسار» الصهيوني والناقدة اللاذعة للاحتلال واليمين الإسرائيلي في شكل عام، كتبت في افتتاحية رئيسية لها، كاشفة عن «خلاف» بدأ يدب بين الحكومة الإسرائيلية وأصحاب الشركات التي اكتشفت مواضع الغاز، حيث يعارض مالكو الشركات أي تغيير في المردودات والضرائب التي تقررت عند إصدار رخص التنقيب، وهو «عقد» تحاول الحكومة استبداله بعقد جديد يضمن لها عوائد أعلى من «الكنز الضخم» الموجود في أعالي البحار وعلى بعد «130» كيلومتراً داخل البحر الأبيض المتوسط..

أصل الحكاية..

في «إسرائيل» يعيشون حالاً من الفرح والابتهاج، بعد أن بات مؤكداً أن عمليات التنقيب والحفريات في عمق البحر المتوسط، قد أسفرت عن اكتشاف حقول الغاز الضخمة، التي ستأخذ «إسرائيل» ذات الاقتصاد القوي والعصري المعتمد في أساسه على التكنولوجيا وتصدير منتجاتها المتقدمة إلى موقع أكثر تقدماً، يمنحها المزيد من القوة والعوائد المادية التي ستؤهلها في شكل أو آخر لفرض جدول أعمالها، والذي قد يتجاوز شطب فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة على تواضع ما ستمنحه لها من إمكانات هزيلة، إلى إعادة رسم خرائط المنطقة ونسج تحالفات ومعادلات، قد تكون تلك السائدة الان «نعمة» للعرب والفلسطينيين، مقارنة بما ستؤول اليه الحال عندما تصبح «المزوّد» الرئيس للغاز وتوظفه كالعادة في مقايضات سياسية وصفقات معلنة، إذ وعندما تغدو متربعة على «قمة» هرم دول أوبك «الغازية» أو صاحبة القرار في التسعير، فإن السياسة تغدو في خدمة الجيوب وموازنات الدول والمصالح الفردية كما اللوبيات وغيرها..

هل نبالغ في الأمر؟

قطعاً لا، فالحديث يدور عن «حقلين» تقول التقديرات إن الأول الذي سمّته «إسرائيل» «تمار» (يبعد عن حيفا 90 كيلومتراً) يمكن استخراج اكثر من ثلاثة تريليونات قدم مكعب من الغاز.. فيما الثاني الذي اكتُشف مؤخراً وقلب الأمور رأسا على عقب، فاسمه «لفيتان» ويبعد عن حيفا 30 كيلومتراً ويمكن أن يستخرج منه «16» تريليون قدم مكعب..

ان تصبح «إسرائيل» عملاق غاز جديد، مسألة وقت، والخطورة تكمن في أن أحداً «لن» يشاركها هذه «الهدية»، التي هبطت عليها في ظروف اقتصادية دولية صعبة، تمنحها المزيد من هوامش المناورة وفائض القوة التي لديها الآن، وبما يفيض عن حاجتها عسكرياً فضلاً عن المعونات الامريكية السخية التي تزيد على ثلاثة مليارات دولار سنوياً (دع عنك ما تجود به حكومات الغرب المستنير والمحبة للسلام والمدافعة عن حقوق الانسان، من غواصات نووية كما فعلت ألمانيا عندما «أهدتها» ثلاث غواصات من طراز دولفين، وطائرات أمريكية مقاتلة لا توجد مثيلاتها حتى في تشكيلات حلف شمال الأاطلسي)..

حاول نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني إثارة المسألة ولفت إلى حقوق لبنانية في حقول الغاز هذه، لكن «إسرائيل» تتحدث في غطرسة وفظاظة عن «ادعاءات لبنانية واهية لا تنطلق من أي أساس» لأن الحقول المكتشفة «بعيدة جداً عن السواحل اللبنانية» على ما تقول الشركة التي أعلنت اكتشاف حقول الغاز الضخمة في عمق البحر المتوسط..

ماذا عن قبرص؟

لا تختلف الحال كثيراً، فالمنطقة التي تنقب فيها «إسرائيل» بعيدة عن تلك التي تنقب فيها قبرص، وبالتالي ليس من «صلة» بين مناطقنا ومناطقهم... يقولون في «إسرائيل»..

ماذا عن العرب؟

بعضهم بل معظمهم، لا مشكلة لديه في أن تكون «إسرائيل» عضواً في «أوبك» النفط أو الغاز، أليست جارة وعضواً في الأمم المتحدة؟ يتساءلون، أما انها ستبقى في مرتبة الدولة «العدوة» فهي موضع إعادة نظر منذ مدة طويلة، ما بالك الآن وقد باتت في موقع الشريكة؟

... عظّم الله أجركم.. 

الحرب والغاز الطبيعي..

الغزو الإسرائيلي ومكامن غزة البحرية 

وكانت قاسيون نشرت تحت هذا العنوان مادة من ترجمتها في العدد 387 بتاريخ 16/1/2009 للباحث ميشيل شوسودوفسكي أكد فيها أن «اجتياح القوات «الإسرائيلية» الضاربة لقطاع غزة، له علاقة مباشرة بالسيطرة على الاحتياطي الاستراتيجي لحقول الغاز البحرية الموازية لسواحل القطاع، والاستحواذ عليه. إنها حرب تهدف إلى غزو الشريط الساحلي للقطاع بعد اكتشاف احتواء البحر مقابله على احتياطي ضخم من الغاز في عام 2000».

وأكد الباحث أن «مسألة السيادة على مكامن الغاز في غزة أمرٌ حاسم. فمن وجهة نظر قانونية، تعود ملكية هذه الاحتياطيات لفلسطين».