أحوال رأس المال
بقدر ما يستبسل مسؤولو الغرب دفاعاً عن متانة أوضاعهم المالية والاقتصادية، ويضاعف زعماء أوروبا جهودهم الإعلامية في عملية إقناع العالم بأن كل شيء على ما يرام...
كلما شدد مدراء الشركات التنفيذيون التأكيد على مدى قدرات البنك المركزي الأوروبي في حل مشاكل دول أوروبا الأضعف، وقدرة الدول الأقوى على الصمود...
وطالما أن النخب الاقتصادية أكدت أن الأزمة المالية بعيدة عن ضرب إسبانيا والبرتغال، وأبعد بكثير عن إصابة بلجيكا وإيطاليا... كما ألقى باحثو الغرب ورأسماله باللوم على نظام الحكم الاشتراكي المسبب لأزمة نظام اليونان الرأسمالي!! أو حتى إذا اكتفوا بإلقاء اللائمة على كسل الحكومة اليونانية وتبذيرها، شاتمين بطريقهم «جون كينز»، ألمع اقتصادي بريطاني في القرن العشرين...
وحيثما أجمع المذكورون أعلاه «قشة لفة» على تسمية الكساد بالركود، ومسخ الركود إلى مجرد انكماش صفته الأساسية أنه عابر، مؤكدين لنا، بحكم عادتهم الناشئة مع الأزمة، أن الموجة التالية من هذا "الانكماش العابر" لن تأتي أبداً...
وكلما خرجت إحصائية جديدة عن تزايد أو انخفاض أعداد المطرودين من وظائفهم، وتقلص قدرة العاملين منهم الشرائية...
وعندما تسلخنا نخب الليبرالية، من أقدم شيوخها إلى أجدّهم، بعبارة مستهلكة دعائياً مثل «الرأسمالية قادرة على تجديد ذاتها»، أو «أنها تستطيع تجاوز أزماتها»...
وحتى عندما لا يخجل زعيم دولة أو رئيس حكومة من الإعلان عن إجراء تغيير حكومي كبير لمواجهة الأزمة التي لن تأتي!!
يغدو أسهل إقناع الناس بأن بؤس مئات ملايين الناس، والمعاناة والخوف والبطالة، والخوف من البطالة ذاتها، وانخفاض الأجر والفقر والتهميش والجريمة والظلم وانحلال المجتمعات وغزو مجتمعات، كلها صفات ملازمة للنظام الرأسمالي، ونتاج له.
يغدو أسهل إقناع الناس بمدى سوء الأحوال.
موفق إسماعيل
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.