«Brexit» تهز الاتحاد الأوروبي المأزوم أصلاً

«Brexit» تهز الاتحاد الأوروبي المأزوم أصلاً

هل سيشكل «خروج بريطانيا» من الاتحاد الأوروبي حلاً للوضع الاقتصادي البريطاني المتراجع، ضمن سياق الأزمة الرأسمالية، وسط الجدل الدائر حول وضع الاقتصاد البريطاني الحالي والقادم بين الموافقين والمعارضين للخروج من الاتحاد؟ الإجابة ضمن سياق التحولات والانزياحات في ميزان القوى العالمي ستحملها الفترات المقبلة، غير أنه كان من اللافت صدور مواقف متباينة تعكس جملة المصالح المتباينة مع تحول الأزمة إلى تجلياتها الاجتماعية، من بريطانيا إلى عموم أوربا. 

 

 

قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إنه سيستقيل من منصبه بحلول تشرين الأول، بعد أن أيد البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يوم الخميس 23/6/2016، وصرح كاميرون أن رئيس حكومة جديد يجب أن يقرر موعد بدء عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقال للصحفيين أمام مقر إقامته في داونينج ستريت: «لا أعتقد أنه سيكون من الملائم لي أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة».

وأكد كاميرون على ضرورة احترام رأي البريطانيين، مهنئاً من صوت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذين تجاوزوا 16.7 مليون صوت، أي نسبة 52%، حيث كان الفارق بين الأصوات قليلاً، الأمر الذي أكدت عليه استطلاعات الرأي خلال ساعات فرز الأصوات. وكانت النتائج تتقلب بين الطرفين، إلا أن الساعات الأخيرة بينت التصويت لصالح «الخروج» علماً بأن الاستفتاء لا يحمل طابعاً قانونياً، أي أن الحكومة ورئيس الوزراء يملكان الحق في تجاهل النتائج، ولكن كاميرون نفسه من طلب الاستفتاء ولا يستطيع التجاهل.

آراء الموافقين والمعارضين

وسبق للسياسي البريطاني، جورج غالاوي، أن صرح بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعرض وجوده للخطر. فإذا صوت البريطانيون في الاستفتاء العام للخروج من الاتحاد، فقد يعني ذلك نهايته. ويضيف أن عدد المعارضين لسياسة بروكسل يتزايد في أوروبا، ولا سيما أن مسألة الخروج من الاتحاد تناقش في هولندا أيضاً.

من جانبها، تشير صحيفة «لوموند» الفرنسية إلى أن الرأي العام في بريطانيا يرى أن الخروج من الاتحاد هو السبيل الأفضل لوضع حد لتدفق اليد العاملة من بلدان أوروبا الشرقية، وللسيطرة أيضاً على تدفق المهاجرين.

كما حذر صندوق النقد الدولي من أن بريطانيا قد تدخل في حالة ركود اقتصادي العام المقبل مع اختيارها الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتوقع تقرير صادر عن الصندوق أن يؤدي الخروج إلى انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.4% على الأقل بحلول 2019، لكن اقتصاديين مؤيدين لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد يقولون إن الحديث عن أن هذه الخطوة سيئة للاقتصاد يستند إلى «قواعد معيبة»، حيث قال باتريك مينفورد، الرئيس المشارك لحملة «اقتصاديون مؤيدون للخروج»، إن تقرير صندوق النقد الدولي مثل تقرير وزارة الخزانة يستند إلى قواعد معيبة ويضع افتراضات خاطئة ومخادعة لتصوير الخروج على أنه وضع سيء، قائلاً: إنه يمكن توفير 300 ألف وظيفة من خلال صفقات تجارية مع الاقتصادات السريعة النمو حول العالم، حسب BBC.

تداعيات

 اقتصادية وسياسية

وفي التداعيات الاقتصادية البريطانية والأوربية المباشرة لإعلان نتائج الاستفتاء، فقد الجنيه الإسترليني الجمعة 24 حزيران، أكثر من 10% من قيمته، حيث هوى سعره مقابل الدولار، إلى 1.3305 للدولار. ووفقا لوكالة «بلومبرغ» الاقتصادية يعد هذا الهبوط الحاد لقيمة الجنيه الإسترليني، أدنى مستوى له منذ عام 1985.

كما سجلت الأسهم الأوروبية انخفاضاً غير مسبوق، إذ هبط مؤشر «يورو ستوكس 50» بنسبة 3.94% ليصل إلى مستوى 2.918.18 نقطة، بحلول الساعة 10:05 بتوقيت موسكو، كما تراجع مؤشر «FTS100» بنسبة 1.60% ليصل إلى مستوى عند 6.236.40 نقطة، وهوى مؤشر «كاك» الفرنسي، بنسبة 4.87% ليسجل 4.248.60 نقطة، أما مؤشر «داكس» الألماني فخالف باقي المؤشرات الأوروبية، وارتفع بنسبة 1.85% ليصل إلى مستوى 10.257.03 نقطة.

سياسياً، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند: إن نتائج الاستفتاء في بريطانيا أبهجت على الأرجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معرباً عن أمله في أنها لن تسمح بتخفيف الضغط على موسكو حتى فيما بعد الشهر الجاري.

الرد الروسي جاء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي وصف نتائج الاستفتاء بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بالشأن الداخلي للمملكة وإرادة شعوب بريطانيا، وأضاف متهكماً على تعليق هاموند بأن روسيا تشعر بالرضى لنتائج الاستفتاء: «لم أحصل على تعليم طبي ولا يمكنني التعليق على حالات طبية».

أوربياً، وفيما حدد الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء 28 حزيران موعداً لعقد اجتماع طارئ من أجل مناقشة عواقب القرار البريطاني، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عقدت، يوم الجمعة 24 حزيران، اجتماعاً طارئاً مع الوزراء وزعماء الأحزاب وقادة الكتل البرلمانية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

المخاوف من

 الأزمة المالية القادمة

هيمنت أصداء الاضطراب الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية، إثر حالة عدم الاستقرار التي نجمت عن تراجع أسعار النفط العالمية بداية 2016 ومخاوف بشأن تأثيرها على النمو العالمي، على عناوين الصفحات الأولى للصحف البريطانية.

وحذرت صحيفة «ذي غارديان» في تقرير لمراسلها للشؤون الاقتصادية، فيليب إنمان، نشرته في صدر صفحتها الأولى من تزايد المخاوف بانهيار اقتصادي يذكر بالأزمة المالية في عام 2008، إثر ما سمته الهلع الذي يسود الأسواق المالية العالمية.

ويقول إنمان: إن المخاوف من أن الاقتصاد العالمي ربما يتجه إلى ما يشبه الانهيار المالي في عام 2008، خلقت موجة من الاهتزازات في الاقتصاد وعززت المخاوف عند البريطانيين، وتسعى الأحزاب الحاكمة والمعارضة إلى إيجاد حل ومخرج للأزمة القادمة، فيقترح أحدهم الخروج من الاتحاد ويقترح الآخر البقاء فيه في ظل غياب اقتراحات لمخارج وحلول حقيقية في الوقت الحالي، وعدم القدرة بالتالي على تجنب الآثار السلبية للأزمة المتوقعة في أوروبا في العام الحالي، فلا البقاء داخل الاتحاد الأوروبي ولا الخروج منه سينقذ بريطانيا من الأزمة التي من المتوقع أن تكون أقوى من تلك التي كانت في عام 2008.