تحرير الفلوجة: مأزق أمريكي..!
أعلن رئيس الوزراء العراقي يوم الجمعة 17/حزيران تحرير الفلوجة من أيدي تنظيم «داعش». ولكن فيما يبرز ميدانياً أن معركة الفلوجة تم حسمها عسكرياً، ينفي المتحدث باسم «التحالف الدولي» الأمريكي، كريستوفر جارفر، تصريحات الجيش العراقي الذي أكد تحرير مدينة الفلوجة..
بحسب جارفر، فإن الجيش العراقي استطاع فقط السيطرة على ثلث المدينة فيما لا تزال الاشتباكات دائرة في باقي المدينة، هذا التصريح جاء بعد أسبوع تقريباً على إعلان حيدر العبادي تحرير الفلوجة، وتصريحات قادة الجيش العراقي بتحرير ثمانين بالمئة من المدينة، فما دواعي إصرار واشنطن على التقليل من قيمة الإنجاز العراقي في تحرير أراض محتلة من «داعش»؟
الطريق نحو الموصل
بالعودة إلى ما قبل معركة الفلوجة بأيام، وتحديداً في 14/أيار الماضي، يقول ستيف وارن- المتحدث ذاته- إن تحرير مدينة الموصل يعد أولوية يفوق الأهمية العسكرية لاستعادة مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار، مضيفاً أنه «ليس هناك أي سبب عسكري يدفع القوات العراقية لتحرير الفلوجة قبل الموصل».
ربما يصيب ستيف وارن، بالقول أن المعركة الكبرى في الموصل وليست في الفلوجة، لكن بعيداً عن التحليلات العسكرية حول مركزية الفلوجة لتحرير باقي الأراضي العراقية من عدمها، فإن الأهم يكمن عملياً في المعنى السياسي لتحرير الفلوجة، فإنهاء هذه المعركة يتضمن مجموعة من النقاط الواجب استدراكها.
أولاً: الحكومة العراقية المأزومة على خلفية قضايا الفساد المفجعة، استفادت من معركة تحرير الفلوجة في تأجيل أوّلي لبحث البنية السياسية القائمة حالياً في العراق إثر الضغط الشعبي المتصاعد على الحكومة، إلا أن هذا النصر بالمقابل يشكل ضغطاً شعبياً أعلى من سابقه لن يجري تأجيله أو امتصاصه من وجهة نظر الحكومة العراقية، بأقل من مناورة بحجم «تحرير الموصل»!
ثانياً: المتحدث باسم القوات الأمريكية في العراق، كريستوفر كارفر، كان قد صرح في 6/حزيران الجاري أن التحالف الدولي سيوقف الغارات الجوية ومساندة القوات العراقية في استعادة الفلوجة إذا ما اقتحمت قوات «الحشد الشعبي» المدينة، لكن قوات الحشد دخلت فعلياً إلى الفلوجة، ولم تتجرأ واشنطن على إيقاف دعم الجيش العراقي المتقدم نحو المدينة، وهو ما يعني أن قدرة الولايات المتحدة على التحكم بمسار عملية مكافحة الإرهاب في العراق ينخفض بحدة، ويدفعها إلى المشاركة رغم محاولات المناورة كلها التي من ضمنها أيضاً، طلب تحريك تعزيزات كبيرة إلى الموصل في المرحلة التي كانت معركة الفلوجة في أوج احتدامها.
من الممكن القول أن تحرير الفلوجة تكمن أهميته الكبرى في تزايد الضغط على القوى المواربة في مسألة الحرب على الإرهاب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي يعني لها كل انحسار لداعش خسارة جديدة في دواعي وجودها العسكري في المنطقة، وهو ما تؤكده ردود الفعل الأمريكية على تحرير تدمر السورية ومن بعدها الفلوجة العراقية مؤخراً.
أصداء معركة الفلوجة
سياسياً، رحب مجلس الأمن الدولي بنجاح القوات العسكرية العراقية في سحق عصابات داعش وتحرير الفلوجة، ودعا الحكومة العراقية الى حماية المدنيين. بينما بحث الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيس، محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها الخميس 23/حزيران: «خلال المحادثة، حصل تبادل شامل لوجهات النظر حول الوضع الحالي في العراق، في سياق الجهود التي تقوم بها سلطات هذا البلد، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي».