ما بعد «العديسة»..!

ما الذي سيجري بين الثالث من آب والتاسع من آب؟ سؤال خلال أسبوع لا يوجد له جواب شاف استباقي سوى التكهنات التي تدور جميعها حول استفزازات محتملة ومتعددة الأشكال تمهد لاختراق عسكري رئيسي في المنطقة أو التمهيد لمقايضته باختراق «تسووي دبلوماسي» مماثل في الحجم!

في الثالث من آب جرى العدوان/ الموقعة في قرية «العديسة» على تراب الجنوب اللبناني مجدداً بالتزامن مع الاحتفالات المركزية بانتصار تموز 2006، وكان في أحد جوانبه، غير التشويش وتنفيذ التهديدات السابقة، بالون اختبار استفزازي إسرائيلي لقدرة المقاومة اللبنانية (حزب الله) على ضبط النفس وإدارة المعركة الداخلية سياسياً تفويتاً للفرص أمام خصومه داخل الحدود وخارجها باتجاه فلسطين المحتلة وما بعدها، ولقدرة الجيش اللبناني أيضاً على المواجهة وإثبات الحضور الدفاعي ضمن ثلاثية (الجيش المقاومة الشعب). أما إلى التاسع من آب فتتجه الأنظار ترقباً لما سيكشف عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بخصوص ما أكد أنها وثائق تثبت تورط الكيان الصهيوني في اغتيال الحريري الأب. وهنا مرة أخرى يبدو مربط الفرس المرحلي بانتظار أيلول بوصفه الموعد المفترض الذي ستعلن فيه ما تسمى بالمحكمة الدولية قرارها الظني واتهاماتها الموجهة حسب التسريبات إسرائيلية المصدر إلى حزب الله.

وبانتظار هذا التاريخ يبدو مسار الأحداث متجهاً أكثر فأكثر نحو توتير الأجواء في المنطقة وتحديداً في بلدان المواجهة وحولها:

* عدوان العديسة وتأكيد جيش الاحتلال أنه سيواصل قطع الأشجار على الحدود أي دعوة الجيش والمقاومة للنزال في وقت عزز فيه الأول قواته وانتشاره ودفاعاته وأعلنت فيه الثانية جهوزيتها ونيتها قطع يد العدوان إن امتدت مرة أخرى، إلى جانب سعي الكيان للحد من خسائره المتلاحقة- التي لم تنته بعد- التي يتكبدها في صفوف «طابوره الخامس» التجسسي في لبنان.

* القنبلة التي استهدفت الرئيس الإيراني والوضع في إيران والتي تبدو «إعلامية» أكثر من كونها «صوتية» في محيط موكبه، نظراً لتضارب الأنباء حول الحادثة، بما يثير اللغط حول انعدام الاستقرار و«رفع مستوى التمثيل» في التهديد والاستهداف إلى رؤوس هرم السلطة في طهران.

* عودة واشنطن لطرح ما يسمى «بالملف النووي السوري» ووضعه زعماً على قدر «خطورة وأهمية» نظيره الإيراني (!!) في محاولة تتوخى مجدداً عزل سورية أو بالأحرى تخشى من نتائج النشاط السياسي السوري على الساحة الدولية والإقليمية ودوره في قلب المعادلات السياسية في المنطقة والعالم بعد تعزيز «كسر حصار دمشق».

* تصعيد وتائر وأشكال العدوان والإجرام المختلفة في الضفة والقطاع إلى جانب عمليات الاستيطان والتهويد ووضع مخططات إزالة عشرات القرى العربية في النقب وصولاً إلى استفزازات نبش القبور العربية في القدس المحتلة.

* ولا يغيب هنا بالطبع «تهديدات» باراك اوباما «التحذيرية» لمحمود عباس من مغبة عدم الانصياع بالانتقال للمفاوضات المباشرة مع «الجانب الإسرائيلي» وعواقب ذلك على «العلاقات بين الفلسطينيين وواشنطن» و«مستقبل المساعدات الأمريكية» للسلطة الفلسطينية.

جمعاً يكن، تبدو كل مفاعيل «الحلول المركبة» المطبقة أمريكياً- صهيونياً تعمل في المنطقة بالاتجاهات العسكرية- الأمنية- السياسية على أن يخدم أحدها الآخر ويفضي إليه حسب الحاجة، وواسطة العقد الآن هي قرارات المحكمة التي يراد منها منذ الآن تكريس «الفوالق المذهبية» في لبنان من خلال «اتهام أبناء طائفة معينة بدم منتم لطائفة أخرى» وتعميمها في المنطقة وداخل بلدانها لتطبع التعامل اللاحق فيما بينها وضمن مكوناتها الطائفية، بما يسهل ويبرر التدخلات العسكرية أو الأعمال العدوانية أو الاضطرابات الداخلية، بما يشكل بمجمله غطاءً وتسويغاً للمفاوضات الاستسلامية من موقع الضعف والتهلهل والمزيد من الفرقة والانقسام، بما يؤدي بالتالي إلى نفخ الروح في المشروع المعادي المتعثر حتى الآن، لأسباب ذاتية موضوعية محلية وعالمية لا داع لتكرارها. ولكن السؤال في فترة «ما بعد العديسة» هو: هل ستبقى الدول والشعوب والقوى والفصائل والجهات المستهدفة في الحالة الانتظارية، أم ستنتقل  للإجهاز على العدو قبل أن يعاود التقاط أنفاسه؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.