المجر: الحكومة اليمينية تغلق أبوابها أمام IMF
حصل رفض الحكومة المجرية اليمينية المحافظة لقروض جديدة من صندوق النقد الدولي، على تأييد واسع من الرأي العام المجري، لكنه أثار أيضاً دهشة «المجتمع الدولي» الذي اعتاد مؤخراً على أنباء تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تعاني منها هذه الدولة التي انضمت إلى عضوية الإتحاد الأوربي في عام 2004.
واستند رئيس الحكومة، فيكتور اوربان، في قراره هذا إلى الشعبية التي يحظي بها حزبه-«الحركة المدنية المجرية» الذي عرف بعلاقاته الوثيقة باليمين المتطرف- بعد فوزه بأغلبية ساحقة في انتخابات نيسان الماضي، وهي التي ضمنت له ثلثي المقاعد البرلمانية والتمتع بنفوذ غير مسبوق منذ عقد التسعينيات.
وعرض صندوق النقد الدولي على المجر قرضاً جديداً لتمديد خط الائتمان الذي فتحه برصيد 20 مليار يورو في عام 2008 بالاتفاق مع الحكومة «الاشتراكية» السابقة.
ويأتي قرار رفض القرض في سياق مساعي الحكومة لاحتواء العجز العام من خلال فرض ضريبة جديدة على المصارف وغيرها من المؤسسات المالية، وهو ما قوبل بالرفض من جانب صندوق النقد الدولي الذي اعتبره إجراءً غير مقبول.
ومع ذلك، فقد أكد أوربان على عزمه المضي قدماً بهذه السياسة على الرغم من الانتقادات والتحذيرات الدولية بخطر انهيار العملة المجرية نتيجة لخنق الاستثمارات.
وتبرر الحكومة قرار فرض ضريبة موحدة على المصارف بنسبة 16 بالمئة بأنها سوف تعوض الدولة عن خفض ضريبة الدخل، وتساعد على تبسيط عملية تحصيل الضرائب وعلى تقليل التهرب من دفع الضرائب الذي يعتبر واحدا من العلل التي تعاني منها المجر منذ أمد طويل. كما تتماشى هذه السياسة مع وعود اوربان الانتخابية التي دافع فيها عن خفض الضرائب، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ووضع حد لتدابير التقشف، وهي التدابير التي حظيت بشعبية واسعة بين المواطنين المجريين، المستائين من التدخلات الأجنبية في شؤون بلادهم.
وبلغ رضا المجريين عن قرار الرفض حد أن الكثيرين منهم شعروا بنوع من الفخر الوطني لدى علمهم بأن الحكومة أبلغت وفد صندوق النقد الدولي الذي وصل إلى بودابست في تموز الماضي لمناقشة القرض الجديد، بأن رئيس الوزراء اوربان قد سافر إلى جنوب أفريقيا للتمتع بمشاهدة مباراة نهائي كأس العالم لكرة القدم.
وأعلن اوربان، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، أن المجر قد خفضت بالفعل حجم العجز من 9.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2006، إلى 4 في المائة في عام 2009، ما يجعل منها «بطل العالم في سباق تقليص الإنفاق».
وصرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوروبا الوسطى في بودابست زولت اينيدي، أن المجر تسجل الآن واحداً من أدنى معدلات العجز العام في الاتحاد الأوربي، بما يتجاوز المتوسط الأوربي بنسبة ضئيلة.
وأضاف «لكن هناك مشاكل اقتصادية أخرى، فالقليل من الناس يعملون أو يدفعون الضرائب في هذا البلد، وهناك مخاوف كبيرة من التقهقر إلى الوضع السابق مالم تجر الإصلاحات» الواجبة.
أما الكارثة المالية التي تنبأت بها معظم وسائل الإعلام المختصة في القطاع المالي من جراء الفشل في تجديد خط الائتمان، فلم تتبلور بعد في المجر على الرغم من تهديدات شركات التصنيف العالمية بخفض درجة المصداقية المالية لهذا البلد.
لكن هذه الشركات ما زالت تأمل في أن تستعيد الحكومة المجرية ارتباطاتها مع صندوق النقد الدولي، وذلك على الرغم من تشديد اوربان على أن أي اتفاق جديد يتم التوصل إليه «لن يكون مع صندوق النقد الدولي وإنما مع الإتحاد الأوربي».
نشرة «آي بي إس»