صور متباينة للتظاهرات في الأردن..

محمد أبو حجر- مراسل قاسيون - عمّان

كان الرابع عشر من كانون الثاني الماضي يوماً استثنائياً في تاريخ الشعب الأردني, فهو من جهة اليوم الذي سقط فيه أول طاغية عربي بثورة شعبية في تونس، ومن جهة أخرى هو تاريخ أول يوم من أيام ما عرف بجمعة الغضب في الأردن، والذي انتشرت الدعوات له على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

بدأت المسيرات في الجمعة الأولى كاحتجاج على السياسة الاقتصادية للحكومة ومطالبة بسقوط سمير الرفاعي وحكومته، تلك التي يقول المحتجون بأنها انتهجت سياسات حمّلت فيها الشرائح الفقيرة أثار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

أطلقت الدعوة الأولى قوى شعبية مختلفة خارج الأطر الحزبية, التي قاطعت جميعها المسيرة الأولى، بينما تواجد بعض من شبابها من دون أمر حزبي مباشر.

ومع استمرار الغضب وتكرار الدعوة لجمعة غضب ثانية انخرطت معظم أحزاب المعارضة في العملية الاحتجاجية.

وقد اتضح بشكل مبكر أن هناك دوراً لثورتي الشعب التونسي والمصري في زيادة التراكم بالحراك الأردني الغاضب، حيث راحت تظهر هتافات تربط بين الثورات الإقليمية والحراك المحلي وإحداها: «ثورة بتلف وبتدور.. يا أردن جاييك الدور»!.

بدأت المظاهرات كما أسلفنا مطالبة بإسقاط حكومة الرفاعي، ولكن بعد أن صدر أمر ملكي بحل الوزارة (وحده الملك يمتلك قرار تعيين وإسقاط الحكومات) تبلور وعي شعبي في الشارع أفضى بأن الأزمة أعمق من تغيير الأشخاص، بل تغوص فيما هو أعمق إلى أزمة في نهج سياسي توارثته الحكومات لن يؤدي بالضرورة إلا إلى إعادة إنتاج الأزمات, وعندها أصبحت الشعارات الاحتجاجية أكثر عمقاً، فرفضت تعيين معروف البخيت الوجه القديم للنظام كرئيس حكومة وراحت الشعارات تتبلور في ثلاثة محاور أولها المطالبة بملكية دستورية الملك فيها يملك ولا يحكم، وأن تصبح الحكومة منتخبة بالكامل ولا تعين تعييناً، وينادي بأن تربط صلاحيات الملك بالدستور بدلاً من كونها مطلقة، وكذلك مجموعة من الإصلاحات الوطنية والديمقراطية والاقتصادية.

بينما ينادي المحور الثاني بالعودة إلى دستور 1952، والذي يحد كثيراً من صلاحيات الملك، وقد يكون قادراً على أن يصبح محل إجماع شعبي.

أما الطرف الثالث فيرى بأنه يتجاوز الخطاب الإصلاحي الذي تتبناه معظم الأحزاب ليغوص في بحث حول ماهية الدور الوظيفي ومفهوم الدولة الوظيفية التي نشأت على أساسه الأردن, مطالباً بالقطيعة التامة مع نهج التبعية الذي تلعبه «الدولة الوظيفية» منذ تأسيسها, كذلك يطالب بإتاحة أوسع مجال للحريات الديمقراطية والتركيز على اقتصاد وطني اجتماعي ينظر إلى مصلحة الوطن من بوابة الفئات الشعبية ويسعى إلى إنشاء صناعة وطنية حديثة.

والمعبر عن هذا الطرح الأخير تيار جديد في الأردن تشكل خلال الحركة الاحتجاجية، وأطلق على نفسه اسم «الحراك الشبابي الأردني» وقوامه الأساسي مجموعة من الشباب الشيوعي واليساري والذي ترك الأحزاب معللاً ذلك بعدم رغبتها في لعب دور هام في الأحداث الجارية.

والجدير بالذكر أن هذا التيار لم يبلور نفسه بعد في إطار تنظيمي واضح- رغم نيته لفعل ذلك- ويرى شبيبة هذا التيار بأن سبب وجوده هو «تخلف الحركة الحزبية التقليدية وراء المطلب الجماهيري».

وبعد حوارنا مع أحد ممثلي هذا التيار تبدى لنا أن التفاصيل العامة عن عملية القطع التام مع نهج التبعية والتناقض بين مفهوم الدولة الوظيفية والدولة الوطنية لم تعرض بعد في أدبيات الحراك القليلة الصادرة حتى الآن, ولكنه طرح جديد على الشارع السياسي الأردني.. «رغم أن المفكر الأردني موفق محادين رئيس منتدى الفكر الاشتراكي سبق أن قدم هذا الطرح ولكن في سياق عمل فكري دون حامل سياسي للفكرة».

هذا ولا بد من التنويه إلى أن البلطجة لم تتأخر عن الساحة الأردنية هي الأخرى، ففي يوم الجمعة الموافق الثامن عشر من شباط قام البلطجية بقطع الطريق على المحتجين والاعتداء عليهم ما أدى إلى  إصابة عدد من المتظاهرين، بينهم محادين نفسه.