المقاومة اللبنانية في البازار الأمريكي لـ«التقاسم الطائفي السوري»
مع ازدياد تبلور توجه المشهد السوري العام نحوالحل السياسي بوصفه المخرج الوحيد من الأزمة السورية الشاملة والدامية، ومع وصول هذه الأزمة إلى استحقاقاتها الوطنية المفترضة بما تتضمنه حالياً من زيادة الفرز والاستقطاب، تسعى مختلف أطراف الصراع الداخلية والخارجية إلى تحسين ما تراه «مواقعها التفاوضية» باستخدام كل الأوراق بما فيها «القذرة» من شاكلة التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات العشوائية وعمليات الخطف والابتزاز وتجاهل المدنيين في عمليات القصف، إلخ.. وما لا يقل خطورة في هذا السياق هي محاولة بعض الجماعات المسلحة، وأغطيتها من المعارضة السياسية غير الوطنية سواء في سورية أولبنان، تحت وطأة «زنقتها» العسكرية توسيع دائرة الصراع باتجاه لبنان وتحديداً باتجاه حزب الله وذلك ضمن أجندة إقليمية دولية لا تخدم الشعب السوري باعتمادها بالدرجة الأولى على تأجيج الأبعاد الطائفية المقيتة خدمة للمشروع الأمريكي القائم على إحراق سورية من الداخل، ومن خلال وسائل مختلفة من بينها توظيف الأخطاء السياسية للحزب في قراءته المعلنة لمجمل الوضع السوري خلال عامين من عمر الأزمة وتركيزه على الشق التآمري على حساب مشروعية قضايا ومطالب الشعب السوري وحراكه السياسي والمطلبي بشقه السلمي بشهدائه ومعتقليه، وسط إشاعات وأقاويل واسعة الانتشار وغير منطقية عن تورط الحزب بشرياً لمصلحة النظام، ولتبقى في المقابل المحاولات المأجورة من أولئك المسلحين أشبه بكلام الحق الذي يراد به باطلا، لتوظيفه حصراً على طاولة الحوار المقبل في محاولة رسم لوحة مغايرة للتحالفات الخارجية والعلاقات الإقليمية السورية، ضمن خطاب شعبوي طائفي يتعمد الخلط بين إجمالي مشروع المقاومة وبعض تفاصيل أداء أدواتها الحاملة.
غالبية وسائل الإعلام العربية والدولية، وفي مقدمتها اللبنانية بطبيعة الحال، تغطي هذه الأيام «التهديدات» التي يطلقها «الجيش السوري الحر» باتجاه حزب الله وتتوعده بالقصف والرد داخل الأراضي اللبنانية وتحديداً في منطقة الهرمل قبالة القرى الموجودة داخل الأراضي السورية ويقطنها لبنانيون منذ عشرات السنين، فيما تذهب الأنباء التي تؤكد تنفيذ التهديدات وضرب مواقع ومرابض مدفعية لحزب الله في مهب النفي من قيادات الجيش اللبناني والحزب على حد سواء.
موقع «النشرة الالكترونية» اللبنانية أوضح في مادة نشرها مؤخراً أن القصة ليست بجديدة كما هي حال الحديث المضخم إلى حد بعيد عن تورط حزب الله في معارك كبيرة داخل تلك القرى. وقال الموقع «نقلاً عن مصادر واسعة الاطلاع» إن هذه القرى (الفاضلية وجرماش ولفتاية ودبين والناعم والقرينة وخربة حمام والذيابية وحويك والصفصافة والحمام وزيتا والسماقيات الشرقية وخربة التين) هي قرى مختلطة دينياً وطائفياً وحتى سياسياً ولا تخضع بهذا المعنى كلياً للحزب.
وتلفت المصادر إلى أن هذه القضية تعود إلى ما يقارب العام تقريباً عندما أقدمت مجموعات معارضة سورية على إختطاف مواطنين لبنانيين، مما دفع أقارب هؤلاء إلى الرد على هذه العملية عبر خطف معارضين سوريين بهدف إطلاق سراحهم، وتكشف أن الذي دفع أبناء هذه القرى إلى حمل السلاح بشكل أساسي هوإستهدافهم من هذه المجموعات بعد سيطرتها على مناطق محاذية.
وتضيف أن منطقة القصير في ريف حمص تعتبر معقلاً مهماً جداً لهذه المجموعات، لكنه أصبح محاصراً بشكل كامل تقريباً بعد الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش اللبناني في منطقة مشاريع القاع بعد حادثة عرسال وسيطرة الجيش السوري على معبر الجوسة، وتشير إلى أنها كانت تسلك طريق القصير- الجوسة- مشاريع القاع- عرسال لتأمين الإمدادات ونقل الجرحى، وتعتبر أنها تريد في هذه المرحلة تأمين هذا الأمر عبر ربط القصير بمنطقة وادي خالد في شمال لبنان، الذي يعتبر بيئة حاضنة لها، من خلال السيطرة على هذه القرى حيث تصبح على مشارف بلدة أكروم التي تقع في أعالي الوادي، بما يؤكد مرة أخرى، وبغض النظر عن بعض جوانب الأداء السياسي لحزب الله بخصوص الأزمة السورية، أن تهديدات ما يسمى بـ«الحر» هومحاولة لخلط الأوراق في سورية والمنطقة كرمى للأمريكي والصهيوني وحرف بوصلة الصراع الأساسي في المنطقة مع الكيان الإسرائيلي عن مسارها، تحت يافطة تضليلية تتحدث عن الدفاع عن السوريين.