العدو يناور: «الأمر الواقع» في الأقصى
من جملة التصعيدات التي شهدتها مدينة القدس المحتلة وعموم الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي، يبدو جلياً أن إدراك نضوج الظروف الموضوعية لانتفاضة ثالثة في فلسطين المحتلة لم يعد بعيداً حتى عن حسابات الكيان الصهيوني ذاته.
وإن كان الإدراك الصهيوني هذا مستمداً من واقعية سيناريو الانتفاضة الثالثة، يبقى أمام حكومة الكيان الدخول، قدر الإمكان، على خط التحكم في المسارات المتوقعة لهذا السيناريو. وفي هذا الصدد، بدا لافتاً عمل حكومة العدو على تكثيف الاجراءات الاستفزازية في مدينة القدس، ابتداءً من محاولات التقسيمين، الزماني والمكاني، للمسجد الأقصى، وصولاً إلى التضييقات المقصودة على جموع المصلين، عبر تكثيف الحضور العسكري والأمني الصهيوني بالقرب من بوابات المسجد.
في هذا الصدد، اندلعت يوم الخميس الماضي سلسلة عنيفة من المواجهات في مدينة القدس، خاض خلالها الفلسطينيون مواجهات دامية ضد قوات الاحتلال، بالاعتماد على الحجارة وزجاجات المولوتوف، ما أسفر عن إحراق حافلتين صهيونيتين، قبل أن تمتد المواجهات، خلال الساعات الأولى التي تلت صلاة الجمعة، لتشمل الأكثرية الساحقة من مدن وبلدات الضفة الغربية، والتي كان أعنفها عند حاجز قلنديا.
وبحسب بعض المحللين، فإن السياسة الإعلامية للعدو، وما تستند إليه من خطاباتٍ رسمية، تأتي في سياق العمل الصهيوني للتحكم بمسارات الانتفاضة المتوقعة، والذي يجري هذه المرة، بالمحاولات المحمومة لاختزال الصراع في فلسطين المحتلة، وتصويره على أنه «نزاع يهودي- إسلامي»، بما يخدم محاولات إجهاض الانتفاضة الثالثة المرتقبة.
وعلى الرغم من ذلك السلوك الإجرامي الصهيوني، إلا أن الثابت في أحداث القدس والضفة الغربية عموماً، يكمن في سقوط منطق «تحييد الضفة الغربية» عن باقي المجريات على الأرض الفلسطينية، المنطق الذي استند إليه كيان الاحتلال طويلاً، لتغييب قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني عن عملية المواجهة المتصاعدة.