«قاسيون» تواكب تظاهرة 9 أيلول: نحو الحشد في المناطق

«قاسيون» تواكب تظاهرة 9 أيلول: نحو الحشد في المناطق

لم يكن المشهد في «الوسط التجاري» للعاصمة اللبنانية مألوفاً يوم الأربعاء الماضي. فالمركز، الذي لم تنفك رمزيته تعبِّر عن طغم المال الحاكمة، بعد «إعادة إعماره»، على حساب الشريحة الأوسع من الشعب اللبناني، بات «يجتاحه» دورياً المتضررون من نظام التحاصص.

رغم العاصفة الرملية وأوضاع الطقس الرديئة، كان عدد المتظاهرين أمام ساحة رياض الصلح في بيروت، كفيلاً بإيصال الرسالة إلى قوى الفساد والتحاصص بمدى جدية الحراك الشعبي اللبناني، «على الرغم من كل ما يشوبه من معوقات، ومن اختلافاتٍ في توجهات الحملات المشاركة، ومدى جذرية بعضها»، حسب أحد الشباب المشاركين في تظاهرة الأربعاء.

رداً على حوار السلطة، الذي يعبر بحسب المشاركين عن اجتماعٍ ما بين قوى النهب لبحث سبل الالتفاف على حركة المتظاهرين في الشارع، اختارت الحملات المشاركة في الحراك الاحتجاج، بالتزامن مع جلسة الحوار، لرفض أية خططٍ من شأنها أن تجد «حلولاً» ترقيعية بما يخص أزمة «ملف النفايات». ورغم أن التظاهرة كانت موجهة لرفض هذه الجلسة، إلا أن طبيعة الهتافات والشعارات المرفوعة تجاوزت أزمة النفايات بكثير.

الأعداد إلى تزايد..

وارتقاب لحراك المناطق

«العدد المشارك في هذه المظاهرة هو نصف- أو أقل بقليل من نصف- أعداد المشاركين في مظاهرة الأسبوع الماضي، ونظراً لأوضاع الطقس الرديئة، فإن هذا العدد يوحي بالتفاؤل.. حيث نلتقط إشارات توسع الحراك من خلال العدد المتزايد للمتظاهرين في باقي المناطق اللبنانية، وهو ما يعني أن المظاهرات المركزية التي قد تجري في بيروت لاحقاً ستفاجئ الجميع من حيث الأعداد المشاركة فيها»، يقول أحد المشاركين في الحراك تحت يافطة «التيار النقابي المستقل»، ويشدد على أهمية التحرك في المناطق والقرى اللبنانية، لأن «عدد المتظاهرين في مكان ما ليس هو حاسماً، بل ما يعجل من سقوط قوة هذا النظام التحاصصي هو الحشد في المناطق كلها».

بحلول الساعة السادسة، كانت الحملات قد استكملت حضورها في الساحة: من الشعارات المناهضة للفساد والتحاصص، إلى المطالبة بإقرار حقوق الناس، بما فيها سلسلة الرتب والرواتب، مروراً بالشعارات التي رفعها المتضررون من جراء قانون الإيجارات، وصولاً إلى المطالبة بـ«إسقاط حكم المصرف». وإلى جانب ذلك، وفي جوٍ يسود فيه الحديث عن محاولات لفتح مطامر جديدة في القرى اللبنانية، برز الحضور الكثيف من المناطق اللبنانية، والذي ركَّزت شعاراته على رفض تحويل «عكار أو الناعمة أو صيدا أو البقاع  إلى مزبلة».

ما بعد التظاهرة: «حل السلطة مرفوض»

لم تكد تنتهي تظاهرة التاسع من أيلول، حتى أعلنت السلطة السياسية عن «حلٍّ» لأزمة النفايات، لا يخرج في مضمونه عن المحاولات السابقة لنظام التحاصص، من أجل الحفاظ على مستوى النهب في هذا الملف من خلال تحميل القرى الآثار الكارثية الناجمة عما يسمى بالمطامر.

وعلى الرغم من «الغلاف البراق» الذي حمله هذا الإعلان، إلا أن العديد ممن قابلتهم «قاسيون» يضعون هذه السياسة في إطار التراجع التدريجي لنظام التحاصص تحت ضغط الشارع، مؤكدين رفضهم المتواصل لها، ولأية حلول ترقيعية لا ترتقي لمستوى معالجة الأزمة في العمق.

وعلى الأرض، تبرز حملتا «حراك 29 آب» و«جاي التغيير» المشاركتان أيضاً في الحملات السابقة كـ«طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب». وتتبنى الحملتان رفض الفساد المعشش في هيكلية النظام اللبناني، وتطالبان بقانون انتخابات يعتمد النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي.