لتحويل الشعارات إلى برامجٍ سياسية

لتحويل الشعارات إلى برامجٍ سياسية

إثر تصاعد الحركة الشعبية في لبنان، تواجه قوى اليسار مهاماً عدة. من القراءة النظرية للملفات المستعصية، إلى الحضور الفاعل والتنظيمي في التحركات. ولذلك استطلعت «قاسيون» آراء بعض الرفاق من منظمي حملة «بدنا نحاسب» المشاركين أيضاً في حراك «طلعت ريحتكم».

«على خلفية موضوع النفايات وملف شركة سوكلين تحديداً، انفجرت باقي الملفات التي كانت حاضرة دائماً في الاحتجاجات المختلفة في السنوات الماضية، وتحول الخطاب من مطلبي متمحور حول النفايات، إلى خطابٍ سياسي مباشر، يحمِّل المسؤولية للسلطة، ويطالب باستقالة الحكومة»، بهذه الكلمات، عبَّر رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، حسان زيتوني، عن أن الحراك «ليس محطةً مستقلة أو فجائية في سياق الحالة السياسية في لبنان».

وحول تركيبة المشاركين في التحرك، ومشاربهم السياسية والاجتماعية، يؤكد زيتوني، أن طبيعة المشاركين تنقسم بين القوى المنظمة كاليسار، و«المجتمع المدني الذي يعمل على قضايا منفصلة، والمجموعات البيئية والحقوقية»، أما الحضور الأساس فهو «للفئات الشعبية غير المؤطرة سياسياً بشكلٍ مباشر»، والتي اجتذبها عنوان الحملة.

ولدى سؤالنا له عن نسب القوى السياسية في مقابل تعداد المهمشين المشاركين في التحركات، أكد زيتوني أن «القوى السياسية السلطوية هي بالطبع خارج الحراك. والقوى البديلة موجودة، لكنها، حتى الآن، ليست القوى الوازنة بالحد الذي يسمح لها أن تعطي الحراك عمقه وبعده السياسي الأكثر نضجاً».

في المقابل، يرى محمد المعوش، القيادي في الاتحاد أن عوامل عدة انعقدت لكي تطلق هذا الحراك الذي لم يكن في السابق متوقفاً أو منقطعاً عن الشارع، إنما توسع خلال الأيام الماضية «بسبب تعمق أزمة السلطة السياسية في لبنان، والتخبط الواقعة به مختلف القوى السياسية، وعجزها عن إدارة ملفات حيوية يومية، كالكهرباء والماء وآخرها النفايات، بوصفه ملفاً يلمس الحياة اليومية للناس بشكلٍ مباشر.. فكان السياسي والأمني والاقتصادي الاجتماعي مستويات مترابطة في النقمة الشعبية التي أطلت من خلال ملف النفايات، كجزء من سياق ممتد على مدى العشرين سنة الأخيرة»، ولهذا، يرجع معوش حالة «انفكاك مجموعات واسعة من الشباب عن وعيها التبعي لأحزاب السلطة منذ تعمق الأزمة السياسية ما بعد العام 2005».

ويضيف معوش أن «الحراك انطلق على خلفية اعتراضية، لا تملك طرحاً متبلوراً ككتلة متجانسة، وهو ما أضعف الشكل السياسي المباشر له، بالرغم من السقف «المرتفع» لشعار إسقاط النظام، والذي يظهر أنه إعادة إحياء للشعار «العربي» حول إسقاط النظام دون آفاق واعية ومحددة»، إلا أنه لا ينسى الإشارة إلى «الدور الذي يلعبه اليسار في حضوره ضمن لجنة التنظيم، في تحويل الشعارات إلى أهداف سياسية واضحة وملموسة، حول طبيعة التغيير المنشود، وشكل بناء السلطة البديلة وطابعها الطبقي.. فالأرضية الناضجة موضوعياً يفترض ترجمتها الى حالة سياسية تسير بشكل متراكم، ومحورتها حول طرح مركزي يجري التحريض حوله، مرتبط بالأهداف السياسية التي تطرح التغيير الجذري للنظام، في ظل ترجمة نقمة الناس إلى عناوين وبرامج تؤسس وتدفع نحو تأطير الحالة الاعتراضية، وتوسيعها وإعطائها عمقها وبعدها السياسي والاجتماعي كمضمون تغييري للنظام».