«النقد الدولي» يقضم حق الفقراء في التعليم
شهدت إسبانيا في عامي 2013- 2014 تحركات طلابية متزايدة تهدف إلى مقاومة رفع رسوم التعليم الجامعي، على أساس قانون «تحسين جودة التعليم» الليبرالي.
خلال هذا العام، أعلنت الحكومة الإسبانية، في شباط 2015، عزمها تطبيق التجربة البولونية لصندوق النقد الدولي في مجال التعليم الجامعي، حيث فرضت ارتفاعاً جديداً في رسوم التعليم، بدأ تطبيقه في شهر آذار الماضي.
نموذج إسبانيا: «تحسين الجودة» لصالح الأغنياء
ويقوم هذا النموذج على تخفيض سنوات الدراسة الجامعية من 4 سنوات إلى 3، مقابل رفع سنوات درجة الماجستير من سنتين إلى ثلاث سنوات، وتخفيض النفقات الحكومية للتعليم بنسبة 66%، وهذا يعني قضم 500 مليون يورو من النفقات الحكومية على التعليم العالي في إسبانيا، وكذلك، شمل النموذج تخفيض المنح التي كانت تعطى للفقراء بنسبة 75%، وارتفعت أجور التعليم الجامعي ، نتيجة لوصفة «النقد الدولي»، لتبلغ 20 ألف يورو في السنة الدراسية الجامعية، و60 ألف يورو في السنة بالنسبة للماجستير، ما يجعل التقدم في الدراسة حكراً على أبناء الطبقة الغنية.
ورداً على هذه الاجراءات، تشهد إسبانيا حراكاً طلابياً إضرابياً واسعاً منذ أوائل آذار الماضي، وما زالت مستمرة حتى الآن، ضد قانون الخصخصة الجديد، إذ شملت الإضرابات 2500 جامعةً ومعهداً ومدرسةً ثانوية، وبمشاركة عشرات الآلاف من الطلاب في 50 مدينة إسبانية.
النموذج الكندي: رفع وقمع
تنفيذاً لاقتراح «النقد الدولي»، قررت الحكومة الكندية نهاية عام 2012 رفع رسوم التعليم الجامعي بنسبة 83% على مدى خمس سنوات، وأصبحت الجامعات الكندية تتمتع بالرسوم الدراسية الأعلى في العالم. حيث تبلغ تكلفة دراسة طالب واحد، لمدة أربع سنوات جامعية، ما يوازي 58000 دولار وسطياً. مما يدفع أبناء الطبقات الفقيرة والوسطى إلى مغادرة التعليم العالي، أو استدانة عشرات الآلاف من الدولارات لتمويل دراستهم.
ولاستكمال حالة الإجهاز على الطالب، أصدرت الحكومة الكندية أحد أكثر القوانين قمعاً: هو قانون «بيل 78»، والذي منعت على أساسه الاحتجاجات والإضرابات الطلابية، التي أخذت تتصاعد، وترفع هتافاتها ضد رفع رسوم التعليم، ليلبي نداءاتها أكثر من 800 ألف طالب انضووا في الاحتجاجات.
خطط «النقد الدولي» حول التعليم
كتبت مجلة «التمويل والتنمية»، الصادرة عن صندوق النقد الدولي في حزيران 2005 (المجلَّد 42 العدد:2): «يواجه التعليم العالي مشاكل جدية في جميع أنحاء العالم، وتعاني الجامعات من نقص في التمويل»، وبموجب ذلك جرى اقتراح «خطة تمويل التعليم العالي»، عبر «إصلاحات اقتصادية» اعتمدت إرجاع سبب تدهور التعليم بانخفاض الضرائب العامة «التي تؤدي إلى تخفيض النفقات الاجتماعية».
تقوم هذه الخطة التي- نفذت في بريطانيا أولاً دون مقاومة تذكر- على فكرة إعادة هيكلة أنظمة التعليم في بلدان العالم عبر رفع رسوم التعليم، وتخفيض النفقات الحكومية العامة، وأصبحت الرسوم تقارب الـ3000 جنية استرليني في السنة، ابتداءً من عام 2006.
لهذا الهدف، وعلى اعتبار أن الرأسماليين يجبرون شعوبهم وفقراء العالم على دفع ثمن أزمتهم الطاحنة، من شن الحروب، إلى سحق المكاسب الاقتصادية الاجتماعية، وليس انتهاءً بافتعال الأزمات في مجالاتٍ شتى، بما يضمن مراكمة أسرع في الربح، تقوم بعثات صندوق النقد الدولي بزيارات مكوكية إلى البلدان التي تطبق سياساتها، من أجل وضع «الخطط والاستراتيجيات» للحكومات في قطاع التعليم الجامعي، وتحديد آليات الإنفاق العام عبر تخفيض الدعم الاجتماعي ورفع رسوم التعليم العالي أكثر، بما يشكل انعكاساً للأزمات الرأسمالية، حيث يتفاقم الصراع حول التعليم في بلدن العالم، وتتواصل الحركات الطلابية المنادية بمجانية التعليم في جبهة واحدة ضد الليبرالية الجديدة وسياسات التقشف وقضم المكاسب الاجتماعية.