العراق المفلس يبيع نفطه بالدفع المسبق!
تجاوزت موازنات العراق، منذ العام 2003 لغاية هذا العام، الألف مليار دولار, تبخرت لتطير وتمطر في حسابات سرية أمريكية وأوروبية خاصة بالطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة، أما حصة الشعب، فكانت ولا تزال القتل والفقر والمرض.
كشف تقرير صادر عن «المركز العالمي للدراسات التنموية» أنه «لا يوجد أي أرصدة اليوم في صندوق تنمية العراق، الذي بلغت موجوداته 165 مليار دولار في العام 2009.. وذلك بسبب سوء الإدارة وحالات الفساد المالي والإداري». وأعلن التقرير أن العراق «فقد أكثر من 165 مليار دولار من صندوق تنمية العراق في ست سنوات فقط.. وإن سوء الإدارة وحالات الفساد المالي والإداري جعلت هذه الأرصدة الكبيرة تتقلص لتصل في العام 2012 إلى 18 مليار دولار. وفي العام 2013، تقلصت إلى 7 مليار دولار فقط، في حين عجزت الحكومة العراقية عن تبرير اختفاء 11 مليار دولار من تلك الأرصدة».
وفي السياق ذاته ، أوضح التقرير أن «صندوق تنمية العراق، الذي أنشئ عام 2003، لإيداع مبيعات المنتجات النفطية العراقية، بناءً على قرار مجلس الأمن رقم «1483» وصلت أرصدته إلى 165 مليار دولار في العام 2009، إلا أن هذه العائدات كانت عرضة للفساد، حيث اختفى 17 مليار دولار منها في العام 2003، في حين أعلن عن اختفاء 40 مليار دولار أخرى في العام 2010.. ولا يوجد أية أرصدة اليوم في صندوق تنمية العراق». ناهيكم عن الشكوك المثارة حول حجم احتياطي البنك المركزي العراقي..!
لم تجد السلطة المرتهنة لما يسمى بـ«اتفاق المصالح الاستراتيجي» مع المحتل الأمريكي، من سبيل لحل الأزمة سوى اللجوء إلى اللص نفسه للاقتراض منه، مع وعد علني قاطع بتجويع الشعب. إذ أُعلن الحل الحكومي على لسان وزير المالية، هوشيار زيباري، بالتوجه نحو الاقتراض من «البنك الدولي»، بضمان سندات بيع النفط العراقي إلى الشركات الإمبريالية العالمية على مدى العشرين سنة القادمة، وتعهَّد بالالتزام بشروط «البنك الدولي» برفع الدعم الحكومي للمواد الاستهلاكية، معلناً أن «العجز المالي في موازنة العام الحالي وحده بلغ 21 مليار دولار»، علماً أن التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن العراق يحتاج إلى 40 مليار دولار لتعويض الخسائر الناجمة عن حرب احتلال 40% من الأراضي العراقية على يد الذراع الأمريكي «داعش»، يضاف لها مبالغ أخرى لتعويض الخسائر التي أصابت قطاعات النفط والصناعة والزراعة والتعليم والصحة والخدمات وغيرها.
في المقابل، ردّ رئيس اللجنة المالية النيابية، أحمد الجلبي، على تحذيرات خجولة، صدرت في قاعة البرلمان، من مغبة رفع الدعم الحكومي في الجلسة المخصصة لإقرار ميزانية العام 2015، فلم يجد خجلاً من أن يلعن الشعب العراقي بلهجة عامية وعلى الهواء مباشرةً: «ألعن أبو الناس».
الأنكى من ذلك، أن مجلس الوزراء تبنى نهج استهتار الجلبي بالشعب العراقي، مبدياً في جلسته الاعتيادية الأخيرة التي عقدها برئاسة رئيس الحكومة، حيدر العبادي، الموافقة على التسعيرة الجديدة للطاقة الكهربائية التي ضاعفت سعر الوحدة الاستهلاكية عدة مرات، في بلد يضطر فيه المواطن إلى دفع مبلغٍ مهولٍ للحصول على الكهرباء من أصحاب المولدات الخاصة.
إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها العراق, ستعمق من تعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي العراقي, خصوصاً وأن المعركة ضد «داعش» تعاني من صراع الإرادات الطائفية الأثنية المتعارضة على طول الخط مع الإرادة الشعبية الوطنية العراقية، وتعاني من الغموض الذي شاب عملية تحرير تكريت، لناحية الشكوك والأسئلة المثارة، عن سرّ عدم وجود قتلى وجرحى وأسرى من «داعش» التي سبق لها أن أحكمت سيطرتها الكاملة على تكريت لما يقارب العشرة شهور، كل ذلك يبعث رائحة صفقات مشبوهة مع الإمبريالية الأمريكية.
منسق التيار اليساري الوطني العراقي