معالم مرحلة جديدة..
يؤكد الاتفاق المبدئي بين إيران وقوى السداسية الدولية، بما يحمله من ضمان لحقوق إيران باستخدام الطاقة النووية سلمياً، واقع التراجع الغربي في إطار الصراع الجاري في العالم بين قوى الهيمنة الآفلة، وقوى السلم الصاعدة.
لم يجبر «اتفاق الإطار» الموقع مؤخراً إيران على التنازل عن خطوطها الحمر التي كانت قد وضعتها قبل دخولها في عملية التفاوض. لا شروط على علاقاتها الخارجية، ولا تطبيع مع الولايات المتحدة، ولا قيود على قوتها النووية السلمية. حيث سارت المفاوضات، وخلصت، على أساس «مراقبة دولية للتخصيب السلمي، مقابل رفع العقوبات»، والذي يفتح الباب أمام إيران لاستعادة جزء فقدته سابقاً من علاقاتها الاقتصادية والعسكرية، وهذا ما يفسر التحريك الذي شهده ملف صفقة سلاح «S300» بين روسيا وإيران، على سبيل المثال، في يوم المفاوضات مع السداسية الدولية.
إن جملة المؤشرات التي ظهرت خلال المفاوضات، وما نتج عنها لاحقاً، تدلل من جديد على حالة الانكسار والتراجع التي تعتري الإمبريالية الغربية، التي ربأت بنفسها سابقاً عن مبادراتٍ أطلقتها إيران للوصول إلى اتفاقٍ ينهي الصراع القائم حول الملف، دون أن يسفر عن قضم حقوقها الطبيعية.
كذلك، فإن حل الملف النووي الإيراني، الذي ستشهد مفاوضاته جولة نهائية في حزيران المقبل، في ظل الواقع الجديد في ميزان القوى الدولي والإقليمي، والمتحرك إلى غير المصلحة الأمريكية والغربية، من شأنه أن يسهم في تغيير إحداثيات العديد من الملفات الإقليمية الأخرى العالقة، التي كانت تنتظر دفعاً جديداً، تماماً مثلما يشكل حل الأزمة السورية بالشكل المطلوب عند قيامه، قاطرة لحلحلة عدد آخر من تلك الملفات، بما يرفع من احتمالات تسريع الحلول السياسية على أكثر من جبهة مشتعلة في الإقليم.
من هنا، تبرز معالم المرحلة المقبلة على الصعيدين الدولي والإقليمي، والتي يزداد فيها رصيد القوى الساعية إلى الحلول السياسية والحوارات الوطنية، بين أقطاب النزاعات البينية التي عمل الغرب على إشعالها في العالم، ما يعني أن المهمة الأولى الملقاة على عاتق القوى السياسية المحلية في دول المنطقة، باتت تتمثل في ملاقاة الظرف الموضوعي المساعد الذي هيأته المتغيرات الإقليمية والدولية، لصالح الشعوب المثقلة بقوة عطالة المرحلة السابقة.