أزمة اليمن في طورها الجديد
مزيد من التعقيد يلف الحدث اليمني. فمع سقوط المبادرة الأمريكية- الخليجية في اليمن، دخلت دول الخليج في لعبةٍ "حربجية" إقليمية محفوفةً بالمخاطر وربما تكون مديدة ولكنها في كل الأحوال غير محسوبة النتائج. ويبدو أن الرياض، ومَن خلفها، يحاولون تعقيد خلط الأوراق وفتح بؤرة صراع جديدة، بهدف إعادة نفوذهم المتدهور يمنياً وإقليمياً وإنعاش محاولاتهم و«مبادراتهم» السابقة، في ظلِّ تصاعد احتمالات ارتداد ذلك التدخل على الداخل الخليجي، والسعودي منه خصوصاً.
مع الضربات الجوية الأولى فجر الخميس، سقطت تصريحات التحالف حول أن ضربات الطيران ستقتصر على «أهداف حوثية» سيجري التعامل معها بما يضمن عودة «الشرعية» إلى اليمن. إذ طالت هذه الضربات مؤسسات حكومية، ودوائر دولة، وبنية تحتية يمنية، من مطارات وقواعد عسكرية، وصولاً حتى للأسواق الشعبية وبعض الأحياء السكنية، ما أسفر عن سقوط العشرات من الضحايا، مدنيين ومقاتلين وعسكريين.
فإلى جانب بعض المواقع التابعة لحركة «أنصار الله» استهدفت الضربات الجوية منشآت حكومية يمنية حيوية، كمطار صنعاء الدولي وقاعدة الدليمي العسكرية ومعسكري سنحان والصباحة وقواعد الحديدة وتعز والعند الجوية والقصر الرئاسي في عدن، حيث تركزت الضربات في أربع محافظات يمنية هي صنعاء وصعدة ولحج وتعز.
دول العالم بين مؤيد ورافض
مع الساعات الأولى لـ«عاصفة الحزم»، التي كانت قد شكلت الحدث الأبرز خلال الأسبوع الفائت، انقسمت مواقف القوى الدولية إزاءها.
موسكو
في هذا السياق، عبرت روسيا، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، عن «ضرورة استئناف العملية التفاوضية في اليمن من أجل تسوية الأزمة هناك»، محذراً من أن «اللعب على التناقضات الطائفية أمر بالغ الخطورة». وانتقد الوزير الروسي «ممارسات الولايات المتحدة ومعاييرها المزدوجة إزاء الأوضاع في اليمن من جهة، والأزمة السياسية في أوكرانيا من جهة أخرى».
واشنطن
في المقابل، اشتغلت ماكينة المراوغة الإعلامية السياسية الأمريكية مجدداً، حيث أعلن الناطق باسم الخارجية الأمريكية، جيف راتكي، إن «الولايات المتحدة تفضل حلاً عن طريق التفاوض للقتال في اليمن، لكنها تتفهم المخاوف السعودية التي أدت للقيام بعمل عسكري هناك»...!
بروكسل
الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، أعربت عن قناعة الاتحاد بأن «الأحداث الأخيرة في اليمن يمكن أن يكون لها آثار إقليمية خطيرة، وأن العمليات العسكرية لا يمكن أن تحل الأزمة في البلاد»، وأشارت إلى أن «مجرد توافق سياسي واسع من خلال المفاوضات يمكن أن يؤدي إلى حلٍّ مستدام».
«التعاون الخليجي» وطهران
وفيما أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي بياناً مشتركاً أعلنت فيه أن «عاصفة الحزم» جاءت بعد أن قررت دوله «الاستجابة لطلب الرئيس هادي لحماية اليمن»، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن «الضربات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن يجب أن تتوقف وأن على كل الأطراف ذات النفوذ في البلاد السعي الى حل سياسي».
دمشق
أما وزارة الخارجية السورية فقد عبرت في بيان لها عن «قلقها العميق تجاه التطورات الخطيرة في اليمن الشقيق»، مؤكدةً ضرورة «احترام سيادة اليمن واستقلاله ووحدته أرضاً وشعباً»، ودعت الأطراف اليمنية إلى «الحوار في ما بينهم للتوصل الى حل سياسي، يلبي إرادة الشعب اليمني وتطلعاته»، وطالبت «المجتمع الدولي باحترام هذه الإرادة».
البورصة وأسعار النفط..
تذبذب وتقلبات
ساهم التدخل الخليجي في اليمن بخلق تقلبات واضحة سواءً في أسعار النفط أو في ارتفاع وهبوط الأسهم في البورصة الخليجية.
في الساعات الأولى للعملية، كانت أسعار النفط قد قفزت نحو 5% يوم الخميس لتسجل أكبر مكاسبها اليومية في شهر، إذ أثارت الضربات الجوية في اليمن مخاوفاً من أن يؤدي تصاعد الصراع في الشرق الأوسط إلى تعطل إمدادات المعروض العالمي. لتعود أسعار النفط يوم الجمعة 27 آذار إلى التراجع.
بموازاة ذلك، شهدت السوق الخليجية تبايناً ملحوظاً في مستوى الهبوط والصعود في مؤشراتها إثر تدخل التحالف السعودي في اليمن. ففيما ارتفعت المؤشرات السعودية الرئيسية بنسبة طفيفة بلغت 0.4%، شهدت مؤشرات دبي انخفاضاً بلغت نسبته 0.8%، وانخفضت مؤشرات بورصة قطر بالنسبة ذاتها.